حملات عدة أطلقها الأطباء المقيمون العاملون بدون أجر او ما يعرف اصطلاحا بـ”Unpaid”، منذ العام الماضي، والحكومة تصم آذانها عن مطالبهم خاصة وأن بعض المستشفيات تتعامل معهم بمبدأ “الاستعباد”.
ومؤخرا، انطلقت حملة إلكترونية تحت هاشتاق “#هجرتونا” استكمالا لحملة “#راتبي-حقي” التي سبقتها العام الماضي، يدعو هؤلاء الأطباء المقيمون العاملون بلا أجر في القطاعين العام والخاص إلى “إنصافهم ووقف تغول إدارات المستشفيات على حقوقهم”.
أحد الأطباء رفض الكشف عن اسمه قال في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) “أنا حالياً خريج طب بشري على مقعد تنافس، أهلي دفعوا علي على تعليمي 36 ألف دينار، ومن المفترض أني تخرجت لأعتمد على نفسي لا عالة على أهلي. فقط أريد وظيفة براتب فعمري يقترب من 30 عاما”.
في حين كتب زميل له على صفحته “أنا درست طب 6 سنوات، سنة امتياز، وسنتين طبيب عام، وأربع سنوات اختصاص غير مدفوعة الأجر unpaid وحاليا أبحث عن عمل منذ سنة.. 14 سنة مضت منذ أنهيت الدراسة في المدرسة”.
مواقع التواصل الاجتماعي صفحة الحملة على موقع “الفيسبوك”، تعج بشكاوى ومنشورات تتحدث عن الواقع الأليم الذي يعيشه هؤلاء الأطباء، في ظل صمت مستغرب من الجهات المعنية، في حين يؤكد الناطق الإعلامي باسم حملة “#هجرتونا” الدكتور طارق الخطيب، أن “هناك تغولا كبيرا من قبل المستشفيات الحكومية والخاصة على الأطباء وحقوقهم”، مشيرا الى أن استخدام نظام الإقامة غير مدفوعة الأجر مثال واقعي على ذلك.
وأضاف الخطيب، لـ”الغد”، إنه تم إطلاق حملة “#راتبي-حقي” العام الماضي، وتم البناء عليها في الأيام الماضية، حيث حققت الحملة الأولى جزءا من الأهداف منها تراجع أحد مستشفيات القطاع الخاص عن قرار تعيين أطباء بدون أجر وإعطاء أطباء آخرين رواتب لقاء عملهم.
وبين أن حملة “#هجرتونا” تأتي بعد قيام المستشفى بالاشتراط على الطبيب المقيم لقبول طلبه أن يكون برنامج عمله دون راتب، معتبرا أن “هذا الشرط يعد مخالفا لقانون العمل ولمختلف القوانين ذات العلاقة”.
ولفت الخطيب إلى أن برامج الإقامة في الأردن تنقسم إلى نوعين، أولها برنامج مدفوع الأجر للأطباء المعينين بعقود في مستشفيات وزارة الصحة وبعض المستشفيات الخاصة، والثاني هو الخاص ببرامج (unpaid) الذي يأتي استغلالا لحاجة الأطباء للمقاعد المتوفرة في المستشفيات، موضحا أن المقاعد المتوفرة براتب، قليلة نوعا ما، مقارنة بأعداد خريجي الطب سنويا.
وأضاف، إن هناك مستشفيات طرحت برامج، تقضي بأن “يدفع الطبيب من اجل الحصول على التدريب العملي، مبالغ لصالح المستشفيات تحت بند بدل تدريب، أقلها 1200 دينار سنويا وأكثرها 3600 دينار وفق الاختصاص”.
وقال، إن الحملة تعمل حاليا على عدة أهداف، ليس فقط وقف برامج الأجر غير المدفوع، وإنما للدفاع عن حقوق الأطباء المقيمين بشكل عام، ومنها إعادة تنظيم ساعات العمل وتنظيم علاقة الطبيب المقيم ببرنامج الإقامة، إضافة إلى رفع الظلم الواقع على بعض الطبيبات المقيمات كحرمانهن من إجازة الأمومة في بعض المستشفيات العامة والخاصة والتي تصل إلى 14 يوما فقط”.
ونوه الخطيب، إلى أن الحملة تعمل حاليا على مشروع نظام سيتم تقديمه للمجلس الطبي الأردني من خلال اللجنة الصحية في مجلس النواب، يهدف إلى تنظيم العلاقة بين برامج الإقامة والأطباء المقيمين.
ولفت إلى ان القائمين على الحملة، تواصلوا مع رئيس لجنة تسيير أعمال نقابة الأطباء، الدكتور محمد رسول الطراونة، والذي أكد لهم أن وزير الصحة الدكتور فراس الهواري متفهم لمطالب الحملة إلا أن هناك أولويات لدى الوزارة.
لكن الخطيب أشار الى أن الأطباء المقيمين يحتاجون إلى أكثر من “تفهم” لمطالبهم، خاصة وأن الهواري هو وزير الصحة ونقيب الأطباء ورئيس المجلس الطبي في الوقت ذاته.
وحول أعداد الأطباء المقيمين العاملين ضمن برنامج (unpaid) أكد الخطيب أن مقاعد الإقامة دون أجر حاليا تقدر بحوالي 35 % من أعداد المقيمين، تعادل 400 مقعد سنويا من أصل 1200.
وشدد الخطيب، على أن الحملة تسير ضمن برنامج محدد لها، حيث بدأت بالحملات الإلكترونية، وصولا إلى العمل على إصدار نظام يرتب العلاقة بين الطبيب المقيم وبرامج الإقامة إضافة إلى رفع قضايا من قبل الأطباء المتضررين على المستشفيات الذين عملوا معها ضمن نظام “السخرة”.
بدوره، أكد نقيب الأطباء الأسبق الدكتور أحمد العرموطي، أن الغالبية العظمى من أطباء الاختصاص لا يحصلون على أي مبلغ مقابل عملهم وجهدهم إلا في اختصاصات محددة.
وبين العرموطي أن هذا النظام لا ينسجم مع قانون العمل والعمال ولا نظام الخدمة المدنية، مشيرا إلى أن هذا النظام يستغل الطبيب مرة اخرى لأن الجهة التي يتدرب فيها غير ملزمة بتعيينه كموظف لديها.
وأشار إلى أن طبيب الإقامة يعمل بين 85 – 120 ساعة أسبوعيا، وعليه مسؤولية متابعة المرضى إضافة إلى المسؤولية القانونية إذا أخطأ أو قصر تجاه مريضه.
وشدد العرموطي على أن “قضية أطباء unpaid ترقى الى درجة الاستغلال والسخرة”، الأمر الذي يستدعي إنصاف هذه الفئة من الأطباء عبر تعيينهم كموظفين دائمين برواتب شهرية وفق القانون وعدم تحصيل رسوم اختصاص منهم.
فيما اعتبر عضو مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان، الدكتور إبراهيم البدور، في وقت سابق، أن نظام العمل بدون أجر للأطباء أو نظام الدفع مقابل التدريب، يعتبر تعديا على الحقوق الأساسية للأطباء.
وأشار البدور إلى أن “عدم إعطاء الأطباء أجرا بدل عملهم يعتبر تعديا صارخا على الحقوق التي نصت عليها اتفاقيات حقوق الإنسان”، مبينا أن مدة الإقامة تكون من 4-6 سنوات حسب الاختصاص تتخللها مناوبات بحيث يبقى الطبيب عدة أيام في المستشفى ومع ذلك يتم حرمانه من أقل الحقوق، فلا راتب ولا تأمين صحيا ولا “ضمان”.
وبلغ عدد طلاب الطب على مقاعد الدراسة العام الماضي 21 ألف طالب، منهم 10 آلاف يدرسون في الجامعات الأردنية، و11 ألفاً يدرسون الطب خارج الأردن، وهي أرقام كبيرة مقارنة بحجم التعيينات، فيما يصل عدد المستشفيات في المملكة إلى 117، منها 69 في القطاع الخاص، و31 في القطاع الحكومي ومستشفيين جامعيين اثنين.