بإقرار الحكومة لنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص لسنة 2021 قبل أيام قليلة يفترض أن نتحرك بسرعة أكثر نحو هذا النوع من الاستثمارات لما له من فوائد جمة تفتح الأبواب للمستثمرين للدخول بشراكات مع القطاع العام في قطاعات يكون فيها الاستثمار صعبا أمام القطاعين منفردين. أكاد أن أجزم بأن هذا الخبر كان مفرحاً للقطاع الخاص المحلي والأجنبي وللمستثمرين المهتمين بمثل هذه المشروعات. فلطالما طالب القطاع الخاص بتمتين الشراكة بين القطاعين من خلال مشروعات حقيقية وبشراكة واقعية وعملية ومنظمة وشفافة. والشفافية تقتضي أن تبين شروط عقود الشراكة بوضوح لا لبس فيه حقوق والتزامات كافة الأطراف المتعاقدة بحيث تحفز هذا النوع من الاستثمارات وتحافظ على المال العام من الهدر والضياع بحيث تعود استثماراته بالنفع على الناس والمجتمع والأطراف المتعاقدة.
مشاريع الشراكة التي ستقام ما بين القطاعين العام والخاص ستعلنها وتدرجها الحكومة في السجل الوطني للمشروعات الحكومية الاستثمارية الذي أقرت نظامه لسنة 2021 بالتزامن مع إقرار نظام مشروعات الشراكة. هذا السجل ستديره وحدة الاستثمارات الحكومية في وزارة التخطيط والتعاون الدولي. ويهدف السجل إلى توفير بيانات شاملة (بنك معلومات) لجميع المشروعات الحكومية الاستثمارية، وحفظ وثائق هذه المشروعات والدراسات والتقارير المتعلقة بها. وبنفس الوقت أرشفتها وتنظيمها، وتحديد أولوياتها وإدارتها، ومراقبة مؤشرات أدائها خلال مراحلها المختلفة؛ تحسينا لجودة مخرجاتها وتحقيقا لأهدافها الإنمائية؛ وفقا للكلف المالية والجداول الزمنية المعتمدة لها حفاظا على المال العام. ما يزال الموقع الإلكتروني للوحدة المذكورة فارغا حتى ساعة كتابة هذا المقال ظهر يوم أمس. ماذا ننتظر؟!
وقد تجدد الاهتمام بالشراكة بين القطاعين العام والخاص في كل من البلدان المتقدمة والنامية بعد الأزمة المالية للعام 2008. ففي مواجهة القيود المفروضة على الموارد العامة والحيز المالي الضيق، ومع الاعتراف بأهمية الاستثمار في البنية التحتية لمساعدة اقتصاداتها على النمو، تتجه الحكومات بشكل متزايد إلى القطاع الخاص كمصدر إضافي بديلا للتمويل لسد فجوة التمويل وللمشاركة في تحمل جزء من مخاطر الاستثمار.
وبالرغم من أنه لا يوجد تعريف مقبول عالميا لمفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تلجأ الدول والمؤسسات الدولية الى تعريفات تكون مقبولة في مجتمعاتها وملائمة لمشاريع الشراكة التي تدخل بها. ومع ذلك يمكن تعريف الشراكة على انها تعني “عقد طويل الأجل بين طرف عام وطرف خاص، لتطوير و / أو إدارة أصل أو خدمة عامة، يتحمل فيه الشريك الخاص مخاطر كبيرة ومسؤولية إدارية طوال مدة العقد، وتكون العوائد والمكافأة بشكل كبير مرتبطة بالأداء و / أو الطلب أو استخدام الأصل أو الخدمة.” ولا بد من التنويه أن هذا النوع من التعاقد يختلف عن الخصخصة بالمعنى الحرفي. فالخصخصة تعني النقل الدائم للأصول وللمسؤولية في تقديم الخدمة إلى المستخدم النهائي من القطاع العام إلى القطاع الخاص. ومع ذلك، فإن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تتضمن بالضرورة دورا مستمرا للقطاع العام، على الاقل اخلاقيا ومعنويا أمام المستهلك، باعتباره “شريكا” في علاقة مستمرة مع القطاع الخاص.
ومن هنا نرى بانه يجب أن تكون أهداف مشروعات الشراكة واضحة للطرفين وهي تحقيق الأرباح وتلبية متطلبات التمويل المستدام لانشاء البنية التحتية وتعظيم الثروات للقطاع الخاص. بالمقابل، فهي للقطاع العام تحسين كمية وجودة وكفاءة الخدمات وتحسين جودة الإدارة والصيانة في إنشاء البنية التحتية علاوة على تحقيق بعض الإيرادات أيضا لتعزيز موارد الخزينة في ظل الارتفاع المتزايد للنفقات. حمى الله الأردن.