غباين لـ”صدى الشعب”: ارتفاع الأعلاف وجفاف الموسم حمّل المزارعين أعباءً ثقيلة

غباين: أسعار الحليب لا تعكس حجم المخاطر ولا تضمن حياة كريمة للمزارع

صدى الشعب – سليمان أبو خرمة

أكد رئيس جمعية مربي الأبقار، علي غباين، أن قطاع تربية الأبقار يُعد أحد الأعمدة الأساسية للقطاع الزراعي في الأردن، إلى جانب الإنتاج الحيواني من الدواجن، والزراعة النباتية، موضحًا أن هذا القطاع يشكل أكثر من 25 بالمئة من حجم القطاع الزراعي، الذي بدوره يسهم بما نسبته 6 إلى 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأشار غباين خلال حديثه لـ”صدى الشعب” إلى أن قطاع مربي الأبقار أثبت قدرته وجدارته على مدى عشرات السنين، لا سيما خلال السنوات الأربع أو الخمس الأخيرة، مبينًا أن القطاع أظهر صموده خلال جائحة كورونا، وكان الوحيد الذي لم يتأثر بالإغلاقات التي فرضتها الجائحة، سواء كانت جزئية أو شاملة، حيث استمرت عملية الإنتاج، وبقيت سلاسل التوريد متوفرة، ولم يشعر المواطن بأي نقص في منتجات الألبان ومشتقاتها.

ولفت إلى أن هذا الثبات يُحسب لصالح القطاع، إلا أنه ما يزال يواجه العديد من التحديات، في مقدمتها نقص العمالة الزراعية، مؤكدًا أن هذه العمالة تعتمد في معظمها على الأيدي العاملة المدربة من خارج الأردن.

وأوضح غباين أن من بين أبرز التحديات أيضًا، الارتفاع الحاد في أسعار الأعلاف، لا سيما الأعلاف الجافة مثل البرسيم والقش والتبن، مشيرًا إلى أن الموسم الزراعي السابق كان موسماً جافاً، ما أدى إلى عدم توفر إنتاج محلي أو مخزون استراتيجي، الأمر الذي اضطر المزارعين إلى الاستيراد بأسعار مرتفعة، في ظل محدودية المصادر العالمية المتاحة، والمنافسة المحدودة، وهو ما أدى بدوره إلى قلة العرض وزيادة الطلب وبالتالي ارتفاع الأسعار، الأمر الذي حمّل المزارعين أعباء إضافية.

فوضى تسويق الحليب و”سماسرة السوق”

وفيما يخص تسويق الحليب، أشار غباين إلى أن القطاع لا يزال يعاني من هذه الإشكالية، لافتًا إلى وجود شقين رئيسيين في هذا السياق، يتمثل الأول بظاهرة “سماسرة الحليب” الذين لا ينتمون إلى أي من طرفي الإنتاج أو التصنيع، إذ يقومون بشراء الحليب من المزارع وبيعه إلى المصانع، ويجنون الأرباح من الفروقات السعرية على حساب المزارع تارة، أو على حساب المصنع تارة أخرى، ما يُلحق الضرر بكلا الطرفين، ويسيء إلى منظومة تسويق الحليب بشكل عام.

وأشار إلى أن الطلب على الحليب في فصل الصيف تحديداً، مع ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض الإنتاج، يرتفع نسبيًا، ومع ذلك لم تُظهر بعض المصانع رغبة في شراء الحليب، بسبب اعتمادها على السماسرة وطرق توريد بديلة.

وفيما يتعلق باستخدام الحليب البودرة، قال إن هذه المسألة تؤرق قطاع مربي الأبقار بشكل كبير، لافتًا إلى أن المواصفات الفنية الأردنية الصادرة عن مؤسسة المواصفات والمقاييس ومؤسسة الغذاء والدواء، تنص بوضوح على أن منتجات اللبنة، واللبن، والأجبان البيضاء بكافة أشكالها، يجب أن تصنع من حليب أبقار طازج 100 بالمئة، وأي مخالفة لذلك تُعد حالة من الغش.

وبيّن أن حالات الغش في هذا المجال متعددة، وتؤثر سلبًا على المصانع الوطنية الملتزمة باستخدام الحليب البقري الطازج، في وقت تلجأ فيه بعض المصانع الأخرى إلى استخدام الحليب البودرة أو الزيوت المهدرجة أو الخلطات المصنعة التي تهدف إلى خفض الكلفة والمنافسة في الأسعار، ما يُضعف قدرة المصانع الشريفة على البقاء في السوق.

الإنتاج يتراوح بين 800–900 طن يوميًا وعدد الأبقار80 ألف رأس

وكشف أن إنتاج الأردن من الحليب البقري الطازج يتراوح يوميًا بين 800 إلى 900 طن، فيما يتراوح عدد الأبقار بين 70 إلى 80 ألف رأس، مؤكداً أن المملكة تحقق اكتفاءً ذاتياً من الحليب الطازج، وأن المزارع الأردني لديه القدرة على تطوير قدراته الإنتاجية إذا تطلب السوق ذلك، نظراً لامتلاكه الوعي والخبرة والقدرة على التكيف مع المتغيرات.

وأضاف أن أسعار الحليب حالياً لا تتناسب مع حجم المخاطر التي يتحملها المزارع، ولا تعكس حجم رأس المال المستثمر في هذا القطاع، الذي من المفترض أن يضمن للمزارع حياة كريمة.

,أشار إلى أن وزارة الزراعة شكّلت لجنة فنية لمتابعة ملف الحليب البودرة في شهر تشرين الثاني من عام 2024، ضمّت في عضويتها ممثلين عن الغذاء والدواء، والمواصفات والمقاييس، ووزارة الصناعة والتجارة، بالإضافة إلى ممثلين عن القطاع الخاص، وجمعية مربي الأبقار، وأقطاب قطاع الثروة الحيوانية.

وأوضح أن اللجنة اتخذت قرارات جريئة وعقلانية تهدف إلى تنظيم منح الرخص الخاصة باستيراد الحليب البودرة، مع التشديد على الرقابة بالتعاون مع مؤسسة الغذاء والدواء، التي بدورها نفذت حملات تفتيش مكثفة.

أما فيما يتعلق بعدد المصانع، أشار إلى أن الأردن يضم ما بين 250 إلى 260 مصنعًا، إلى جانب أكثر من 200 مزرعة، مضيفًا أن هناك علامات استفهام حول بعض المصانع التي تستلم كميات قليلة من الحليب الطازج، تتراوح بين 2 إلى 3 أطنان، لكنها تطرح في الأسواق كميات تفوق الـ 8 إلى 10 أطنان من المنتجات.

وتساءل عن مصدر الفرق في الكميات، معتبرًا أن هذه المعادلة بحاجة إلى تدقيق، وقد تم مخاطبة مؤسسة الغذاء والدواء سابقًا للعمل على تكثيف الحملات التفتيشية للوقوف على مدخلات الإنتاج ومقارنتها بالمخرجات، وذلك عبر مطابقة الكميات المستلمة من الحليب مع حجم الإنتاج الفعلي.

وأكد على أن معالجة هذه الإشكاليات تتطلب جهودًا رقابية مكثفة وكوادر مدربة، لضمان حماية المزارعين والمستهلكين، وصون الصناعة الوطنية في قطاع الألبان ومشتقات الحليب.