صدى الشعب – كتبت م.ندى أبو عبده
لا يُقاس القادة فقط بما يُنجز من مشاريع، بل بما يتركونه من أثر في القلوب، وما يغرسونه من قيم، وما يُضيئونه من دروب للآخرين. واليوم، مع إعلان استقالة معالي نايف حميدي الفايز من رئاسة سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، نودّع رجلًا لم يكن مجرد مسؤول، بل كان رمزًا للقيادة المتزنة، والإنسانية الحاضرة.
رغم أنني لم أعمل معه بشكل مباشر، إلا أنني كإحدى موظفات السلطة، لا يسعني إلا أن أقف احترامًا لما قدّمه خلال العامين الماضيين، وما تركه من بصمة واضحة في وجدان المدينة وأهلها. يكفيني أنني كنت شاهدة – مثل كثيرين – على حضوره القريب، ومتابعته الدقيقة، ورؤيته التي جمعت بين الحزم والرحمة.
لم يكن نايف الفايز يغيب عن أي فعالية، ولا عن أي مناسبة تخص موظفيه أو أبناء مدينته. في كل مرة أراه، أراه كأب يحنو، وكقائد يلهم، وكإنسان يُقدّم الكلمة الطيبة إلى جانب القرار، ويمنح الثقة بقدر ما يُطالب بالمسؤولية.
وقف إلى جانب طلاب المدارس، وربّت على أكتاف الموظفين، وزار الجميع في أعيادهم ومناسباتهم، وحرص أن يعرف أسماءهم، وأن يشاركهم همومهم وأحلامهم. وحين كان يسير في شوارع العقبة، لم يكن يمر مرور الكرام، بل يلتفت، يلاحظ، يدوّن، ويقترح… وكأن المدينة جزء من روحه.
رافقت فريقًا إعلاميًا ذات يوم لتغطية جولة له، ورأيت كيف يتفاعل مع كل ركن في هذه المدينة، وكيف يُعامل الناس بمحبة وشغف، وكيف لا يكتفي بالمكاتب والتقارير، بل يختار أن يكون في الميدان، بين الناس، وبين موظفيه.
وفي زمنه، تم إنجاز عدد من المشاريع التنموية والسياحية الكبرى، لكن الأثر الأهم – في نظري – هو ذلك الشعور الجماعي بالثقة والانتماء الذي بناه بيننا. فقد جعل من المؤسسة بيتًا، لا مجرد مبنى، ومن العمل رسالة، لا مجرد وظيفة.
لم يكن يُجامل في تقصير، لكنه كان أول من يرفع المعنويات عند الإنجاز. رجل آمن بقدرات كوادره، وساندهم، وانتصر لهم. وهذه هي القيادة التي تبقى في القلوب حتى بعد أن تغادر المناصب.
اليوم، ونحن نودّعك يا معالي نايف الفايز، لا نودّعك كموظفين لرئيس سلطة، بل كأبناء لمدينة احتضنتك، وتقدّر كل ما قدمته لها من جهد، وعطاء، وصدق.
شكرًا لك… ودمت كما عرفناك دائمًا: قائدًا يحمل الإنسان أولًا، ويترك وراءه أثرًا لا يُمحى.