غوشة لـ(صدى الشعب): إيجارات شقق في بعض مناطق عمّان تصل إلى 1500 دينار
عايش: ضرورة تحديد سقف للإيجارات لتحقيق توازن بين المالك والمستأجر
صدى الشعب – حلا باسل الحبيس
أكد خبراء ومستثمرون أن سوق الإيجارات في عمّان يشهد ارتفاعًا متسارعًا، متأثرًا بعوامل عدة منها النمو السكاني، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، والضرائب والرسوم المفروضة على القطاع.
وأشاروا خلال حديثهم لـ(صدى الشعب) إلى أن المعروض من الشقق لا يلبي الطلب الفعلي، خاصة على الوحدات الصغيرة، ما يزيد الفجوة بين العرض والطلب ويدفع الأسعار للصعود.
وبيّنوا أن استمرار هذه الزيادة قد يهدد استقرار السوق ويؤثر على قدرة الشباب والأسر على الاستئجار، داعين إلى تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإعادة النظر بالإطار التشريعي وتقديم حوافز لبناء وحدات ميسّرة توازن بين مصالح المستثمرين والمستأجرين.
الموقع يحدد الإيجار والمتر يتجاوز 1600 دينار غرب عمّان
إلى ذلك قال رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان الأردني ماجد غوشة إن العاصمة عمّان تشهد ارتفاعًا متسارعًا في أسعار الإيجارات وصل في بعض المناطق إلى أكثر من 40%، إذ تراوحت إيجارات الشقق ذات غرفتي نوم ما بين 450 و1500 دينار شهريًا.
وأوضح غوشة خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن هذا الارتفاع يعود إلى عدة عوامل أبرزها النمو السكاني المتزايد والهجرة الداخلية من المحافظات، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء واليد العاملة والضرائب المفروضة، فضلًا عن ارتفاع الفوائد على القروض السكنية، ما انعكس بصورة مباشرة على أسعار البيع والإيجار.
وأضاف أن المعروض من الشقق السكنية لا يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين، حيث يتركّز الاستثمار العقاري على المشاريع متوسطة ومرتفعة الكلفة، في مقابل نقص حاد في الوحدات الموجهة لذوي الدخل المحدود، وهو ما ساهم في اتساع الفجوة بين العرض والطلب.
وبيّن أن الاستثمار في السوق يتجه نحو بناء الشقق الكبيرة رغم أن الطلب الفعلي يتركّز على الشقق الصغيرة التي تقل مساحتها عن 100 متر مربع، مشيرًا إلى أن ذلك يعود لعدة أسباب أهمها الجدوى الاستثمارية التي تجعل الوحدات الكبيرة أكثر ربحية عند البيع، خاصة للمغتربين وغير الأردنيين، إضافة إلى اشتراطات التنظيم والمواقف التي تحد من بناء الوحدات الصغيرة، إلى جانب الثقافة المجتمعية التي ما زالت تفضل المساحات الواسعة، لافتاً إلى أن البنوك تميل إلى تمويل الشقق الأكبر باعتبارها أصولًا أكثر ضمانة.
وأشار إلى أن الضرائب والرسوم المفروضة على القطاع العقاري مثل ضريبة المسقفات ورسوم التراخيص وضريبة بيع العقار تعد جزءًا من الكلفة التشغيلية للمشاريع، ما يدفع المستثمرين والمالكين لتحميلها على المستأجرين من خلال رفع الإيجارات.
ودعا الحكومة إلى إعادة النظر في هذه المنظومة لتخفيف الأعباء عن المواطنين وتعزيز استقرار السوق.
كما أوضح أن الموقع يلعب دورًا حاسمًا في تحديد قيمة الإيجار، حيث تجاوز سعر المتر المربع في بعض مناطق غرب عمّان 1600 دينار، بينما تراوح في شرق وجنوب العاصمة بين 350 و500 دينار، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على القيم الإيجارية بين الأحياء.
وفي ما يتعلق بالإطار التشريعي، أكد أن السوق يعتمد على قانون المالكين والمستأجرين لسنة 1994 وتعديلاته، مبينًا أن الحاجة اليوم تكمن في تعديلات محددة تسهّل تسوية النزاعات والحد من الإخلاء القسري، بدلًا من إصدار قانون جديد.
وحذّر من استمرار ارتفاع الإيجارات والذي قد يشكّل تهديدًا لاستدامة الاستثمار السكني، وقد يدفع الشباب والأسر إلى البحث عن بدائل أقل كلفة أو التوجه للسكن المشترك، إضافة إلى ارتفاع حالات التعثر والنزاعات، وهو ما ينعكس سلبًا على جاذبية السوق العقاري.
وأكد على ضرورة تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص لاستثمار أراضي الخزينة وطرحها بأسعار رمزية أو بعقود طويلة الأمد لبناء شقق ميسّرة، إلى جانب تشجيع بناء الوحدات الصغيرة عبر حوافز ضريبية ورسوم مخفّضة، وتطوير برامج تمويل مدعومة للفئات المستحقة.
كما دعا إلى تشجيع الادخار السكني وابتكار منتجات مالية تساعد على زيادة المعروض من الوحدات الموجهة للشباب والأسر الجديدة، بما يسهم في استقرار سوق الإيجارات وتحقيق العدالة لجميع الأطراف
قانون المالكين والمستأجرين خطوة مهمة لتنظيم السوق
من جهته قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن التضخم، والمتمثل في الارتفاع العام في الأسعار، يسهم بصورة مباشرة في ارتفاع الإيجارات، وزيادة التكلفة المعيشية، وتفاقم الكلف الإضافية، ما يؤدي إلى سلسلة من الآثار التي تشمل زيادات متتالية في الإيجارات، وبالتالي استمرار التضخم العام، وانعكاساته على الحياة اليومية للمواطنين.
وأضاف عايش، خلال حديثه لـ”صدى الشعب”، أن توقف المواطنين عن الشراء وتوجههم نحو الاستثمار يؤدي بدوره إلى زيادة الطلب، وهي الزيادة التي تُسهم تلقائيًا في رفع الأسعار، ومن ثم زيادة الإيجارات، ما ينعكس سلبًا على القوة الشرائية للأفراد، بالتوازي مع ثبات أو تراجع دخولهم.
وأكد أن أسعار الإيجارات في العاصمة عمّان ستظل مرتفعة، مع وجود احتمال لحدوث بعض التراجع أو حتى التباطؤ في وتيرة الزيادات، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاعات “منضبطة” لا تصل إلى مستويات كبيرة، لافتًا إلى أن بقاء الأسعار عند مستويات مرتفعة يعود في جزء كبير منه إلى استمرار الطلب المرتفع في السوق.
وفيما يتعلق بتأثير ملف اللاجئين السوريين على سوق الإيجارات، أوضح أن عودتهم إلى سوريا لم تؤثر على مستويات الإيجارات، مشيرًا إلى أن غالبية من عادوا، سيعودون لاحقًا إلى الأردن، نظرًا لعدم وضوح المشهد الأمني في سوريا حتى اللحظة.
وشدد على أهمية تحقيق توازن عادل بين مصالح مالكي العقارات والمستأجرين، من خلال وضع سقوف سعرية أو نسب مقبولة لأسعار الإيجارات، معتبرًا أن الكثير من العقود الحالية تتضمن أسعارًا “جائرة”، داعيًا إلى الاستفادة من تجربة تطبيق قانون المالكين والمستأجرين الذي دخل حيّز التنفيذ منذ عام 2011، والعمل على تطويره بما يخدم طرفي العلاقة التعاقدية.
ودعا إلى تحسين البنية التحتية والربط المروري، بما يجعل التوسع العمراني خيارًا جاذبًا وسهلًا، ويسهم في تخفيف الضغط على مناطق محددة أو مركزية، وبالتالي تقليل الطلب المركز في مواقع بعينها.
وفي الإطار القانوني، أشار إلى أن قانون المالكين والمستأجرين لعام 2011 يُعد جزءًا من المنظومة التنظيمية لسوق الإيجارات والعلاقة بين الأطراف المعنية، مؤكدًا أن القانون يمثل خطوة مهمة في هذا المجال، لكنه لا يكفي وحده دون وجود سياسة دائمة تدعمه، تشمل شروطًا مناسبة لمعدلات دخول المواطنين، بالإضافة إلى ضرورة وجود رقابة فاعلة وفعّالة، تضمن تنفيذ القانون بشكل سريع ومنصف، بما يتيح للمستأجرين الدفاع عن حقوقهم.
