صدى الشعب –
لا زالت الأصوات تتعالى والمطالب تتجدد بتأمين بيئة عمل لائقة للعاملين في الزراعة خاصة بعد وفاة 9 عمال من العاملين في قطاع الزراعة وإصابة 12 آخرين اثر حادث سير في محافظة المفرق.
ووفق تقرير صادر عن جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، فأن العديد من العاملين في قطاع الزراعة يواجهون تحديات تهدد حياتهم بشكل يومي والمتمثلة بمسألة التنقل، والحوادث التي يتعرضون لها خلال التنقل من وإلى العمل، التي أصبحت تشكل رعبًا حقيقيًا للعمال، من جرّاءِ تكرار الحوادث المؤلمة التي ذهب ضحيتها العديد منهم.
وكشف التقرير الذي حمل عنوان “عمال الزراعة..بلا ضمانات في مواجهة الموت أو الإصابات”، أن عمال الزراعة يواجهون تحديات وظروفًا صعبة وخطرة في بيئة عملهم وانعدام للحمايات الاجتماعية، يُضاف إليها خطورة كبيرة تتمثل في آلية نقلهم إلى أماكن العمل، حيث إن العديد منهم معرضون لخطر الوفاة أو الإصابة بسبب عدم توفر وسائل نقل أمنة.
وبين التقرير، أنّ هذه الفئة من اليد العاملة تساهم في الأمن الغذائي بالأردن، وغالبية أفرادها يعانون من مشكلات وظروف العمل والعيش، إلى جانب تعرّضهم لسلسلة من الحوادث المميتة ذهب ضحيتها عمال زراعة على مدار سنوات، كل ذلك بفعل استهتار بعض أصحاب العمل والوسطاء “الشاويش” الذين يستهترون بوسائل نقل العمال.
ويوضح، أن عمال الزراعة يفتقرون إلى أدنى شروط العمل اللائق، إذ يتم استغلالهم، وغياب شروط الصحة والسلامة، مما يعرّض حياتهم للخطر، وقد أصبحت حوادث السير التي يذهب ضحيتها العمال والعاملات في الزراعة، تتكرر باستمرار، بسبب استعمال وسائل نقل مهترئة، أغلبها مخصصة لنقل البضائع، ومكتظة بالعاملين، يفوق عددهم الطاقة الاستيعابية.
ولفت إلى أن وسيلة التنقل، تهدد حياة العاملين في الزراعة لأنهم معرضين لوقوع الحوادث، خاصة أن هذه الحوادث مُتكررة ومؤلمة يذهب ضحيتها العديد من العمال جراء استخدام وسائل نقل غير آمنة لتسير غالبًا في طرق زراعية غير مؤهلة، كان آخرها الحادث الذي وقع خلال شهر حزيران من العام الحالي في منطقة البادية الشمالية وراح ضحيتها (9) أشخاص وأصيب (20) آخرين بكسور وجروح ورضوض مختلفة في الجسم.
وكشف تقرير الصادر عن جمعية تمكين تفاصيل الحادث، حيث غادر نحو25 عاملًا وعاملة في الساعة الخامسة مساءً بتاريخ 6/6/2023 إلى أماكن سكنهم (مخيم الزعتري) بعد انتهاء عملهم في المزرعة التي يعملون فيها، وصعدوا جميعًا إلى قفص وسيلة النقل” البنجو” التي تعود ملكيتها إلى السائق الذي يعمل أصلًا بمهنة “الشاويش” حيث إن هناك اتفاقًا بينه وبين صاحب العمل على جلب العمال ونقلهم مقابل أجر يومي، هذا غير الأجر الذي يحصل علية “الشاويش” من العمال مقابل أنه اختارهم للعمل في المزرعة.
وفي أثناء مسير وسيلة النقل وفقًا لعدد من المصابين التي توجهت من طريق يربط شارع بغداد الرئيسي ومنطقة المكيفتة وهو طريق من الإسفلت لكنه ضيق جدًا، كما أن السائق حسب من تم مقابلتهم من قبل فريق “تمكين” كان معاكسًا للسير، ذلك تجنبًا لضبطه من قبل شرطة السير، لتحصل بعد ذلك حادثة التصادم مع بيك آب (ديانا)التي كانت متجهة إلى منطقة المزارع ومحملة بالأقفاص الفارغة، وكشفت إدارة السير من جهتها، أن الحادث نتج لتحميل الركاب بالأماكن غير المخصصة لذلك “الصندوق الخلفي لمركبات الشحن”، ما تسبب بزيادة عدد وفيات الحادث.
أما عن أوضاع العمال وفقًا للتقرير، فتكمن في خروجهم صباحًا من مخيم الزعتري تحديدًا من (الساتر) وهو شيك مفتوح على حدود المخيم يخرج منه كل شخص لا يمتلك إجازة أو تصريح عمل.
أما بالنسبة للأجر فهو حسب من تمت مقابلتهم يحصل العامل على دينار واحد عن كل ساعة عمل مع العلم أن على كل عامل دفع دينار الى الشاويش وهو سوري الجنسية وسكان المخيم.
ووفقًا لزوجة أحد العمال الذين توفوا في الحادث فإن أغلب العمال لا يملكون تصاريح عمل، مشيرة أن المزرعة حيث لا توجد أي من مستلزمات السلامة العامة، ولا يتم توفير أدوات الصحة والسلامة المهنية مثل “الكفوف”، و “الكمامة” للعاملين.
وقالت السيدة التي جرى مقابلتها أن هنالك أيضًا 3 عمال ذكور دون 18 عامًا.
ونوه التقرير، أن عمال زراعة يعملون من خلال الاتفاق على اليومية والمقدرة بدينار على الساعة، وأنهم عمال (نقل) وهو المصطلح الدارج في عالم الزراعة في البادية الشرقية من المفرق والمقصود أنهم عمال يتم نقلهم من منطقة إلى أخرى، أي من مكان السكن إلى مكان العمل، وبالتالي هم ليسوا عمال (مخيم عشوائي) أي يعملون في نفس المنطقة، وبالتالي فهم يدفعون دينارًا عن كل عامل للشاويش الذي يجلبهم للعمل .
وأكد التقرير، أن من أهداف التنمية المستدامة وبحلول عام 2030، يُطلب من الدول الأعضاء (من بينها الأردن) توفير إمكانية وصول الجميع إلى منظومة نقل عام آمنة وميسورة الكلفة، ويسهل الوصول إليها ومستدامة، وتحسين السلامة على الطرق من خلال توسيع نطاق النقل العام.
وطالبت جمعية تمكين في تقريرها إيجاد آلية لتأمين نقل العمّال الزراعيين وسلامتهم، وتحسين خدمات النقل لتجنب الحوادث المأساوية.
إلى جانب العمل على توفير تدريب مناسب لسائقي وسائل النقل العمالية، بما في ذلك تعليمهم أفضل الممارسات في القيادة الآمنة والتصرف في حالات الطوارئ، والعمل على صيانة السيارات والمركبات بشكل دوري، وفحصها بانتظام للتأكد من سلامتها وأنظمتها الأساسية مثل الفرامل والإضاءة والإطارات.