صدى الشعب – كتبت رولا حبش
هناك محطات في الحياة لا نمرّ بها مرور الكرام محطات نخرج منها مختلفين، أكثر وعياً، وأكثر امتناناً
ومشاركتي في نشاط استقبال أطفال غزة الجرحى والمتضررين القادمين للعلاج في الأردن كانت واحدة من تلك اللحظات الفارقة التي تركت أثراً عميقاً في قلبي ووعيي .
اقيم هذا اللقاء الإنساني النبيل بتوصية كريمة من جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ، وبرعاية سعادة النائب هدى نفاع وبتنظيم من نادي ليونز هوب، بقيادة السيدة فاديا حداد.
اهتمام جلالة الملك بهؤلاء الأطفال، وإيعازه بتكفّل علاجهم وإقامتهم في الأردن مع عائلاتهم طوال فترة العلاج، لم يكن مجرد قرار رسمي، بل موقف إنساني عميق
موقف يؤكد أن الأردن، بقيادته، لا يرى في الجريح رقماً، بل إنساناً له الحق في الأمان والشفاء والكرامة
وفي هذا المشهد الإنساني، برزت إنسانية سعادة النائب هدى نفاع بشكل لافت
لم تكتفِ بالحضور الرسمي، بل جلست مع العائلات، تحدثت إليهم، استمعت لقصصهم، واحتوت آلامهم بقلب أم حنون
كانت قريبة، صادقة، بلا حواجز
إنسانيتها كانت حاضرة في التفاصيل الصغيرة، في الإصغاء، في النظرات، وفي الكلمات التي تشبه البلسم.
أما نادي ليونز هوب، بقيادة السيدة فاديا حداد، فقد قدّم نموذجاً مشرفاً للعمل التطوعي القائم على الحب غير المشروط
نشاطات تنبع من القلب وتصل إلى القلب
عمل إنساني لا تحكمه المظاهر، بل تحركه النوايا الصادقة والرغبة الحقيقية في التخفيف عن الآخرين
وكان لفارس الاحتفال، السيد خضر مشربش، حضور دافئ ومؤثر
قدّم الطرود والهدايا للعائلات بكرم حاتمي، وبروح عطاء جعلت كل أسرة تشعر بأنها ليست وحدها
كرم لا يُقاس بقيمة ما قُدّم، بل بما زرعه من طمأنينة وابتسامة في القلوب
لكن المفاجأة الأكبر بالنسبة لي كانت في لقائي المباشر مع الأطفال المصابين وعائلاتهم
دخلت اللقاء وأنا أتوقع أن أجد نفوساً منهكة، وأرواحاً مثقلة بالألم
عرضت عليهم خدماتي في الدعم النفسي، ظناً مني أنهم في أمسّ الحاجة إليها
إلا أنني وجدت ما لم أتوقع
وجدت قوة
وإيماناً
وتفاؤلاً يدهش القلب
رغم فقدان أطراف
رغم إصابات بالغة
رغم عيون فقدت النور
كانت أرواحهم مضيئة
وكانت كلماتهم بسيطة وعميقة: “بُكره أحلى”
تعلمت منهم أن القوة الحقيقية لا تسكن الجسد، بل الروح
وأن الأمل قد يولد من قلب الألم، لا بعده
وأن الإنسان حين يؤمن، يصبح أقوى من جراحه
وفي ختام هذا المشهد الإنساني المؤثر، كان الدعاء واحداً على ألسنة الجميع
دعاء صادق لجلالة الملك عبدالله الثاني
لأنه كان سبباً في علاجهم، واحتضانهم، وتأمين الإقامة لهم ولعائلاتهم طوال فترة العلاج
ولأن الأردن فتح لهم قلبه قبل أن يفتح لهم أبوابه
كانت تجربة غيّرتني
وأضافت إلى روحي درساً لا يُنسى
لأن بعض اللقاءات لا تُمحى من الذاكرة















