صدى الشعب – راكان الخريشا
سعى الأردن في ظل التحديات الاقتصادية الإقليمية والدولية إلى تعزيز جاذبية بيئته الاستثمارية من خلال حزمة من الحوافز والامتيازات، التي تشمل الإعفاءات الضريبية والجمركية والتسهيلات الإدارية، ورغم أهمية هذه الإجراءات، تبقى الأسئلة قائمة حول مدى كفايتها في استقطاب المستثمرين المحليين والأجانب، ومدى انعكاس استقرارها على ثقة رؤوس الأموال، إضافة إلى ما إذا كان توزيعها القطاعي والجغرافي يترجم أولويات التنمية الوطنية، كما يبرز الجدل حول العقبات الإجرائية وشروط الالتزام بالعمالة المحلية، والتي قد تحول دون تحقيق هذه الحوافز لغاياتها بالشكل الأمثل.
ومن ضمن هذا الإطار قالت المحامية المختصة، رؤى الخريشا، مستندة إلى قانون بيئة الاستثمار الأردني رقم 21 لسنة 2022 وما يرتبط به من تشريعات، إن الإعفاءات والحوافز المقدمة للمستثمرين تشكل عنصر جذب مهم، لكنها لا تكفي وحدها لجلب الاستثمارات الكبرى، ما لم تصاحبها بيئة تحتية وتشريعية مستقرة، وتسهم في تسهيل إجراءات الترخيص والموافقات، وأن هذه الحوافز تتطلب متابعة فعّالة لضمان تحقيق أهدافها الاقتصادية، وعدم الاقتصار على الجوانب الشكلية.
وأوضحت الخريشا إن القانون يمنح المستثمرين إعفاءات ضريبية وجمركية متنوعة، تشمل تخفيضات على ضريبة الدخل، وإعفاء مدخلات الإنتاج من الرسوم الجمركية، بالإضافة إلى حوافز خاصة للمشروعات الاستراتيجية والمناطق التنموية، وجاذبية هذه الحوافز لا تتحقق إلا عندما تكون البيئة التشريعية مستقرة، إذ نص القانون على حماية الحقوق المكتسبة للمستثمر، بحيث لا تسري أي تعديلات لاحقة بصورة تضر بالامتيازات السابقة. وعلى الرغم من احتفاظ الحكومة والبرلمان بحق تعديل التشريعات مستقبلًا، فإن الالتزام بعدم الإضرار بالمكتسبات القائمة يشكل ضمانة أساسية لتعزيز الثقة في بيئة الاستثمار.
وأشارت الخريشا إلى أن الامتيازات تُمنح وفق قطاعات محددة مثل الصناعة والزراعة والسياحة وتكنولوجيا المعلومات، ومناطق جغرافية معينة تشمل المناطق الحرة والتنموية، ما يعني أنها ليست متساوية لجميع المستثمرين، بل موجهة نحو القطاعات والمشروعات التي تحقق الأولوية الوطنية والتنمية الإقليمية. وأن هذه الامتيازات إضافة إلى ضمان المعاملة المتكافئة للمستثمر الأجنبي والمحلي وحرية تحويل الأرباح ورؤوس الأموال، تعد ركائز أساسية لتعزيز ثقة المستثمر، خصوصًا الأجنبي الذي يواجه مخاطر أكبر عبر الحدود.
وحذرت الخريشا من بعض الثغرات والتحديات التي تواجه المستثمرين، منها تعقيد الإجراءات الإدارية وطول مدد الحصول على الإعفاءات، إضافة إلى اشتراطات صارمة قد تؤدي إلى سقوط الامتياز في حال عدم الالتزام بنسبة العمالة المحلية أو مواقع الاستثمار، وكذلك إمكانية تعديل التشريعات مستقبلًا بما يحد من الحوافز الجديدة، وتفاوت التطبيق العملي أحيانًا وغياب الشفافية الكاملة، إضافة إلى المنافسة الإقليمية من دول الجوار التي تقدم حوافز وإجراءات أكثر مرونة.
واختتمت الخريشا إن الأردن بحاجة إلى آلية متابعة فعّالة لضمان استمرارية الامتيازات وتحقيق النتائج المرجوة من الحوافز، مع تطوير بيئة أعمال تنافسية تستقطب الاستثمارات وتدعم النمو الاقتصادي المستدام، بما يعزز الثقة لدى المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.






