صدى الشعب – تمثل رواية مصفوفة الشطرنج التبانية للأستاذ كاظم منعطفًا فكريًا وأدبيًا مهمًا في عالم السرد العربي، إذ لم تكتفِ بكونها نصًا إبداعيًا، بل تجاوزت ذلك لتكون أداةً لاستنهاض العقل من سباته الطويل. الرواية جاءت لتدعو القارئ إلى التحرر من التبعية الفكرية، وإلى إعادة تفعيل ملكة التفكير والتدبر في ضوء النصوص الكبرى، وعلى رأسها النص القراني
تقوم الرواية على تفجير منابع العقل بوصفه وسيلةً لفهم الوجود والإنسان والغاية. فهي تضع أمام القارئ صورة شبيهة بساحة الشطرنج، حيث لا يتحقق النصر إلا بالتفكير العميق والحساب الدقيق للخطوات. الرواية توحي بأن الحياة والفكر والدين جميعها تحتاج إلى هذه الرؤية العقلانية، بعيدًا عن الاقتداء الأعمى الذي كبل الأجيال وأبقاها في دائرة اجترار الأفكار القديمة دون مساءلة أو تطوير.
يحمل عنوان الرواية “مصفوفة الشطرنج التبانية” دلالات رمزية غنية:
الشطرنج: يرمز إلى التفكير الاستراتيجي، والتخطيط، ومواجهة التحديات بعقل يقظ.
التبانيه: توحي بالنمو والتجدد، فكما ينمو النبات في بيئة خصبة، ينمو الفكر حين يُمنح الحرية في التدبر.
المصفوفة: تشير إلى أن النصوص والمعاني تتشابك في نظام معقد، يحتاج إلى عقل ناقد لفك رموزه.
موقف الرواية من “الجهالات المقدسة”
الرواية تُعد “قنبلة فكرية” في وجه ما يُسمى بـ الجهالات المقدسة، أي تلك الموروثات التي اكتسبت حصانة زائفة بمرور الزمن، رغم أنها أبعدت الأجيال عن جوهر النصوص الأصلية. فهي تُعيد التأكيد أن القرآن الكريم يحمل مفاتيح كل شيء، لكنه لا يُفتح إلا لمن يقترب بعقل متدبر، لا بعين مقلد.
الأثر الفكري للرواية
إحياء قيمة التدبر القرآني بعيدًا عن التلقين.
منح العقل أدوات وآليات للتفكير الحر.
دعوة القارئ إلى التحرر من التبعية والعودة إلى الأصل (الكتاب الإلهي) كمصدر مفتوح للمعاني والدلالات.
كشف أن النصوص الحية لا تنتهي معانيها، بل تبقى ينابيع متدفقة إلى يوم القيامة
لقد جسدت رواية مصفوفة الشطرنج التبانية مشروعًا تحرريًا للعقل العربي والإسلامي، إذ دفعت القارئ إلى طرح الأسئلة بدلًا من اجترار الأجوبة الجاهزة، وفتحت آفاقًا لا تنتهي للتأمل والتدبر. وبذلك تُصبح الرواية صرخة ضد الجمود الفكري، ونداءً للعودة إلى التدبر الحقيقي في كتاب الله، حيث تكمن المفاتيح الكبرى لفهم الحياة والوجود..






