كتب – راكان الخريشا – في لحظة فارقة من التاريخ العربي المعاصر، ارتفع صوت جلالة الملك عبدالله الثاني في قلب البرلمان الأوروبي، لا كزعيم يبحث عن مجاملة، بل كقائد يحظى باحترام نادر، قلّ أن يُمنح في هذا الزمن لقائد عربي.
كان المشهد استثنائيًا بكل ما فيه الوقوف، التصفيق، والإنصات العميق، كأن العالم كله كان يصغي لصوت الحكمة وسط ضجيج العالم، الملك لم يكن هناك ليرضي أحدًا، بل ليقول الحقيقة كما هي، تحدّث بلسان عربي ثابت، لا يرتجف، ولا يساوم، كان صوته صافيًا كضمير أمّة، وملامح موقفه واضحة لا يداخلها غموض حمل معه الأردن، بتاريخه ومبادئه، وألقى بكامل ثقله الأخلاقي والسياسي في الدفاع عن القيم، وعن السلام، وعن الإسلام الذي يُشوَّه كل يوم على يد المتطرفين والجهلة.
لم يكن الخطاب مجرد كلمات مكتوبة، بل كان نبض بلد يعرف كيف يبقى واقفًا رغم الرياح، بلد صغير بجغرافيته، كبير بموقفه، تحدّث جلالة الملك عن المنطقة وكأنه يرسم خريطة جديدة، خريطة لا تُبنى على الصراعات بل على العدالة، ولا تُفرَض بالقوة بل تُصنع بالحكمة الأردن، الذي لطالما اختار طريق الاعتدال والعقل.
وجد في هذا الخطاب ترجمة حقيقية لدوره، وصوته، ومكانته لم يكن جلالة الملك يطلب تأييدًا، بل يفرضه، لا بصوت مرتفع، بل بمنطق صادق يعرفه العالم ويقدّره، ما جرى في بروكسل لم يكن مجرد خطاب سياسي، بل لحظة اعتراف عالمي بدور استثنائي، وبلد استثنائي، وقائد استثنائي.