صدى الشعب – محمد قطيشات
أحال مجلس النواب في أولى جلسات الدورة الاستثنائية، مشروع قانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2023 إلى لجنته القانونية بعد تقديمه من الحكومة، رغم مطالبة نواب بِرَدّه وإعادته إلى الحكومة للتعديل عليه بسبب تضييقه على الحريات.
وخلصت شريحة واسعة من الخبراء والمتخصصين وكذلك طيف واسع من المجتمع والجسم الصحفي والإعلامي، إلى أن مشروع قانون الجرائم الالكترونية لعام 2023 فيه تقييد للحريات وتضييق على الصحفيين.
النائب المخضرم والقامة القانونية الباسقة نقيب المحامين لأربع دورات صالح العرموطي، انتقد بشدة قانون الجرائم الالكترونية، وشبه مشروع القانون بأنه ” يعتبر حجرًا على العقل والفكر وهذا ردة عن الإصلاح، والحكومة تريد تفريغ أمر الدفاع في هذا القانون، وهناك أحكام عرفية في هذا القانون ويضر بالوطن والمواطن”.
وقال، إن بند المعلومات الكاذبة تطبق في حالات الحروب، وليس في الحالات الصحافية البسيطة.
وتساءل العرموطي بالقول: “أي عقل تشريعي وضع هذا القانون، وهذا القانون يعود للأحكام العرفية، وعودة قانون الدفاع”، مستدركًا هذا القانون سيزج بالشعب الأردني إلى السجون، وخلص العرموطي إلى الطلب برد مشروع القانون إلى الحكومة.
ورغم، أن غالبية النواب طالبوا برد مشروع القانون وإعادته إلى الحكومة، إلا أن رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، قال، إن المجلس رفض اقتراح برد مشروع القانون وصوت على تحويله إلى اللجنة القانونية بأغلبية واضحة.
وذهب بعض النواب إلى القول، بأن مشروع القانون، هو أخطر قانون معروض في الدورة الاستثنائية لأنه يتضمن عقوبات غير عادية، والقانون في المجمل سيكون سيف مسلط على الحريات في البلاد وسيسهم بتراجع مستوى الحريات أكثر مما هي متراجعة الآن وسيكون هنالك حاجة إلى الاقتراض عشرات الآلاف حتى يتم سداد الغرامات.
وتساءل بعضهم” أنه وفي الوقت الذي تتغنى فيه الحكومة بالتوجه إلى الإصلاحات السياسية وحياة حزبية جديدة نتفاجئ بإدراج قانون أقل ما يقال عنه بأنه ردة وانقلاب على الديمقراطية وأنه عودة إلى الأحكام العرفية ويكرس صناعة الأصنام”.
وبحسب خبراء، كان الأجدى للمجلس رد مشروع القانون في القراءة الأولى قبل أحالته إلى اللجنة القانونية، خاصة بعد ردود الفعل داخل المجلس وبين الخبراء والمتخصصين والتي طالبت برده وإعادته إلى الحكومة للتعديل بسبب تضييقه على الحريات.
وتساءل بعض الخبراء حول الأهداف والمبررات التي دفعت الحكومة للأسباب الموجبة لمشروع قانون الجرائم الإلكترونية والتي نصت منها، على أنها تأتي نظراً للتطور السريع بمجال تقنية المعلومات الذي استوجب تجريم بعض الأفعال التي تتم بوسائل إلكترونية ومعاقبة مرتكبيها تحقيقاً للردع العام والخاص، ولمواءمة القانون مع الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات المصادق عليها من المملكة والمعايير الدولية بما يضمن مكافحة الجرائم الإلكترونية وفقاً لأفضل الممارسات المعمول بها كونها من الجرائم الخطيرة محلياً ودولياً.
ورأى البعض، أن الحكومة اتبعت سياسة جديدة في التشريع والتجريم يقوم على أساس مضاعفة الغرامات المالية على الجرائم الكترونية، وبينوا بأن الأرقام التي جاءت في مشروع القانون من حيث الغرامات المالية التي تفرض على المخالفين غير مسبوقة في التشريع الأردني وتضمن غرامات مبالغ فيها، حيث يصل بعضها إلى 50 ألف دينار، مستدركين حول الأسباب الموجبة لمشروع القانون والتي جاءت لتحقيق الردع العام والخاص، وبما يضمن مكافحة الجرائم الإلكترونية، وهل يتحقق ذلك من خلال تغليظ العقوبات المالية أو من خلال وسائل أخرى متاحة، خاصة المتعلقة منها بالمواد 15 و16 من مشروع القانون والملاحقة بجرائم وخاصة المتعلقة بذم وقدح وتحقير لشخصية العامة والموظفين بالقطاع العام دون الحاجة لتقديم شكوى.
مشروع قانون الجرائم الالكترونية لسنة 2023 والذي طالب طيف واسع من النواب بِرَدّه وإعادته إلى الحكومة للتعديل عليه بسبب تضييقه على الحريات، يتصدر العلاقة الجدلية بين الحكومة والمجلس, ويتوقع أن يلقي بتداعياته على العلاقة بينهما إلى درجة التصادم ما يطرح التساؤل المشروع: هل أزفت ساعة رحيل الحكومة .. ؟.