صدى الشعب – راكان الخريشا
في مقابلة حصرية عبر بودكاست “صدى الشعب”، الذي قدمته الزميلة علا حميدان، ألقت المحامية والناشطة الإجتماعية سارة جرادات الضوء على مبادرة “شمة هوا”، التي تهدف إلى تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في السياحة والترفيه، أكدت جرادات أهمية تهيئة الأماكن السياحية في الأردن لتكون ميسرة للجميع، مشيرة إلى أن المبادرة تسعى لتحقيق العدالة المجتمعية وتعزيز مفهوم السياحة الشاملة التي تشمل كافة فئات المجتمع دون استثناء.
السياحة الدامجة: مفهومها وأهميتها
في مستهل حديثها، أوضحت جرادات أن السياحة الدامجة تعني توفير بيئة سياحية شاملة تتيح للجميع، بمن فيهم الأشخاص ذوي الإعاقة، كبار السن، والأطفال، المشاركة في الأنشطة السياحية والاستمتاع بها دون عوائق، وأكدت أن المبادرة تعمل على ترسيخ هذا المفهوم من خلال تعزيز التوعية المجتمعية بأهميته وتوفير التجهيزات اللازمة في المواقع السياحية.
وأشارت إلى أن “شمة هوا” تسعى لتحويل السياحة إلى تجربة شاملة تتناسب مع احتياجات الجميع، حيث تشمل التهيئة الهندسية للمرافق العامة وتوفير وسائل مساعدة مثل لغة الإشارة وطريقة برايل، مما يضمن تفاعلًا أكثر شمولية، وأكدت أن هذه الخطوات ليست فقط ضرورية لضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بل تسهم أيضًا في تعزيز قطاع السياحة الأردني ليكون أكثر جذبًا.
وأضافت جرادات السياحة ليست مجرد رفاهية، بل هي حق أساسي للجميع، وعلينا كمجتمع أن نعمل على تهيئة الظروف لتحقيق هذا الحق لكافة الفئات، وخاصة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يشكلون شريحة كبيرة من المجتمع.
انطلاق المبادرة والدعم المجتمعي
تحدثت جرادات عن انطلاقة “شمة هوا”، موضحة أن الفكرة نشأت نتيجة ملاحظتها للفجوة الكبيرة في تهيئة الأماكن السياحية للأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن، وأضافت أن المبادرة جاءت لتلبية حاجة ماسة في المجتمع ولرفع الوعي حول حقوق هذه الفئة.وأشارت إلى أن “شمة هوا” لاقت دعمًا كبيرًا من المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ووزارة السياحة، بالإضافة إلى عدد من الشركات والمؤسسات الخاصة التي ساهمت في توفير الموارد اللازمة، وأعربت عن شكرها للمجتمع الأردني، الذي أبدى تعاونًا كبيرًا ودعمًا ملموسًا لتحقيق أهداف المبادرة.
لكن جرادات أوضحت أن التحديات كانت حاضرة، لا سيما في بداية المبادرة، من بين أبرز التحديات كان إقناع الأشخاص ذوي الإعاقة بزيارة الأماكن المهيأة، حيث واجه البعض منهم حواجز نفسية وشعورًا بعدم الثقة بقدرة هذه الأماكن على تلبية احتياجاتهم، ومع ذلك أشارت إلى أن التجارب الإيجابية التي عاشها هؤلاء الأشخاص ساهمت في تغيير مواقفهم وزيادة حماسهم للمشاركة في أنشطة المبادرة.
نتائج ملموسة وتأثير إيجابي
سلطت جرادات الضوء على بعض النجاحات التي حققتها المبادرة، مشيرة إلى عدد من المواقع السياحية التي تم تهيئتها بشكل جيد، مثل متحف السيارات الملكي، الذي يوفر مرافق شاملة تلبي احتياجات ذوي الإعاقة.
وأوضحت أن ردود الفعل كانت إيجابية للغاية، حيث شعر الأشخاص ذوي الإعاقة بفرق واضح عند زيارتهم لهذه المواقع المهيأة، وأضافت ما لمسناه من سعادة وراحة لدى هؤلاء الأشخاص يعكس الأثر العميق لهذه التهيئة، ليس فقط على مستوى الاستمتاع بالتجربة السياحية، بل أيضًا على مستوى تعزيز الصحة النفسية وكسر العزلة الاجتماعية.
وأشارت إلى أن المبادرة لم تقتصر على تحسين تجربة الأفراد ذوي الإعاقة فقط، بل ساهمت أيضًا في زيادة وعي المجتمع بأهمية تهيئة الأماكن العامة والسياحية لتكون شاملة للجميع.
رؤية المبادرة المستقبلية
أكدت جرادات أن “شمة هوا” تسعى لتوسيع نطاق عملها ليشمل كافة محافظات المملكة، مع هدف أن تصبح المبادرة نموذجًا يحتذى به على مستوى الوطن العربي، وأوضحت أن المبادرة لا تهدف فقط إلى تحسين واقع السياحة، بل تسعى لتحقيق التنمية المستدامة في الأردن من خلال تعزيز مبدأ العدالة الاجتماعية والشمولية.
وأعربت عن أملها في أن يتم تبني فكرة “شمة هوا” من قبل جهات أردنية، لتصبح مبادرة ريادية تعكس صورة الأردن كدولة تسعى لتمكين جميع مواطنيها وضمان حقوقهم.
وأضافت نطمح لأن نرى كافة الأماكن السياحية في الأردن مهيأة لاستقبال الجميع دون استثناء، وأن تكون تجربة السياحة حقًا شاملة وميسرة.
رسالة أمل ودعوة للمشاركة اختتمت جرادات حديثها برسالة أمل وتفاؤل، داعية كافة الجهات، سواء كانت رسمية أو خاصة، إلى دعم المبادرة والانضمام إلى جهودها، وقالت نحن لا نتحدث فقط عن تحسين واقع السياحة، بل عن تغيير حياة أكثر من مليون مواطن أردني من ذوي الإعاقة، الذين يشكلون جزءًا أساسيًا من نسيج المجتمع.
وشددت على أن “شمة هوا” ليست مجرد مبادرة لتحسين الخدمات السياحية، بل هي مشروع حقوقي يهدف إلى كسر الحواجز، سواء كانت مادية أو نفسية، وتحقيق مجتمع أكثر شمولية ومساواة.
وأعربت عن أملها بأن تساهم المبادرة في تطوير السياسات المتعلقة بالسياحة وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وأن تكون نقطة انطلاق لتحسين حياة الأفراد وتعزيز دورهم في المجتمع.
وختمت حديثها بالقول بالتعاون والتكاتف، يمكننا أن نحقق هذا الحلم ونخلق مجتمعًا يتمتع فيه الجميع بحقوق متساوية، بما في ذلك حقهم في الترفيه والسياحة دعونا نعمل معًا من أجل مستقبل أفضل وأكثر شمولية.
“شمة هوا” ليست مجرد مبادرة، بل هي دعوة لتحقيق العدالة، جسر للتنمية، ورسالة أمل للجميع.