حازم الخالدي
” إلى حيث القت ” ، البعض يكتفي بهذه العبارة ولا يكملها،ولكنها عبارة معروفة أخذت من شعر زهير بين أبي سلمي “إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم”.، واستخدمت في مجالات كثيرة.
لا أعرف لماذا خطر في بالي مثل هذا القول، وأنا جالس مع أحد الأصدقاء ممن تعرض إلى حالة من الظلم في عمله، نراها في واقعنا وتتكرر في مكاتبنا الادارية ،ولم أستغرب منه حجم التشفي على من غادر كرسيه إلى غير رجعة.
قطعت حالة السرور التي كانت بداخله ، وقلت له إلى هذه الدرجة؟ رد علي: لا بل وأكثر من ذلك، فمن كان يتجبر بك ويحابي الآخرين لمصالح شخصية وأمور لا تتفق مع القيم وتبقى في إطار ضيق ، وعمل على قطع رزقك ماذا تقول بهذا الشخص.
مهلك يا أخي بالعكس عليك أن تشفق عليه ، لأن الوظيفة لا تدوم، فاتركه وسيجد مصيره في النهاية، الزمن كفيل بعلاج مثل هؤلاء، الذين ينفصلون عن ذاتهم ولا يدركون ما يفعلون.
في هذه الحياة الكل يذهب ولا أحد يبقى ، هذه الحقيقة لا يدركها البعض من البشر، وخاصة الذين يتمترسون على كراسيهم ويحسبون أن الكرسي سيدوم لهم، معتقدين أنهم باقون ولن تزحزحهم عن كراسيهم حتى ” طنجرة تيفال”، يعني كما يقولون ” الكرسي دوار” مثل كرسي الحلاق لا أحد يدوم عليه، ولكنهم أيضا لا يدركون ذلك ولا يستمعون حتى لنصائح الأطباء الذين يقدمون نصائحهم لمثل هؤلاء بعدم الجلوس طويلا على الكرسي، حتى لا يلحقوا الضرر بأنفسهم ويتجنبوا بعض الأمراض، يبدو أن الجلوس طويلا لا يهمهم ” مش فارقة معاهم”، بالنسبة اليهم من شدة المعاناة التي تسببوا بها للآخرين ، أفقدتهم حاسيتهم في التعامل مع البشر.
هناك من جلسوا على كراسيهم ومارسوا الظلم وتجبروا على الناس وتمادوا في قراراتهم وفي تصرفاتهم، دون أن يدركوا أن” الظلم ظلمات”، مثل هؤلاء لا يفيقوا إلا عندما يذهبون ويخرجون من دائرة المسؤولية..
هذا واقع لا يدركه الجهلاء الذين لا يعرفون ماذا فعلوا ولا يدركون أن الدعوات تأخذ طريقها في أنفاس المظلومين .