سياسيون لـ”صدى الشعب”: خطاب العرش يعكس رؤية شاملة لتعزيز الثوابت الوطنية والتحديث السياسي والاقتصادي
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
جمع خطاب العرش لجلالة الملك عبدالله الثاني خلال افتتاحه لأعمال الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة العشرين امس بين الأولويات المحلية والإقليمية، مقدماً تصوراً شاملاً للتعامل مع التحديات التي تواجه الأردن، داخلياً من خلال الإصلاحات، وخارجياً عبر المواقف الثابتة اتجاه القضايا العربية والإقليمية وابرزها الموقف الأردني الثابت اتجاه القضية الفلسطينية.
وشدد جلالته على التعاون بين السلطات، وخصوصًا بين الحكومة والبرلمان، كشرط أساسي لإنجاح مشاريع التحديث، وهذا التأكيد يعكس إصرار الملك على تحقيق شراكة فعلية بين مختلف مؤسسات الدولة.
وتميّز الخطاب بوضوح رؤية الملك نحو المستقبل، حيث ركّز على مشاريع تمتد لعقود، مثل التحديث الاقتصادي ورفع كفاءة القطاع العام، مما يعكس تفكيراً استراتيجياً بعيداً عن الحلول المؤقتة.
واكد الخطاب على إن السلام العادل والمشرف هو السبيل لرفع الظلم التاريخي عن الأشقاء الفلسطينيين، مؤكدا على ان الموقف الأردني ثابت اتجاه القضية الفلسطينية رغم كل العقبات وتطرف الذين لا يؤمنون بالسلام، مشيرا الى ان الأردن يقف بكل صلابة، في وجه العدوان على غزة والاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية بالإضافة الى تقديم العون والمساعدة للأهالي قطاع غزة.
وقال جلالة الملك عبد الله الثاني، في خطاب العرش بافتتاح أعمال الدورة العادية لمجلس الأمة العشرين،: نحن دولة راسخة الهوية، لا تغامر في مستقبلها وتحافظ على إرثها الهاشمي وانتمائها العربي والإنساني.
وأضاف جلالته: “فمستقبل الأردن لن يكون خاضعا لسياسات لا تلبي مصالحه أو تخرج عن مبادئه”.
وأكد خبراء ومختصون في الشأن السياسي خلال حديثهم لـ”صدى الشعب”أن خطاب العرش السامي لجلالة الملك عبد الله الثاني جاء حاملاً رسائل قوية ومتعددة الأبعاد على الصعيدين الداخلي والخارجي، مشددين على أهمية المواقف التي عرضها جلالته في مختلف القضايا الوطنية والدولية.
الشرفات: خطاب العرش الملكي حدد ملامح السياسة الأردنية داخليًا وخارجيًا
وأكد عضو مجلس الأعيان الأسبق، طلال الشرفات، أن خطاب العرش السامي لجلالة الملك عبد الله الثاني كان بمثابة رسالة واضحة لجميع السلطات في الدولة، سواء التشريعية أو التنفيذية، حيث حدد ملامح السياسة الأردنية على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وأشار إلى أن جلالة الملك أكد في خطابه على أن الأردن، كدولة راسخة الهوية، لن يتخلى عن إرثه الهاشمي أو انتمائه العربي والإنساني تحت أي ظرف.
وأوضح جلالته أن الأردن لن يكون خاضعًا لأي سياسات قد تؤثر على مصالحه العليا، مشددًا على دعم الأردن المستمر لقضية الشعب الفلسطيني في مواجهة الحرب التي تمارس ضدهم في غزة، او لبنان، والضفة الغربية، إلى جانب نصرة القضايا العربية العادلة التي تتماشى مع مبادئ القانون الدولي.
وأضاف أن الشعب الفلسطيني يعد آخر شعوب العالم التي تعيش تحت وطأة الاحتلال، مؤكدًا أن الأردن سيبقى داعمًا للمطالبات الدولية التي تطالب بوقف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين.
وأكد على موقف الأردن الثابت في دعم حقوق الشعب الفلسطيني والتمسك بالشرعية الدولية، مشيرا أشار إلى أن الأردن سيواصل الحفاظ على الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، التي تعتبر من “الخطوط الحمراء” بالنسبة للدولة الأردنية.
وعلى الصعيد الداخلي، لفت إلى أن جلالة الملك أكد في خطابه على ضرورة التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من أجل تطوير خطة التحديث السياسي.
وأوضح أن الكرة باتت الآن في ملعب مجلس النواب والحكومة للعمل بشكل مرن دون تغول أي سلطة على الأخرى، وذلك تنفيذًا لمبادئ الدستور الأردني ولخطة التحديث السياسي.
وأكد أن مجلس النواب يتحمل مسؤولية كبيرة في هذه المرحلة، حيث يجب أن يرتقي إلى مستوى التحديات الوطنية التي تواجه الأردن، وأن يتجنب الاستقواء من المعارضة أو الاستفراد من الموالاة.
كما شدد على أن التعاون بين السلطات أمر أساسي للحفاظ على استقرار الدولة.
وفيما يتعلق بالتحديث الاقتصادي، أشار إلى أن الحكومة تواجه مهمة ثقيلة تتمثل في خفض العجز المالي وتحفيز الاستثمار وزيادة النمو الاقتصادي، موضحا أن هذه الأهداف تتطلب تشريعات وسياسات تنسق بين السلطات لتحقيق مصالح الدولة العليا.
وأكد أن الخطاب الملكي كان شاملاً، حيث وضع المبادئ الأساسية التي ستوجه عمل الحكومة في العام المقبل، مشيرا إلى أن جلالة الملك شدد على ضرورة أن يرتقي مجلس الأمة، بكافة أطيافه، إلى مستوى التحديات الوطنية وأن يمارس أدواره بموضوعية ووعي في المرحلة القادمة لضمان استكمال خطة التحديث والمسيرة الديمقراطية.
كما لفت إلى أن الخطاب الملكي تطرق أيضًا إلى دور القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، مؤكدًا على أهمية هذه المؤسسات في الدفاع عن الوطن وحماية المواطنين.
وأوضح أن الدعم والاحترام لهذه المؤسسات يعتبر من “الخطوط الحمراء” التي لا يمكن التهاون فيها، مشيرًا إلى أن هذه الرسالة قد تم التقاطها بعناية من قبل جميع الأحزاب والقوى السياسية، وكذلك من السلطات التنفيذية والتشريعية.
وشدد على أن مضمون الخطاب الملكي يعزز من سلطات الدولة ويحفز القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، ويؤكد على قوة الدولة الأردنية وقدرتها على مواجهة كافة الظروف.
وأضاف أن الأردن، بقيادة جلالة الملك، لن يرضخ لأي ضغوط تؤثر على سيادته أو مصالحه العليا، مشيرًا إلى أن الأردن سيبقى قويًا وقادرًا على مواجهة التحديات المستقبلية.
جبر: الملك يؤكد على تعزيز الثقة بين السلطات والمواطنين لتحقيق التحديث
ومن جهتها قال المختصة بالشأن السياسي الدكتورة اريج جبر أن خطاب العرش، الذي كان منتظرًا على المستويين الرسمي والشعبي، يُعتبر بمثابة خارطة طريق وبرنامج عمل ملكي يحدد رؤية شاملة للأردن في الحاضر والمستقبل ضمن قواعد راسخة لا يمكن المساس بها، وضمن منظومة وتصورات تحديثية شاملة.
وأكدت أن جلالة الملك، خلال خطاب العرش، شدد على مجموعة من القضايا المهمة، وفي مقدمتها الموقف الثابت تجاه القضية الفلسطينية، مشيرة إلى أن جلالته أكد على حق الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
وأوضحت أن الملك شدد على ضرورة إنهاء حالة العنف والقتل والدمار في فلسطين من خلال تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه وإقامة دولته المستقلة، لافتة إلى أن الأردن مستمر في مواقفه الراسخة عربياً ودولياً لدعم الشعب الفلسطيني، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ مشاريعه التهويدية.
وأضافت أن جلالته أكد أن القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية كانت في طليعة المستجيبين لنداء الواجب الإنساني اتجاه قطاع غزة، من خلال إرسال المستشفيات الميدانية ومحاولات كسر الحصار، سواء جواً أو براً، كما أن الأردن كان الأول في إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية والعلاجية إلى القطاع.
وأشارت الى أن الأردن يعتبر القضية الفلسطينية جزءاً لا يتجزأ من الجسد الأردني، موكدة على أن ملف القضية الفلسطينية يحظى باهتمام جلالة الملك.
وأشارت إلى ان الملك أكد على دور الأردن كمحور ارتكاز في المنطقة، رغم الأزمات التي تعصف بها، معبراً عن تطلعاته لاستمرار المملكة في لعب دورها الحيوي في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي.
وأكدت أن جلالة الملك أشار الى نجاح الأردن في الالتزام بالمواثيق الدستورية وتحقيق الاستقرار السياسي، رغم الظروف الإقليمية المضطربة التي تحيط بالمملكة.
كما اشارت الى ان جلالته أشار الى قدرة الأردن على إجراء الانتخابات البرلمانية، مشيرة إلى أن هذا الإنجاز يعكس إصرار المملكة على المضي قدماً في مسيرة الإصلاح.
وأوضحت أن الملك سلط الضوء على أهمية تمكين المرأة والشباب وتعزيز مفاهيم العدالة والحقوق، مؤكداً أن هذه الجهود تمثل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة.
وأضافت أن جلالة الملك وصف البرلمان العشرين بأنه برلمان مختلف، إذ جاء بناءً على مخرجات رؤية التحديث والتطوير السياسي حيث أشار إلى أن هذا البرلمان سيكون برلماناً برامجياً وسياسياً يتمتع برؤية تحديثية تتماشى مع التحديات والتطلعات المستقبلية التي يسعى الأردن لتحقيقها.
وأكدت أن جلالة الملك، ، سلط الضوء على توجهات الدولة الأردنية نحو تعزيز مسار التنمية الشاملة، مشيراً إلى أهمية استثمار الموارد المتاحة، خاصة الكفاءات والعقول الأردنية، لتحقيق التقدم بما يتناسب مع إمكانيات المملكة وقدراتها.
وأوضحت أن جلالة الملك وجه رسائل هامة للسلطات، بما في ذلك البرلمان بغرفتيه النواب والأعيان، مشدداً على ضرورة بناء وتعزيز جسور الثقة بين المسؤولين والمواطنين.
وبين ان جلالته دعا إلى الاستفادة من الموارد البشرية الأردنية المتميزة والعمل على تطويرها لتحقيق أهداف التنمية وضمان مكانة ريادية للأردن بين الدول.
وأكدت أن جلالة الملك يواصل التأكيد في خطاباته، وخاصة في خطاب العرش، على أن الأردن يظل ثابتاً وقوياً، وأن هناك لا خوف على المملكة بفضل الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة اليقظة التي تعمل دائماً للحفاظ على أمن واستقرار وسيادة البلاد.
وأضافت أن جلالة الملك يعتبر الإنسان هو القيمة المثلى والأغلى، مشيرة إلى أن هذا المبدأ يعد من أهم مرتكزات العمل في الأردن، سواء على مستوى الدولة أو في مسارات عمل الحكومة.
وأكدت على ان الملك شدد أيضاً على أهمية الاستمرار في تنفيذ خارطة التحديث الإداري والاقتصادي، مشدداً على أنه بعد النجاح في التحديث السياسي ومنظومته، يجب الآن التوجه نحو تحديث الجوانب الإدارية والاقتصادية لتحقيق المزيد من التقدم والتنمية.
الدعجة: خطاب العرش يعزز الهوية الأردنية المستقلة في الساحة الإقليمية والدولية
من جانبه أشار أستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة الحسين بن طلال، الدكتور حسن الدعجة، إلى أن خطاب العرش الذي ألقاه جلالة الملك عبدالله الثاني أمام مجلس الأمة العشرين يتضمن العديد من الرسائل والدلالات المهمة، على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وأوضح الدعجة أن الخطاب يحمل دلالات عديدة على المستوى الداخلي، أبرزها التأكيد على أهمية الدور البرلماني. حيث أشار الملك إلى ضرورة تحقيق توازن ديمقراطي بين الحكومة والبرلمان، مع التركيز على دور النواب والأعيان في إرساء أسس العمل البرلماني القائم على التنافس البرامجي والنزاهة، وهو ما يعزز روح الشفافية والمساءلة في المؤسسات الحكومية.
وأضاف أن الخطاب أشار إلى دعم تحديث النظام السياسي، حيث سلط جلالته الضوء على مشروع التحديث السياسي الذي يهدف إلى تعزيز دور الأحزاب البرامجية، فضلاً عن إشراك المرأة والشباب في العملية السياسية، واعتبر ذلك توجهًا نحو تمكين الجميع من المشاركة الفاعلة في اتخاذ القرارات، مما يعزز الديمقراطية التشاركية في المملكة.
كما ركز الخطاب على أهمية التحديث الاقتصادي، حيث شدد الملك على ضرورة تعزيز معدلات النمو الاقتصادي، مستندًا إلى الكفاءات البشرية الأردنية والعلاقات الدولية التي تتمتع بها المملكة، وهذا يعكس رؤية مستقبلية للاقتصاد الأردني تقوم على الابتكار والكفاءة.
وأشار أيضًا إلى تمكين الشباب وتوفير فرص العمل المستقبلية لهم كأحد أولويات الحكومة، وهو ما يعزز من استقرار المجتمع الأردني ويضمن تأهيل الأجيال القادمة لسوق العمل المتجدد.
وفيما يتعلق بالقطاع العام، أكد الخطاب على أهمية تحديثه لتحسين كفاءته في تقديم الخدمات للمواطنين بشكل عادل ونزيه، مما يشير إلى الحاجة إلى إصلاحات إدارية لضمان تقديم أفضل خدمة ممكنة للمواطنين.
وأشار إلى أن خطاب العرش الأخير يحمل عدة دلالات ورسائل ذات مغزى على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث يبرز بشكل واضح التأكيد على الهوية الأردنية المستقلة، فقد شدد الخطاب على أن الأردن يواصل الحفاظ على هويته الراسخة، في الوقت الذي تظل سياساته الوطنية تحرص على مراعاة المصالح الأردنية، مما يعكس استقلالية القرار الأردني في الساحة الإقليمية والدولية.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أشار الى ان الملك أبرز في خطابه أهمية القدس كأولوية أردنية هاشمية، مؤكداً على التمسك بخيار السلام العادل كطريق لحل القضية الفلسطينية، وهذا يعكس موقفًا ثابتًا للأردن في دعم الحقوق الفلسطينية والوقوف في وجه الاعتداءات الإسرائيلية.
ولفت الى ان الخطاب تناول الجهود الإنسانية التي يبذلها الأردن في قطاع غزة، مشيرًا إلى الدور الفاعل الذي يقوم به في مساعدة القطاع خلال الحرب، وهذا يبرز التزام الأردن بالقضايا الإنسانية ويدعم الموقف العربي المشترك في التصدي للتحديات الإنسانية في المنطقة.
أما فيما يتعلق بالوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، فقد أكد الملك على أن الأردن سيواصل حماية هذه المقدسات استنادًا إلى الوصاية الهاشمية، وهو ما يعزز مكانة المملكة الإقليمية والدولية في الحفاظ على التراث الإسلامي والمسيحي في القدس.
وأضاف أن الخطاب تطرق إلى التعاون العربي والدولي، حيث أشار إلى التحركات الأردنية على المستوى العربي والدولي لوقف الحرب على غزة، مما يعكس التزام الأردن بتعزيز التعاون الإقليمي والدولي والعمل على تحقيق الاستقرار في المنطقة.
وأكد أن خطاب العرش الأخير يعكس رؤية شاملة للمستقبل الأردني، تعتمد على التحديث الاقتصادي والسياسي مع الحفاظ على الثوابت الوطنية.
وأشار إلى أن الخطاب يعبر عن حرص الأردن على تحقيق التنمية المستدامة وتور الحياة الكريمة للمواطنين، بما يتماشى مع تطلعات المملكة للمستقبل.
وعلى الصعيد الخارجي، أضاف أن الخطاب يظهر التزام الأردن الثابت بدعم القضية الفلسطينية والدفاع عن القدس، مع التركيز على لعب دور إنساني نشط في المنطقة.
ولفت أن الخطاب يعزز الثقة في مؤسسات الدولة الأردنية ويحفز التعاون المثمر بين مختلف الجهات لتحقيق الأهداف الوطنية، بما يسهم في تعزيز الاستقرار والتنمية في المملكة