صدى الشعب – أظهرت دراسة جديدة نشرت يوم 16 يناير/كانون الثاني الجاري في دورية “نيتشر فوتونيكس” (Nature Photonics) أن الليزر القوي الموجه نحو السماء يمكن أن يخلق قضيبا أو مسارا افتراضيا يمكنه أن يحول مسار ضربات الصواعق.
وقد تمهد هذه النتائج الطريق لتحسين أساليب حماية البنية التحتية الحيوية، مثل محطات الطاقة والمطارات ومنصات الإطلاق، من مخاطر الصواعق.
ويعمل شعاع الليزر الموجه نحو السماء كقضيب افتراضي متحرك، ويمكن أن يقدم بديلا للطرق التقليدية. وسبق أن استكشفت فكرة استخدام نبضات الليزر المكثفة لتوجيه ضربات الصواعق في ظروف معملية.
ومع ذلك، لم تكن توجد نتيجة ميدانية سابقا توضح بالتجربة نجاح توجيه البرق بواسطة الليزر.
مانعة الصواعق
حتى الآن، أكثر أجهزة الحماية من الصواعق شيوعا هي قضيب فرانكلين، وهو عمود معدني موصل كهربائيا طوله أمتار مثبت على الأرض، يعترض تصريفات الصواعق ويوجهها بأمان إلى الأرض. وتجذب الموصلية المعدنية للمعدن البرق الذي قد يضرب المباني المجاورة أو الأشخاص، مما يغذي تلك الكهرباء بأمان في الأرض. لكن المنطقة المحمية بواسطة مانع الصواعق محدودة بارتفاع العمود.
ويوضح المؤلفون أنه لحماية منشآت البنية التحتية الكبيرة بشكل جيد، مثل المطارات أو منصات إطلاق الصواريخ أو مزارع الرياح على سبيل المثال، فسنحتاج إلى مانعة صواعق بحجم كيلومتر، أو مئات الأمتار، حسب الهدف المطلوب حمايته. وحينئذ سيكون مثل هذا القضيب المعدني الطويل غير عملي، لكن الليزر يمكن أن يصل إلى هذا الحد، ويعترض صواعق بعيدة ويوجهها إلى قضبان معدنية أرضية.
اختبر الفريق هذه الفكرة على قمة جبل سانتيس في شمال شرقي سويسرا، حيث نصبوا ليزرا عالي الطاقة بحجم سيارة كبيرة، يطلق ما يصل إلى ألف نبضة في الثانية، بالقرب من برج اتصالات يضربه البرق نحو 100 مرة في السنة.
وعلى مدار أكثر من 6 ساعات من التشغيل أثناء نشاط العواصف الرعدية، لاحظ المؤلفون أن الليزر حوّل مسار 4 شحنات برق صاعدة.
وللتأكد من النتائج، استخدم المؤلفون الموجات الكهرومغناطيسية العالية التردد الناتجة عن البرق لتحديد موقع الضربات. كذلك أكدت زيادة الكشف عن انفجارات الأشعة السينية في وقت الضربات نجاح التوجيه، وسجلت إحدى الضربات مباشرة بواسطة كاميرات عالية السرعة تمكنت من تتبع مسار الليزر لأكثر من 50 مترا.
استدعاء تجارب سابقة
قال المؤلف الرئيسي للدراسة أورلين هوارد، الباحث في الفيزياء في معهد “البوليتكنيك” في باريس، في تصريح للجزيرة نت، “اقترحت هذه المنهجية في السبعينيات، وأجريت اختبارات عديدة في التسعينيات في اليابان، وفي عام 2004 في الولايات المتحدة الأميركية، لكنها لم تنجح”.
وأضاف “الاختلاف المهم في تجربتنا هو أننا اخترنا موقعا حيث توجد الكثير من أحداث البرق وحيث يبدأ البرق دائما من البرج. ونظرا لوجود الجبل وارتفاع البرج، فإن برج سانتيس يستقبل بوادر البرق، ومن ثم فهو مثالي لدراسة البرق وتفاعله مع الليزر. ففي مواقع أخرى، يجب أن تنتظر سنوات لترى برقين يظهران في المكان نفسه”.
ويرى المؤلف الرئيسي للدراسة أن التكنولوجيا المستخدمة عادة اليوم للحماية من الصواعق هي مانعة الصواعق التي اخترعها بنجامين فرانكلين في القرن الـ18 (قضيب فرانكلين)، التي تحمي المباني ومحيطها المباشر، لكن المساحة التي يحميها هذا القضيب محدودة ببضعة أمتار أو عشرات الأمتار، في حين سيسمح قضيب الليزر بعد ذلك بتمديد المنطقة المحمية بشكل كبير إلى مئات الأمتار أو أكثر.
ويشدد الباحث على أن هذه التجربة هي دليل على صحة الفرضية، لكن يجب إجراء مزيد من الدراسات قبل الحصول على حماية قابلة للاستدامة من الصواعق باستخدام الليزر.