قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الجمعة، إن الولايات المتحدة لا يمكن أن تدعم عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة في مدينة رفح المكتظة بنحو 1.5 مليون نازح فلسطيني في أقصى جنوب قطاع غزة.
وأضاف بلينكن، في تصريحات خلال مؤتمر صحافي أثناء مشاركته في قمة مجموعة السبع في إيطاليا، إن المحادثات بشأن رفح جارية على مستويات رفيعة مع إسرائيل. ومضى قائلاً: “نؤمن بإمكانية تحقيق إسرائيل أهدافها من دون هجوم رفح”.
وقال البيت الأبيض، الخميس، إن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين ناقشوا، المخاوف الأميركية بشأن مسارات العمل المختلفة في رفح، لافتاً إلى أن إسرائيل وافقت على أخذ المخاوف الأميركية في الاعتبار ومناقشتها أكثر. وأشار البيت الأبيض، في بيان، إلى أن المسؤولين سيجتمعون مجدداً قريباً، لافتاً إلى أن الجانبين “اتفقا على الهدف المشترك المتمثل في هزيمة حماس في رفح”. وتابع قائلاً إن الاجتماع ضمّ المجموعة الاستشارية الاستراتيجية الأميركية الإسرائيلية، وعقده مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، نقل موقع أكسيوس الأميركي عن مسؤولين أميركيين نفيهم القاطع ما جرى تداوله في الفترة الأخيرة عن منح إدارة الرئيس جو بايدن الضوء الأخضر لإسرائيل لاجتياح رفح، مقابل عدم ردّها على الهجوم الإيراني الأخير الذي وقع السبت الماضي.
وأشار المسؤولون إلى عقد عدة مجموعات عمل، على مستوى أدنى، اجتماعات عن بعد، خلال الأسابيع القليلة الماضية، لمناقشة الخطط العملياتية لقوات الدفاع الإسرائيلية في رفح والمقترحات الإنسانية، مؤكدين أن إدارة بايدن لا تزال تشعر بالقلق من أن الغزو الإسرائيلي لرفح سيؤدي إلى خسائر فادحة في صفوف المدنيين.
وأحجم بلينكن مراراً عن تأكيد تقارير الهجوم الإسرائيلي على إيران، قائلاً إنّ واشنطن لم تشارك في أي عمليات هجومية وإنها ملتزمة بتهدئة التوتر في المنطقة. وقال بلينكن، في مؤتمر صحافي في ختام اجتماع لوزراء خارجية مجموعة السبع في جزيرة كابري، جنوبي إيطاليا: “لن أتحدث عن ذلك الأمر سوى بالقول إنّ الولايات المتحدة لم تشارك في أي عمليات هجومية”، وأضاف أن “ما نركز عليه وما تركز عليه مجموعة السبع، كما هو واضح في تصريحاتنا وفي محادثاتنا، هو جهودنا لتهدئة التوتر، ووقف التصعيد في أي صراعات محتملة”.
وكرر كبير الدبلوماسيين الأميركيين الرد نفسه، حرفياً تقريباً، عندما سُئل عن الأمر عدة مرات في المؤتمر الصحافي.
وفي مؤتمر صحافي منفصل قبل لحظات من المؤتمر الصحافي لبلينكن، قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني إنّه “جرى إبلاغ الولايات المتحدة في اللحظات الأخيرة”، لكنه لم يذكر تفاصيل.
وبعد يوم من استخدام الولايات المتحدة حق النقض “فيتو” على مشروع قرار جزائري في مجلس الأمن يدعو إلى الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، قال بلينكن: “ملتزمون بتحقيق دولة فلسطينية مع الضمانات اللازمة لإسرائيل”.
إلى ذلك قال بلينكن إنه اتخذ “قرارات” بشأن اتهامات بأن إسرائيل انتهكت مجموعة من القوانين الأميركية التي تحظر تقديم المساعدة العسكرية لأفراد قوات أمن أو وحداتها ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وتحظر قوانين ليهي، التي صاغها السيناتور باتريك ليهي في أواخر التسعينيات، تقديم المساعدة العسكرية للأفراد أو وحدات قوات الأمن التي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان دون تقديمها إلى العدالة.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ذكرت مؤسسة برو بابليكا المستقلة والمتخصصة بالتحقيقات الاستقصائية الصحفية أن لجنة خاصة تابعة لوزارة الخارجية تعرف باسم لجنة ليهي الإسرائيلية للتدقيق قدمت توصية لبلينكن قبل أشهر بعدم أهلية العديد من وحدات الجيش والشرطة الإسرائيلية لتلقي المساعدات الأميركية بسبب مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان.
وأوردت “برو بابليكا” أن بلينكن لم يتخذ أي إجراء. وقالت الوكالة إن الحوادث التي كانت موضع نقاش وقعت في الضفة الغربية ووقع معظمها قبل بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
ورداً على سؤال في المؤتمر الصحافي جنوبي إيطاليا حول التقارير التي تفيد بأن وزارة الخارجية أوصت بقطع المساعدات العسكرية عن بعض وحدات قوات الأمن الإسرائيلية بسبب انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان في الضفة الغربية، لم يؤكد بلينكن التقارير تأكيداً مباشراً، لكنه وعد بكشف النتائج قريباً جداً.
وقال، بحسب ما نقلت عنه “رويترز”، “أعتقد أنك تشير إلى ما يسمى بقانون ليهي وعملنا بموجبه… إنه قانون مهم للغاية… نطبقه في جميع المجالات، وعندما نجري هذه التحقيقات… تستغرق وقتاً.
ويجب أن يكون ذلك بحذر شديد، في جمع الحقائق وتحليلها”، وأضاف بلينكن “هذا بالضبط ما فعلناه. وأعتقد أن من الإنصاف أن نقول إنكم سترون النتائج قريباً جداً. لقد اتخذت قرارات. يمكنكم أن تتوقعوا رؤيتها في الأيام المقبلة”.
لكنه لم يقدم مزيداً من التفاصيل. وتقدم واشنطن مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 3.8 مليارات دولار لحليفتها إسرائيل. وانتقد الديمقراطيون اليساريون والجماعات الأميركية العربية دعم إدارة بايدن الثابت لإسرائيل، والذي يقولون إنه يوفر لها شعوراً بالحصانة من العقاب.
ولكن في وقت سابق من هذا الشهر، هدد الرئيس جو بايدن لأول مرة بوضع شروط على الدعم لإسرائيل، وأصرّ على اتخاذ خطوات ملموسة لحماية العاملين في الإغاثة الإنسانية والمدنيين. وادعى بلينكن أن “الشيء الوحيد الذي يقف بين سكان غزة ووقف إطلاق النار هو حركة حماس التي ترفض عروضاً مغرية من إسرائيل”.
واتهم بلينكن حماس بأنها “تهتم بإثارة صراع إقليمي أكثر من اهتمامها بالتوصل لوقف لإطلاق النار”، على حد تعبيره. حماس: زعم بلينكن أننا نعرقل وقف إطلاق النار انحياز لإسرائيل في المقابل قالت حركة حماس، الجمعة، إنّ ادعاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بأنها تعيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة “انحياز سافر” لإسرائيل.
وقالت الحركة، في بيان لها أوردته وكالة الأناضول، إنّ التصريحات التي أدلى بلينكن وزعم فيها أن “حركة حماس هي من يعيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة؛ هي تأكيد على انحياز الإدارة الأميركية السافر للفاشية الصهيونية”.
واعتبرت هذه الادعاءات “تزييف للواقع الذي يؤكد أن من يُعطِل مسار المفاوضات ولحساباته السياسية الشخصية؛ هو الإرهابي (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو”. ومنذ أشهر، ترعى قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة “حماس” بهدف التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في قطاع غزة وتبادل للأسرى والمحتجزين بين الطرفين. وبشكل عام، تتهم حماس نتنياهو بـ”التعنت” وعدم الرغبة في إنجاز اتفاق، حيث يرفض الأخير مطالب الحركة التي تتمسك للموافقة عليه بإنهاء الحرب على غزة وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي، وحرية عودة النازحين إلى مناطقهم ودخول مساعدات كافية إلى القطاع.