الأخت دميانا بدر
مديرة مدرسة راهبات الوردية / العقبة
وتبدأ الحكاية… ويستمر المشوار مع الهاشميين الأبطال، فعلى مدى مئة عام مضت، سطرنا قصة نضال وتضحية في بناء وطننا الأردني الهاشمي… هذا الوطن، الذي أُنشىء وسط منطقة مليئة بالحروبات والاضطرابات والانقسامات والمشاحنات، ورغم ذلك، استطاع الهاشميون بروح الحكمة والحنكة من بناء دولة أردنية يسودها العدل والدستور والقانون… بدءاً بعهد جلالة الملك المؤسس عبدالله الأول، والذي بخبرته السياسية ورؤيته الثاقبة، استطاع إلغاء الانتداب البريطاني على الأردن بصفتها ارضاً عربية مستقلة، فأسس إمارة شرق الاردن، ووضع قانوناً أساسياً لها… واستمر النضال على يده، حتى وصل الأردن إلى مرحلة استكمال بناء مؤسساته الدستورية… لتحقيق دولة ذات سيادة قادرة على إدارة شؤونها بنفسها، ولم يكن ذلك سهلاً لولا تضافر الجهود للقيادة الهاشمية آنذاك، والوعي الأردني الطموح في إنشاء دولة المؤسسات والقانون، وتتويجاً لجهود سمو الأمير عبدالله بن الحسين ونضاله المستمر، حصلت إمارة شرق الأردن على استقلالها من بريطانيا بتاريخ 1946… ولم تتوقف الحكاية على أردننا فحسب، فقد عقد الشعب الفلسطيني آماله على قيام وحدة ثنائية مع الأردن بعد حرب 1948 حين فقد الشعب الفلسطيني معظم أراضيه، ونتيجة للعلاقات الأخوية بين الشعبين، والروابط التاريخية، وللحفاظ على ما تبقى من أراضيهم، جاء مشروع وحدة الضفتين عام 1950، وكانت وحدة الضفتين طريقاً نحو الوحدة العربية، وظلت القدس تلوح في أفق الملك المؤسس ووجدانه، وظل حريصاً على أداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى حتى استشهد عام 1951… ولوفاء الهاشميين ” قصة نبيلة ” فقد نودي بالأمير طلال ملكاً للبلاد، ولم تستمر مسيرته طويلاً ولكنها كانت مليئة بالإنجازات من أهمها ” إصدار الدستور الأردني وإنشاء ديوان المحاسبة عام 1952…. ومع الملك الباني والغالي على قلوب الأردنيين جلالة الملك حسين بن طلال طيب الله ثراه، استمرت النجاحات والإنجازات… ومن أبرزها تعزيز النهج الديمقراطي، وتعريب الجيش العربي عام 1956، وإنهاء المعاهدة البريطانية عام 1957 ، وقد أجرى العديد من التعديلات الدستورية والتي تتناسب مع التطورات السياسية الداخلية بالرغم من التحديات التي واجهت الأردن، والتي تمثلت بالصراع مع اسرائيل، وقد ترتب على ذلك تعطيل للمؤسسات الدستورية، ومع ذلك استطاع جلالته العودة إلى الحياة النيابية عام 1984 وتفعيل الحياة السياسية والحزبية، عن طريق الانتخابات النيابية عام 1989 والميثاق الوطني 1991 وقانون الأحزاب 1992… ما يميز عهد الملك حسين بن طلال، هو النشاط السياسي للاردن على صعيد العلاقات العربية والدولية… وفي عام 1999 توفي الملك الأب حسين بن طلال طيب الله ثراه… وفي 7/2/1999 تولى الملك المعزز عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه سلطاته الدستورية، لتبدأ حكاية جديدة من حكايات الإنجاز الأردني، ومن أهمها الإنجازات السياسية الداخلية في إنشاء محكمة دستورية للرقابة على دستورية القوانين والأنظمة، وتأسيس هيئة مستقلة للانتخابات، وإعادة النظر بالقوانين الناظمة للعمل السياسي، وقانون اللامركزية، ونشر سلسلة من الأوراق النقاشية من أجل أن يشارك الأردنيون في رؤيته الإصلاحية، لإنضاج الديمقراطية، والحوار البناء، والمشاركة في صنع القرار، وهذا ما سميّ بـ ” المواطنة الفاعلة “. وعلى الصعيد الخارجي، وفي معظم لقاءاته كان الداعم الرئيس للشعب الفلسطيني في عودته لأرضه، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وإبراز صورة الإسلام السمحة في كل المحافل الدولية، وإعلان رسالة عمان للإسهام في محاربة التطرف والإرهاب، والمشاركة في المؤتمرات العالمية من أجل الوقوف إلى جانب الدول العربية…
وتستمر المسيرة… ويستمر الطموح مع الملك الإنسان الذي أحبَّ شعبه، وعشق مملكته، ووفى بوعده حين أقسم: بأن أحافظ على الدستور وأن أخلص للأمة… وأكمل مسيرة والده الباني… في تحقيق المزيد من الإنجازات التنموية والسياسية والإقتصادية، وتحقيق الاستقرار والأمن والعدالة واحترام التعددية، وترسيخ الديمقراطية والانفتاح على العالم، بالتعاون مع مؤسسات الدولة وقواتها المسلحة وأجهزتها الأمنية .. فبلسان شعبنا الأردني يا سيدي دعني أقول لك:
دُمتَ للأمجادِ سيفاً و كِتاباَ ملكاً يزهُو به المجدُ انتسابا
شامخُ الراياتِ ما أغلقتَ بابا يا أبَ الضيغمِ يا حصناً مُهابا
هذا الوطن الأنموذج العربي الحي، والمعروف للجميع بواحة السلام.. نعتز ونفخر به وبعروبتنا فيه، وبولائنا الأردني له، وبقيادتنا الهاشمية الحكيمة عليه… فقد رسمنا لوحتنا الأردنية طيلة مئة عام، من نهج الوفاء والإنتماء، وبألوان العروبة والوطنية – من شتى المنابت والأصول- ، ومن كرم الضيافة، والنخوة والشهامة، وإغاثة الملهوف… حتى أصبح الوطن شامخاً: كشموخ جبالها العظيمة، وساطعاً: كسطوع الشمس في عنان السماء، وواحة: للأمن والاستقرار…
ومن هنا: فإن احتفاليتنا بمئوية تأسيس الدولة الأردنية، لهو دليلٌ على إيماننا المطلق، بأننا نعيش في مجتمع قوي موحد ومتماسك، تحت مظلة الهاشميين الأبطال، وبأننا ننتمي إلى قيم التحدي والصمود والإنجاز، وبأننا نؤمن بأن قدراتنا الأردنية، ستدفعنا في المُضي قدماً نحو مستقبل مليء بالتقدم والنهوض والإزدهار، وبأننا قادرين على تخطي كل الصعوبات والتحديات الإقتصادية والسياسية والصحية التي تواجه مملكتنا الهاشمية.
وأخيراً: أقول لكل من يريد تشويه قصتنا الجميلة والمختصرة بمئة عام…
أردن أرض العزم أغنية الظبى نبت السيوف وحد سيفك ما نبا
في حجم بعض الورد إلا إنه لك شوكة ردت إلى الشرق الصـبا
حمى الله الأردن ملكاً وشعباً ووطناً من كل مكروه