صدى الشعب – محمد قطيشات
شهدت القمة العربية الثانية والثلاثين التي عقدت أمس في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية توافقًا عربيًا قبل وأثناء اجتماعاتها، وتجسد ذلك التوافق في إقرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ما يشير إلى دور عربي أكثر فعالية، حيث كان محوره اجتماع عمان التشاوري الذي عقد مؤخرًا ينطلق من المساعي المشتركة الرامية لاستعادة سوريا أمنها واستقرارها وعافيتها ودورها الرئيس في المنطقة والعالم.
والأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني لم يتغيب عن أي قمة عربية رغم التحديات والتداعيات الجيوسياسية في المنطقة والعالم، وكان ولا يزال الحاضر بقوة ويبذل أقصى الجهود بقيادته الحكيمة لتعزيز التضامن العربي، وبناء موقف عربي موحد تجاه كافة القضايا والمستجدات العالمية والإقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي كانت وما زالت وستبقى القضية المركزية الأولى.
وباعتبار أن الظروف والأزمات الحالية المعقدة وتداعياتها تتطلب تنسيق الجهود والتشاور لتفعيل العمل العربي المشترك، ومن منطلق الاعتزاز بالعلاقات الأخوية المميزة التي تجمع المملكة بالأشقاء العرب، بادر الأردن بعقد اجتماع عمان التشاوري بمشاركة وزراء خارجية المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية وجمهورية العراق وجمهورية مصر العربية مع وزير خارجية الجمهورية العربية السورية وذلك للبناء على الاتصالات التي قامت بها هذه الدول مع الحكومة السورية وفي سياق طروحاتها، والمبادرة الأردنية للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية، وفي إطار الحفاظ على المصالح العربية المشتركة، حيث أفضت تلك الجهود إلى إعادة دمشق إلى محيطها العربي بعد عزلة استمرّت أكثر من 11 عامًا وشاركت سوريا في القمة العربية في جدة.
وجاءت مشاركة جلالة الملك عبد الله الثاني الذي ترأس الوفد الأردني إلى أعمال القمة، إلى جانب عدد من الزعماء والقادة ورؤساء الوفود العربية في أعمال الدورة الثانية والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، التي انطلقت أمس في مدينة جدة السعودية، ، وبمشاركة سورية رسمية، ضمن متغيرات جيوسياسية تحيط بالمنطقة والعالم، حيث سعي قادة دول المنطقة الى تعميق التعاون العربي المشترك ومناقشة التحديات والأزمات ابتداء من القضية الفلسطينية والملف السوري والأزمة السودانية وبقية الملفات كاليمن وليبيا ولبنان .
وجاء الموقف الأردني واضحًا، حيث أكد جلالة الملك في الكلمة التي ألقاها في القمة العربية، أن القضية الفلسطينية لا تزال محور الاهتمام، ولا يمكن أن نتخلى عن سعينا لتحقيق السلام العادل والشامل، والذي لن يتحقق إذا لم يحصل الشعب الفلسطيني الشقيق على حقه في الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية على أساس حل الدولتين
وأكد جلالته، أنه لا يمكن للسلام والأمن أن يتحققا مع استمرار بناء المستوطنات، ومصادرة الأراضي، وهدم البيوت، وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتدمير الفرص المتبقية لتحقيق حل الدولتين، الذي يمنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، فالبديل عن ذلك سيضع المنطقة بأكملها على طريق الصراع المستمر .
وشدد جلالة الملك، أنه ليس هناك أهم بالنسبة لنا من احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، المدينة المقدسة التي نكرس كل إمكاناتنا من أجل حمايتها والحفاظ على هويتها العربية الإسلامية والمسيحية، انطلاقا من الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات.
وقال جلالته خلال كلمته في القمة العربية الـ 32 في جدة “لقد حذرنا مرارًا من استمرار الأزمة السورية دون حل، فقد دفع الشعب السوري الشقيق ثمنها غاليا، وانعكست آثارها علينا جميعا”.
وأشار جلالته، حذرنا مرارًا من استمرار الأزمة السورية دون حل، قد دفع الشعب السوري الشقيق ثمنها غاليًا، وانعكست آثارها علينا جميعًا، ونرحب اليوم بعودة سوريا إلى الجامعة العربية كخطوة مهمة نأمل أن تسهم في جهود إنهاء الأزمة.
وأعاد جلالته التأكيد على أهمية تعزيز المسار السياسي الذي انطلق من اجتماع عمّان، وبنى على المبادرة الأردنية والجهود السعودية والعربية لإنهاء الأزمة ومعالجة تداعياتها الإنسانية والأمنية والسياسية، لكي يعود اللاجئون إلى وطنهم.
وبالنسبة للعراق الشقيق، أعاد جلالته التأكيد على أن استقرار العراق استقرار لمنطقتنا وأمنه جزء من أمننا القومي، وإننا في هذا الصدد، ندعم الخطوات التي تقوم بها الحكومة العراقية، بما يعيد للعراق دوره ومكانته ضمن محيطه العربي، ويعزز استقراره وازدهاره وسيادته على أراضيه، ونتطلع للبناء على مؤتمر بغداد الأول ومؤتمر بغداد الثاني، في تعزيز التعاون الإقليمي مع العراق.
وأوضح جلالته في كلمته، أنه لا مجال للتباطؤ في انتهاز الفرص أمامنا، تحقيقا لمصالح بلداننا وشعوبنا، لذا، فلا بد من تكثيف اللقاءات العربية الدورية، وعلى أعلى المستويات، لتحقيق التكامل الاقتصادي في منطقتنا وتوحيد جهودنا السياسية والأمنية.
ويشكل الحضور الدبلوماسي رفيع المستور الذي شهدته قمة جدة مقارنة بالقمم التي عقدت في السنوات الماضية فرصة لتعزيز التضامن والتعاون العربي، وكذلك فرصة حقيقة لاستعادة قضايا عربية تركت للآخرين منذ زمن، وفرصة لا ينبغي تفويتها لمعالجة الأزمة التي تمر بها المنطقة العربية، حيث تضمن الإعلان الختامي للقمة، وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، إدانة الممارسات والانتهاكات التي تستهدف الفلسطينيين في أرواحهم ممتلكاتهم، والتأكيد على أهمية تكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية، والمطالبة بإيجاد أفق حقيقي لتحقيق السلام في فلسطين على أساس حل الدولتين.
وفيما يتعلق بسوريا، تضمن الإعلان التأكيد على الترحيب بالقرار الصادر عن اجتماع مجلس الجامعة على المستوى الوزاري، الذي تضمن استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس الجامعة والمنظمات التابعة لها، والتشديد على أهمية مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية لمساعدة سوريا على تجاوز أزمتها، وتعزيز الظروف المناسبة لعودة اللاجئين السوريين والحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية، ورفض التدخلات الأجنبية وأي وجود عسكري غير مشروع بسوريا.
وأكد القمة في بيانها الختامي على ضرورة التهدئة في السودان وتغليب الحوار والمحافظة على مؤسسات الدولة الوطنية، والتأكيد على الحيلولة دون أي تدخل خرجي يؤجج الصراع في السودان ويهدد الأمن والسلم الإقليمي، كما اعتبر اجتماعات جدة بين الفرقاء السودانيين خطوة مهمة يمكن البناء عليها.
وبخصوص الأزمة اليمنية، شدد إعلان جدة على دعم الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، ودعم مجلس القيادة الرئاسي في اليمن لإحلال الأمن والاستقرار، كما أكد إعلان جدة على ضرورة حل الأزمة الليبية في الإطار الليبي ودعم إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية كحل للخروج منها، وكذلك، دعم جهود توحيد القوات المسلحة الليبية وتثبيت وقف إطلاق النار، وفيما يتعلق بلبنان، حث البيان السلطات اللبنانية على “مواصلة الجهود لانتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة بأقرب وقت ممكن، وإجراء إصلاحات اقتصادية للخروج من الأزمة الخانقة”.