ماذا سيحدث في عمان هذه الأيام؟

الأزمات التي تتنزل على المنطقة، لا تعني أبدا، الاستسلام لها، فهذه أزمات ليست جديدة، والمنطقة تواجه إشكالات كثيرة، طوال عمرها، ولا بد من النجاة من هذه الظروف.

النظام الرسمي العربي، يواجه تحديات كثيرة، بسبب مشاكل كل دولة على حدة، والمشاكل في الإقليم، والصراعات المختلفة، إضافة الى الضغوطات الاقتصادية، وتدخل القوى الإقليمية، وما نجم مثلا عن وباء كورونا، من تداعيات وكلف، وهذا كله يعني أن المنطقة أمام أحد مسربين، إما الاستسلام لهذه الظروف الصعبة، أو تحديها والخروج منها، بأقل الكلف.
الأردن، رغم كل الضغوطات التي تعانيها خاصرته الداخلية، والحرائق من حوله، يعاند هذا الظرف، ويحاول أن يجد لنفسه خريطة طريق، للنجاة وسط هذا الإقليم، خصوصا مع تغير المعادلات العربية والإقليمية، والأجندات الدولية، وسط تضارب في كل المؤشرات.
هذا يفسر أن الاتصالات الأردنية العربية والدولية، تعاظمت خلال الأشهر القليلة الماضية، من أجل فك الأطواق، وتحسين الظروف، بدلا من الاستسلام لها، ولهذا مثلا، جاءت العلاقة الثلاثية الأردنية المصرية العراقية، نموذجا سياسياً واقتصادياً، قابلا للتطور، وسط حالة التشظي التي تعانيها المنطقة، وقد شهدنا قمما أردنية مصرية عراقية، في أكثر من دولة من هذه الدول، في سياقات رسم خريطة جديدة للعلاقات الاقتصادية، على أساس تفاهم سياسي، بين هذه الدول، ضمن محددات مشتركة، وسنشهد نهاية الأسبوع الحالي، عقد قمة ثلاثية أردنية مصرية عراقية في الأردن، حيث سيكون رئيس الوزراء المصري في الأردن، وسيشارك وزراء عراقيون في هذه القمة، للتفاهم حول قضايا كثيرة، وتعزيز التعاون.
لكن قبل هذه القمة الثلاثية، تأتي قمة أردنية مصرية، مع مطلع الأسبوع الحالي؛ أي اجتماعات اللجنة العليا الأردنية المصرية، وهي اجتماعات مستمرة، وسيشارك بها رئيسا وزراء البلدين، والوزراء من الحكومتين، للتباحث في العلاقات المشتركة، والتعاون السياسي والاقتصادي، خصوصا أن مجالات التعاون مع المصريين تشمل كل شيء، من النقل الى الطاقة، وصولا الى التعليم والمشاريع المشتركة، والتخطيط للمستقبل، فهي علاقة ثنائية مهمة، خصوصا بسبب الروابط التي تجمع أيضا الشعبين على مدى تاريخ طويل من العلاقات والتواصل.
هذا يعني أن الأسبوع الحالي ابتداء من يوم غد وحتى الخميس سيكون حافلا على الصعيد السياسي في الأردن، وميزة الأردن هنا، أن له علاقات جيدة بكل الأطراف، ومهما قيل في التحليلات السياسية حول طبيعة العلاقات بين الأردن، وأي بلد آخر، إلا أن المشترك أن الأردن له علاقات مع الكل، ويستطيع التواصل مع كل الأطراف، حتى لو كان بينها تناقضات، وفي الوقت الذي كان فيه مراقبون يعتبرون أن العلاقات مع العراقيين ستبقى صعبة بسبب الملف الإيراني، وقضايا ثانية، إلا أن العلاقات مع العراق، بقيت جيدة، وليس أدل على ذلك من زيارة الملك لبغداد، وزيارة رؤساء الحكومات الأردنية الى العراق، إضافة للتوقعات حول زيارة جديدة مرتقبة للملك الى العراق، وهناك مؤشرات إيجابية من جانب العراقيين، تجعل الأردن أيضا في موقف الذي يريد تعزيز هذه العلاقة، ويكفي أن الأردن لم يتورط في كل ملفات الإرهاب الذي ضرب الأشقاء في العراق، بل ومنع تدفق الإرهاب إليه عبر الحدود.
في ظاهر الأمر، تبدو هذه علاقات بديلة عن العمل العربي المشترك بمعناه الواسع، لكنها ليست علاقات بديلة، ولا هي محاور أيضا، بل إن الأردن يدرك هنا، أنه وبسبب ظروف كثيرة، فإن تعزيز العلاقات الثنائية يأتي حلا لتعقيدات قائمة، كما أن الأردن يعزز علاقاته مع كل دول الجوار، من الفلسطينيين الى العراقيين الى المصريين، إدراكا من الأردن أن الجوار المستقر، والمتعاون، يرتد استقراره على الأردن الذي لا يريد بدوره إلا استقرار المنطقة.
رغم مناخات السلبية الضاغطة علينا من كل الاتجاهات، بسبب الوضع الاقتصادي، وأزمة كورونا، والحالة المعنوية المنخفضة للناس في الأردن، إلا أن علينا أن نجد طريقنا وسط هذا المشهد، فما يزال لدينا الكثير لفعله، وقد جنب الله هذا البلد المحن الكبرى، دائما، وهذا يعني أن الخروج من حالة اليأس مهم، على الصعيد الداخلي على مستوى الأفراد والمؤسسات، وعلى صعيد إعادة التموضع في كل المنطقة، فهي فترة حساسة، وسنعبرها، بأقل الخسائر الممكنة.

أخبار أخرى