صدى الشعب – كتب د.عبد الله الزعبي
في ضوء أحكام المادة (120) من الدستور الأردني التي تمنح السلطة التنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء صلاحية تنظيم شؤون الموظفين جاء قرار المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون نقابة المعلمين ليعكس التزام الدولة الراسخ بسيادة القانون وحماية المصلحة العامة خصوصا في قطاع حيوي وحساس كالتعليم.
فالدستور الأردني يكلف مجلس الوزراء عبر نظام الخدمة المدنية بتنظيم الجهاز الإداري للدولة بما يشمل المعلمين باعتبارهم موظفين عموميين ومن هذا المنطلق فإن أي تنظيم مهني أو نقابي يجب أن يبقى ضمن الأطر الدستورية دون تجاوز لصلاحيات الدولة أو خروج عن وظيفته الأصلية. نقابة خرجت عن مسارها المهني.
الدور الطبيعي لنقابة المعلمين كان يفترض أن يتمحور حول دعم المعلم وتطوير العملية التعليمية لكن التجربة أثبتت ابتعاد النقابة عن هذا الدور وانخراطها في تحركات تصعيدية متكررة تركزت على مطالب مالية دون طرح أي مبادرات نوعية ترتقي بمستوى التعليم أو تطور الأداء المهني.
تحولت النقابة من إطار مهني إلى لاعب سياسي يمارس الضغط عبر الإضرابات والاعتصامات ما أدى إلى تعطيل العملية التعليمية وحرمان أكثر من مليون ونصف طالب من حقهم في التعلم في سابقة أربكت المشهد التربوي وهددت المصلحة العامة بشكل مباشر.
جائحة كورونا ظرف استثنائي كشف التباين في ظل جائحة كورونا وما فرضته من إجراءات مالية اضطرارية شملت تعليق صرف العلاوات لجميع موظفي الدولة أظهرت النقابة تعنتا غير مبرر حيث لوحت بالإضرابات للمطالبة بإعادة صرف (علاوة التعليم) رغم أن المدارس كانت مغلقة والتعليم انتقل إلى النظام عن بعد.
في المقابل واصل العاملون في القطاع الصحي والقوات المسلحة أداء واجبهم الوطني في الخطوط الأمامية دون مطالبات أو توقف مقدمين تضحيات جسيمة في ظروف استثنائية.
قرار المحكمة الدستورية: حماية التعليم من التسييس
ولم يكن موجها ضد المعلمين بل جاء استجابة ضرورية للحفاظ على هيبة التعليم وإبعاده عن التسييس بعد أن خرجت الممارسات النقابية عن الإطار القانوني والدستوري فالنقابات كجزء من مؤسسات المجتمع المدني عليها أن تلتزم بالقانون وألا تتحول إلى أدوات تعطيل في قطاعات تمس مستقبل الوطن وأبنائه.
نحو نقابات بناءة في ظل سيادة القانون نثمن كل الجهود التي تبذل لضمان استقرار العملية التعليمية ونؤكد أن إدارة شؤون الموظفين بما فيها الحقوق المالية يجب أن تتم من خلال القنوات الرسمية ووفق ما ينص عليه الدستور بما يحقق العدالة للجميع.
إن العودة إلى المسار الصحيح للتعليم واحترام أحكام الدستور تمثل خطوة أساسية لبناء مستقبل آمن ومزدهر للمنظومة التعليمية في الأردن. فالوطن لا يحتاج إلى تعطيل أو تصعيد بل إلى نقابات واعية تعلي من شأن الحوار والمسؤولية الوطنية.






