نبيل – الكوفحي
الخطط السليمة في كل المجالات تبنى على قواعد بيانات كافية ودقيقة، في تاريخ الحروب؛ كان القادة يحرصون على جمع المعلومات عن العدو، فيرسلون العيون للاستطلاع ويضعوا خطة الحرب والمواجهة، وكلما تغيرت المعلومات يتم تعديل الخطط.
في معركة بدر الكبرى، أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة يستطلعون اخبار جيش قريش فوجدوا غلامين وقدروا عدد جيش قريش بناء على تحقيق معهم.
في معركة الخندق وقد اشتد الريح والبرد، يطلب الرسول صلى الله عليه وسلم من الصحابة بقوله ( من ياتيني بخبر القوم) ولم يقم احد حتى امر الصحابي حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فتسلل لصفوف المشركين وأتى باخبارهم وعاد.
لعل من اكثر الامور تطورا هي طرق الاتصال وجمع المعلومات، فأصبحت مباشرة وغير مباشرة كالاقمار الصناعية، ويتم استخدام الشبكة العنكبوتية بشكل واسع في نقل البيانات عن بعد. واصبحت في الجيوش وحدات خاصة بذلك اصطلح على تسميتها ” بالاستخبارات العسكرية”. وتعد كافة مصادر البيانات من منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الويب المختلفة مصدرا مهما للمعلومات العسكرية ان تم تحليلها بطرق مناسبة. وهناك تجسس على شبكات الاتصالات المختلفة سواء كانت سلكية ام لاسلكية.
برغم كل هدا التطور لا زال العنصر البشري مهما في الحصول على معلومات حساسة وذات قيمة عالية، لذلك دأب الاحتلال على تجنيد ” العملاء ” في فلسطين المحتلة كما في الدول العربية والاجنبية بما فيها الحليفة له للحصول على معلومات تساعده في عدوانه على اهل فلسطين والامة كلها.
احد نقاط القوة التي امتلكها المجاهدون في فلسطين هي في الاهتمام بهذا المجال في جمع المعلومات عن الاحتلال، لذلك حينما حدثت عملية طوفان الاقصى بدى واضحا ان هناك معلومات كافية لبناء الخطة وتنفيذها بدرجة عالية من الاحتراف، ولولا تلك المعلومات المسبقة لربما لم تنجح بالمستوى الذي رأيناه.
في المقابل حذر الله سبحانه من افشاء السر وجعل ذلك خيانة، كما حذر من اللامبالاة ايضا في نقل المعلومات كما في قوله سبحانه (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)، وعدّ بعض المسلمين فعل حاطب ابن ابي بلتعة بارسال خبر تحرك المسلمين لأهل مكة خيانة.
لست بخبير في تفاصيل أمن المعلومات، لكن لخطورة الاختراقات المعلوماتية نشأ علم الامن السيبراني كما اسست وحدات خاصة به في كثير من المؤسسات. على مستوى الأشخاص يقع الكثيرون بعمليات اختراق وابتزاز احيانا بسبب قلة الاحتياط والتهاون في حفظ المعلومات.
أظن ( وليس كل الظن إثم) ان اهتمام بعض الدول بالمعلومات عن اعدائها الحقيقين ليس كافيا، وربما اهتمامها بمعلومات عن شعوبها يتجاوز المعقول وعلى حساب الاهتمام بالعدو.