الشوشان: التكلفة والبنية التحتية أبرز تحديات التكنولوجيا الزراعية
العوران: القطاع الزراعي بحاجة ماسة للتكنولوجيا لتقليل الفاقد وزيادة الكفاءة
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
قال خبراء ومختصون في الشأن الزراعي والبيئي إن التكنولوجيا الحديثة أصبحت ضرورة ملحّة لمواجهة تحديات التغير المناخي وارتفاع تكاليف الإنتاج في القطاع الزراعي، مؤكدين أنها تسهم في تعزيز الكفاءة وتحقيق الاستدامة، إلى جانب دورها الحيوي في إدارة الموارد، وزيادة الإنتاج، وتحسين جودة المحاصيل.
وأشاروا خلال حديثهم لـ”صدى الشعب” إلى أن إدخال تقنيات مثل الطائرات بدون طيار، والزراعة الذكية، وأنظمة الري المستدامة، والذكاء الاصطناعي، ويساعد المزارعين على التكيف مع الظروف المناخية القاسية، والتقليل من الفاقد، ورفع كفاءة استخدام المياه والطاقة، في وقت يشهد فيه القطاع الزراعي اختناقات تسويقية وشحًا متزايدًا في الموارد.
وشددوا على ضرورة توفير الدعم الحكومي والمالي، وتحسين البنية التحتية، لضمان وصول هذه التقنيات إلى المزارعين، خاصة في المناطق الأكثر تضررًا، محذرين من أن غياب هذا الدعم قد يعمق الفجوة الاقتصادية ويحد من فرص التكيف في مواجهة تغير المناخ.
وكانت هيئة تنظيم الطيران المدني قد أصدرت أول من أمس تعديلًا على التعليمات لتنظيم استخدام وتشغيل الطائرات المسيرة لعام 2025، في إطار توجه حكومي لتحديث التشريعات المرتبطة بالمجال الجوي ودعم الابتكار التكنولوجي.
وتهدف التعليمات، التي صدرت استناداً لقانون الطيران المدني رقم 41 لسنة 2007 وتعديلاته، لضبط عمليات ترخيص وتصنيع وتشغيل الطائرات المسيرة، عبر اعتماد إطار قانوني وأمني متكامل يضمن تعزيز الأمن الوطني وتطوير القطاعات الاقتصادية المرتبطة باستخدام هذه الطائرات.
وتشمل المجالات التي ستسمح بها التعليمات الجديدة استخدام الطائرات المسيرة في التسويق السياحي، ومراقبة المحاصيل الزراعية، وإدارة عمليات التوصيل والخدمات اللوجستية.
ضرورة الدعم حكومي لتصل للمزارعين الأكثر تضررًا
وفي هذا الاطار، أكد خبير السياسات البيئية والزراعية الدكتور عمر الشوشان أن استخدام التكنولوجيا الحديثة يُعد أداة قوية لمواجهة تحديات التغير المناخي في قطاع الزراعة وأنظمة الري، حيث تسهم في تعزيز الكفاءة وتحقيق الاستدامة.
وأشار الشوشان خلال حديثه لـ”صدى الشعب” إلى أن انتشار هذه التقنيات يتطلب دعمًا ماليًا وحكوميًا لضمان وصولها إلى المزارعين في المناطق الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية، إضاقة إلى ضرورة تحسين البنية التحتية لتكون قادرة على تحمل الظروف القاسية.
وقال إن استخدام التكنولوجيا الحديثة في الزراعة وأنظمة الري، مع التركيز على التغير المناخي، يشمل عدة أدوات وتقنيات مثل الزراعة الذكية، التي تُستخدم لمواجهة اثأر التغير المناخي.
وأوضح أن من أبرز هذه التقنيات الاستشعار عن بُعد، حيث تُستخدم الطائرات بدون طيار وصور الأقمار الصناعية لرصد التغيرات المناخية مثل الجفاف أو الفيضانات، مما يساعد في تعديل خطط الزراعة بسرعة.
كما أشار إلى دور أنترنت الأشياء (IoT) من خلال أجهزة استشعار ترصد التغيرات في رطوبة التربة ودرجات الحرارة، ما يساهم في اتخاذ قرارات فورية للتكيف مع التقلبات المناخية.
وأضاف أن من بين الحلول أيضاً الزراعة المائية والعمودية، التي تقلل الاعتماد على الظروف المناخية الخارجية، حيث تُزرع المحاصيل في بيئات مغلقة يتم فيها التحكم في الرطوبة والإضاءة.
أما النوع الثاني من هذه التقنيات، وفق الشوشان، فهو أنظمة الري المستدامة، مثل الري بالتنقيط، الذي يوفر المياه في ظل الجفاف الناتج عن التغير المناخي من خلال توجيه الماء مباشرة إلى جذور النباتات، كما يشمل الري الذكي، الذي يعتمد على بيانات الطقس الحية لضبط كميات الري، ما يقلل من الهدر أثناء موجات الحر أو ارتفاع الرطوبة.
وأشار إلى أهمية جمع مياه الأمطار باستخدام أنظمة تخزين ذكية في المناطق التي تعاني من هطول غير منتظم بسبب التغير المناخي.
وأشار إلى أن النوع الثالث من هذه الأدوات يتمثل في الذكاء الاصطناعي للتنبؤ والتكيف، حيث تُستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بتغيرات المناخ مثل موجات الحر أو العواصف، وتُقترح من خلالها محاصيل مقاومة للجفاف أو الملوحة، كما تُمكّن هذه النماذج من تحليل البيانات لتحديد أفضل أوقات الزراعة والري بناءً على التوقعات المناخية طويلة المدى.
وأكد أن استخدام التكنولوجيًا في الزراعة تحمل العديد من الإيجابيات، أبرزها تعزيز المرونة، حيث تساعد التكنولوجيا المزارعين على التكيف مع الجفاف، والفيضانات، وارتفاع درجات الحرارة من خلال أنظمة ري فعالة ومحاصيل مقاومة.
وأضاف أن الزراعة الذكية تسهم أيضاً في تقليل الانبعاثات، إذ أن الزراعة الدقيقة تحد من استخدام الأسمدة والمبيدات، مما يساهم في تخفيف البصمة الكربونية.
وأشار إلى دور هذه التقنيات في إدارة الموارد، من خلال تحسين استخدام المياه والطاقة، خصوصًا في ظل ندرة الموارد الناتجة عن التغير المناخي.
كما أوضح أن الزراعة الذكية تسهم في زيادة الأمن الغذائي والمنعة المناخية، من خلال ضمان إنتاج زراعي مستقر رغم الظروف المناخية القاسية.
وتحدث عن عدد من سلبيات الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في سياق التغير المناخي، مشيرًا إلى أنها قد تشكل تحديًا في بعض المناطق المتضررة.
وأوضح أن من أبرز هذه السلبيات التكلفة الباهظة، حيث أن الأنظمة المتقدمة تُعد مكلفة، وقد لا يتمكن المزارعون في المناطق المتأثرة بالمناخ من تحمّلها.
وأضاف أن هناك حاجة واضحة إلى بنية تحتية ملائمة، إذ أن أنظمة الري الذكية تتطلب توفر الكهرباء والأنترنت، وهي خدمات لا تكون متاحة دائما في المناطق التي تعاني من اثأر التغير المناخي.
كما أشار إلى وجود تحديات تقنية، حيث إن الأعطال الناتجة عن العواصف أو الحرارة الشديدة قد تؤثر على كفاءة الأنظمة الإلكترونية وتعطلها.
وأكد أن هناك تفاوتًا اقتصاديًا، حيث أن المناطق الفقيرة، والتي غالبًا ما تكون الأكثر عرضة للتغير المناخي، قد لا تستفيد من هذه التقنيات بسبب نقص التمويل والدعم اللازم.
تعزز الأمن الغذائي وتدعم اتخاذ قرارات دقيقة
من جانبه أكد مدير عام اتحاد المزارعين الأردنيين، المهندس محمود العوران، أن استخدام التكنولوجيا في القطاع الزراعي يحمل فوائد عديدة، خاصة في ظل الظروف الحالية المتمثلة بارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج، والتغيرات المناخية، وعلى رأسها شح الأمطار، أضافه إلى الاختناقات التسويقية.
وأوضح العوران خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن إدخال التكنولوجيا في العمليات الزراعية يُسهم في زيادة الكفاءة وتقليل الفاقد ما بعد الحصاد، كما أن جودة المحاصيل أصبحت تلعب دورًا كبيرًا في تطوير هذا القطاع.
وأشار إلى أن القطاع الزراعي بدأ فعليًا باستخدام الطائرات بدون طيار (الدرونز) المزودة بكاميرات وحساسات، مشددًا على أن عنصر الوقت بات عاملًا مهمًا جدًا، وتوفر هذه التقنيات القدرة على العمل بدقة وسرعة أكبر.
وأضاف أن القطاع الزراعي بحاجة ماسة إلى التكنولوجيا، مشيرًا إلى أهمية البحث العلمي في دعم هذا التحول لتحقيق إنتاج أفضل وتوفير في التكاليف، خصوصًا في ظل التحديات المرتبطة بارتفاع الأسعار وأزمة العمالة.
كما لفت إلى أن استخدام الطائرات الدرون في عمليات الرش الزراعي يمثل حلًا فعالًا، خاصة في المناطق التي لا يمكن للأليات التقليدية الوصول إليها.
وقال إن الاعتماد على العمالة في تلك المناطق يشكل مخاطر صحية، وقد تم تسجيل حوادث لدغات أفاعٍ وعقارب بين العاملين، مما يجعل من استخدام التكنولوجيا خيارًا اكثر أمانًا ويوفر الوقت والجهد ويُحقق نتائج إيجابيه.
وأكد أن التكنولوجيا تعتبر من العوامل الأساسية لتحسين الإنتاج الزراعي، إلى جانب دورها المهم في إدارة المياه بكفاءة والاستخدام الأمثل للموارد المائية، وكذلك مراقبة الأحوال الجوية بشكل مستمر، مشيرًا إلى أن هذه العناصر باتت ضرورية اكثر من أي وقت مضى في ظل التغيرات المناخية.
وقال إن التكنولوجيا تتيح مراقبة دورية للقطاع الزراعي، ما يعزز من القدرة على اتخاذ قرارات سريعة ومبنية على بيانات دقيقة.






