صدى الشعب – كتبت مجد عدنان
في كل مدينة حكاية، وفي كل حكاية رجل صنع الفرق. وفي إربد، المدينة التي تتنفس التاريخ وتحتضن الطموح، كان للمهندس خالد خضير المرحوم حكاية لا تشبه سواها؛ حكاية رجلٍ لم يكتف بأن يكون مبدعًا في تصميم المباني، بل آمن أن أعظم ما يُشيَّد هو الإنسان، وأن أرقى هندسة هي هندسة العقول والضمائر.
خالد خضير، الذي حمل في قلبه نبض الوطن، وفي عقله خلاصة تجارب من الإمارات إلى دراسات أكاديمية عالمية، عاد إلى الأردن وقد اتسعت رؤيته، ونضج حلمه، فاختار أن يترجم خبراته لا في ناطحات السحاب، بل في صرحٍ تربوي يؤسس لجيل مختلف.
هكذا وُلدت فكرة أكاديمية مدرسة وروضة الباب العالي للتميز، لا كمؤسسة تعليمية فحسب، بل كمشروع نهضوي بدأ في عام 2022، ليكون منارة في شمال الأردن، ومختبرًا حقيقيًا لتجربة تعليمية فريدة تجمع بين الأصالة والإبداع، وبين القيم والمعرفة، وبين العلم والهوية.
لم تكن الأكاديمية عند المهندس خالد مشروعًا عابرًا، بل كانت بوصلةً مدروسة للتميّز والنجاح، انطلقت من قناعة راسخة أن التعليم هو الاستثمار الأذكى في الإنسان، وأن الطفل إذا تربى في بيئة محفزة ومؤمنة بقدراته، صار قادرًا على بناء مستقبلٍ يفوق التوقعات.
فجاء التأسيس على أسس راسخة:
بيئة تعليمية حديثة تحتضن الإبداع والتفكير الحر.
طواقم تربوية مدرّبة وفق أعلى المعايير.
تكامل بين المناهج الأكاديمية وتنمية الشخصية والمهارات.
اعتماد التكنولوجيا كأداة لا غاية، ومزجها بقيم الانضباط والاحترام.
لم يكن رحيل المهندس خالد خضير نهاية لحكايته، بل بداية لتجلي أثره. فكل جدار في الأكاديمية، وكل نشاط، وكل نجاح، ما هو إلا ترجمة حية لرؤيته، واستمرار حيّ لصوته الذي قال يومًا: “فلنؤسس مدرسة لا تُخرّج طلابًا فقط، بل تُخرج قادة”.
وها هي الأكاديمية اليوم، تسير بخطى واثقة نحو التوسّع والتجذّر، لتكون رمزًا للتعليم النوعي في الشمال، ومصدر إلهام لكل من آمن بأن الأحلام الكبيرة تبدأ من الإصرار، وتكتمل بالإخلاص.
في زمن يُقاس فيه النجاح بالأرقام، ترك خالد خضير إرثًا يُقاس بالأثر. بنى مدرسة، نعم، لكنه قبل ذلك بنى فكرة، وغرس حلمًا، وأشعل في قلوب المربين شعلةً لا تنطفئ.
رحم الله المهندس خالد خضير، وجعل من أكاديميته شاهدًا دائمًا على أن العظماء لا يرحلون… بل يتحولون إلى بوصلةٍ تهدي الآخرين إلى طريق التميّز...






