مع كل جريمة بشعة كالتي ارتكبت بحق فتى الزرقاء، ندخل في جدل لا ينتهي حول واقع الجريمة في البلاد، ومسؤوليات المجتمع والظروف التي أدت إلى هذا القدر من التوحش، وتنهال الاقتراحات والتوصيات لمعالجة المشكلة من جذورها.
النقاش مكرر في العادة، ونطالعه عند كل جريمة تهز وجداننا وتستفز قيمنا الانسانية، لكن ذلك لايمنع وقوعها من جديد.
المجرمون في سائر المجتمعات أصناف ودرجات والأغلبية الساحقة منهم يمكن التعامل معهم بالأدوات القانونية والمجتمعية. وكثيرون يدخلون السجون لمرة واحدة ويشعرون بالندم على فعلتهم، ويكافحون للعودة لحياتهم الطبيعية بعد انتهاء مدة محكوميتهم.
وهناك فئة من مكرري الجرائم مثل السرقات وعمليات السطو والمخدرات. هذه الفئة تشكل تحديا مزمنا للأجهزة الأمنية، وعبئا على السجون والجهاز القضائي. فما أن يغادروا السجون حتى يعودوا إليها من جديد. وفي أحيان كثيرة يتم توقيفهم لأيام لعدم ثبوت الجريمة، أو غياب الدليل.
أجهزة الشرطة تمتلك خبرة طويلة في التعامل مع هذه المجموعات، وتستطيع الوصول إليهم مع كل جريمة ترتكب في نطاق اختصاصهم للوصول إلى الفاعل من بينهم.
وسط هذه الأكوام من أصحاب السوابق والمدانين في جرائم متعددة، هناك فئة من أخطر المجرمين، واكثرهم تهديدا للمجتمع.هذه الفئة ترتكب الجرائم بلا رحمة،وهي مستعدة للعودة للسجن في اليوم التالي لخروجها منه.
انتفى الرادع الإنساني والقانوني بالنسبة لهم بشكل كامل.لا السجن يصلحهم ولا المجتمع قادرا على إعادة تأهيلهم.لقد قطعوا المسافة بين الحياة والموت، ولم يعد يعنيهم شيء سوى مواصلة ارتكاب الجرائم بلا ضوابط.
ما الفائدة من إضاعة الوقت معهم في التوقيف والمحاكمات والسجن وقبل ذلك استنزاف جهد الأجهزة الأمنية في مراقبتهم وملاحقتهم؟
يرتكبون الجرائم يوميا ويفلتون من العقاب بوسائل شتى. وفي أي لحظة تختار فيها الشرطة ملاحقتهم ستضبطهم في جريمة جديدة. وعندما يدخلون السجون لا يتوقفون عن ارتكاب الجرائم، ضد أقرانهم، تجنيد السجناء للعمل معهم في الجريمة وتجارة المخدرات بعد الخروج من السجن.
ويملكون من وسائل الحيلة والخداع ما يمكنهم أحيانا من ترويج المخدرات داخل السجون، وتحطيم حياة العشرات من السجناء المحبطين واليائسين.
مرتكب جريمة فتى الزرقاء وشريكه الأساسي، من هذه الفئة. ارتكبوا عشرات الجرائم ودخلوا السجون مرات ومرات، وفي سجلهم مئات القيود من جرائم الاغتصاب والمخدرات والبلطجة والإيذاء المتعمد والاعتداء الوحشي على الأبرياء، وتحدي سلطة القانون ورجال الأمن.
ومثل هؤلاء كثر تمادوا في جرائمهم إلى حد استهداف رجال الشرطة وقتلهم، وقد سقط على أيديهم العديد من الشهداء من خيرة شبابنا البواسل في السنوات الأخيرة.
ما الذي يجبرنا على تركهم في الشوارع ليرتكبوا جرائمهم الوحشية؟ لا أمل يرتجى منهم واصلاحهم فات أوانه. إنهم مجرد قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت، وعادة ما تنفجر على نحو وحشي وصادم كما حصل مؤخرا في الزرقاء.
يتعين علينا أن نصنف هذه الفئة من المجرمين بدقة ووضوح سنويا، ونطلق يد رجال الأمن لتصفية الحساب معهم في الشارع.
إنهم نفايات ينبغي التخلص منها كي لا تقتلنا الروائح.