بقلم المستشار محمد الملكاوي
منذ (الثانية) الأولى التي حظي فيها الباشا مازن الفراية على الثقة الملكية وزيراً للداخلية بدأ المعارضون بإطلاق السهام نحو رأسه العسكري الممهور بالجندية المخلصة حتى النخاج، وحِرفيته ومهنيته الإدارية التي اكتسبها في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، وكركيته الممهورة بسهول إربد في الشمال، وقِممِ مرتفعات البلقاء الشامخة في الوسط، ولهيب حرارة صيف (وادي اليُتم) في الجنوب، مروراً بصمود مياه سد (برقع) أمام الجفاف في البادية الشمالية، وقصر الخرّانة الذي يحكي جزءاً من تاريخ الأردن في البادية الوسطى، ووادي (رم) الذي كان يحتضن القمر قبل ميلاد البشرية بالآف السنوات في البادية الجنوبية.
لم يهبط الفراية على وزارة الداخلية بالبراشوت، ولم يدخلها متسللاً من الباب الخلفي، أو على ظهر سيارة عمّانية فارهة كما يعتقد البعض، بل دخلها بانتماء عسكريته الأردنية التي نعتز بها ونفاخر، وجاء من أهم مؤسسة وطنية في مرحلة جائحة كورونا وهو المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، أي بمعنى أن الذي كان يتبوأ منصب نائب رئيس المركز كان في عين عاصفة فيروس كورونا، لهذا فلم يكن من المستبعد حينذاك أن تقصيه أي أزمة من أزمات الجائحة وتلقي به بعيداً إذا أخطأ، مثلما يجب أن لا يكون مستغرباً أن يتقدم الفراية إلى الأمام وأن يتقلد منصباً أعلى وأرفع إذا أحسن إدارته لملفات المركز (الصحية والأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإنسانية وغيرها)، وهذا ما حصل، ويحق له أن يفخر بما أنجز.
ثم ازداد انهمار السهام على الباشا الفراية بعدما تم تكليفه بحقيبة وزير الصحة مؤقتاً إلى جانب حقيبة الداخلية، لإدارة هذه الوزارة خاصة بعد أن فقدنا ثلة كريمة من أبناء السلط الذين كانوا يرقدون على أسرّة الشفاء في مستشفى السلط الحكومي بسبب نقص الأوكسجين، ونسىي أو تناسى المعارضون له بأن مهام نائب رئيس المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات في ظل جائحة كورونا كانت تماثل وتوازي مهام عمل العديد من الوزراء، وهذا يعني بأنه كان رجل المهمات المتعددة في آن واحد في مركز الأزمات.
الباشا الفراية ليس نبياً ولا ولياً ولا ساحراً ولا معصوماً أو مدعوماً من جهة خارجية، بل هو جندي أردني استطاع بحكمته العسكرية أن يدير ملفات خطيرة صعبة في مرحلة حرجة مؤخراً في المركز الوطني للأمن وأدارة الأزمات، وهذا ما نريده بالضبط (قيادياً إدارياً ناجحاً) لإدارة الأزمات، لهذا أقول بأن دمج ملفي الداخلية والصحة في هذه المرحلة مؤقتاً كان خياراً صائباً لحين تعيين وزير صحة جديد، ولكن القرار الأصوب من وجهة نظري أيضاً هو تولي قيادي عسكري رصين وأمين وخبير كان في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات لهذين الملفين المهمين في وزارتي الداخلية والصحة، في ظل ارتفاع إصابات كورونا يومياً في المملكة خاصة في العاصمة عمان، والتي أوقعت الأردن في دائرة الخطر على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، ويهدد النظامين الصحي والأمني والاقتصادي والسياسي الأردني بشكل كبير.
وما أخشاه أن بعض المعارضين في الأردن يحاربون القيادي الناجح إدارياً ومهنياً في قواتنا المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية والوطنية إذا تبوأ منصباً مدنياً، لأن هذا هو الخطر الحقيقي على الوطن، جرّاء التشكيك بقيادات يمثلون أهم المؤسسات الوطنية العسكرية والأمنية خاصة في أوقات الأزمات والكوارث، باعتبارهم لا يصلحون للمناصب المدنية العليا، وهذا تمييز عدائي وخطير ضد فئة قيادية من أبناء الوطن المتقاعدين من قواتنا المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية الذين ساهموا ويساهمون في حماية الوطن وتعزيز الأمن والأمان والاستقرار وهم على رأس عملهم أو بعد تقاعدهم..
لهذا رسالتي للباشا الفراية وزير الداخلية ووزير الصحة في هذه المرحلة العصيبة التي نواجه فيها مخاطر وتحديات جائحة كورونا بأن لا تعمل هذه السهام على إبطائك في مهامك الوطنية في الوزارتين معالي الباشا، وان لا تلتفت إلى الوراء كثيراً لأن هذه السهام يجب أن لا تكون أكثر من مطعوم (vaccine) لزيادة مناعتك لتكون على قدر الثقة التي أولاها لك جلالة الملك في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ الدولة الأردنية، ونحن على أعتاب المئوية الثانية للمملكة.