صدى الشعب – كتب عبد الله توفيق كنعان
تمر على أمتنا في شهر رمضان المبارك ذكرى الكثير من الاحداث والوقائع المؤلمة، ولعل مصدر المها ليس في مضامينها فحسب، ولكن ما أعقبها من وقائع وأحداث مشابهة، وقفت أمتنا منها موقف ضعف وقلة حيلة ولم تعد لها استراتيجية وخطط كفيلة بمواجهتها ، خاصة أن من يوجه لأمتنا الاستهداف والهجمات هو احتلال صهيوني يستند للمخططات والبرامج المعدة مسبقاً.
وفي سياق العدوان الممنهج على أمتنا ومقدساتنا نذكر ما جرى بتاريخ 18 رمضان 1400هـ والموافق 30 تموز 1980م ، من اصدار الكنيست الاسرائيلي ( قانون أساس / أورشليم القدس عاصمة اسرائيل)، وقد اضيف لهذا القانون بعض التعديلات عام 2000م، ويتضمن عدة بنود، منها القدس الكاملة عاصمة مزعومة لاسرائيل، واعلان القدس مقراً للعديد من المؤسسات الرسمية مثل الكنيست ومحكمة العدل العليا الاسرائيلية مصدر التشريعات العنصرية، وبالرغم من صدور قرار مجلس الأمن رقم (478) بتاريخ 20 اب 1980م، والذي نص على عدم الاعتراف بما يسمى بالقانون الاساسي الاسرائيلي وطلب من الدول سحب بعثاتها الدبلوماسية منها، الا أن بعض الدول التي تدعي الديمقراطية وساهمت بتأسيس المنظمات الدولية بما فيها هيئة الامم المتحدة خالفت للأسف شرعية هذا القرار باصدارها تصريحات واتخاذها اجراءات منحازة لاسرائيل تخدم فيها مصالحها الاستعمارية، وتساهم في القضاء على مسار حل الدولتين، ويتمثل ذلك باعلان الرئيس الامريكي ترامب في دورته الرئاسية السابقة بتاريخ 6 كانون الاول من عام 2017م اعترافه بالقدس عاصمة مزعومة لاسرائيل، على الرغم من صدور قرار رافض له من الجمعية العامة للامم المتحدة بتاريخ 21 كانون الاول 2017م الا انه كان دافعاً لاسرائيل نحو اعلانها وتشريعها الباطل لقانون القومية ( قانون اساس اسرائيل لسنة 2018م).
ولم تقتصر الذاكرة على وقوع احداث مؤلمة في القدس على التقويم الهجري فقط، بل حدث في مثل هذا اليوم حسب التقويم الميلادي، وتحديداً بتاريخ 18 آذار 1997م قيام اسرائيل بنهج الاستيطان ( الاستعمار) باقامة مستوطنة في جبل أبو غنيم في القدس، ومن المعروف ان سرطان الاستيطان الاحلالي يشكل خطر كبير تستخدمه اسرائيل في برنامجها الصهيوني القائم على مساعي تفريغ مدينة القدس من أهلها وتهجيرهم منها، وبالطبع فإن القوانين العنصرية الاسرائيلية على اختلافها تهدف الى التهويد والاسرلة في القدس وفلسطين المحتلة كلها.
ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وهي تذكر بألم بعض الوقائع التي جرت في شهر رمضان المبارك، تؤكد ان الاحتلال الاسرائيلي ونهجه الاحلالي مستمر ولا يأبه بحرمة الشهور ومكانتها الدينية عند الأمم، فهو احتلال واستعمار يعارض الحقائق التاريخية والقوانين الدولية والاخلاق والفطرة الانسانية، التي تؤكد جميعها على حق الشعوب بأرضها ومقدساتها وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني، كما تبين اللجنة أن اعادة قراءة الاحداث التاريخية ومتابعة ما جرى عليها من تطورات يعكس مبدأ التخطيط الصهيوني والذي يجب الوعي له وبناء ثقافة مواجهته.
وتبين اللجنة ان الكثير من انتصارات الأمة وانجازاتها كانت في شهر رمضان المبارك بالرغم من بعض الاحداث التاريخية المؤسفةالتي تعرضت لها الامة بسبب فرقتها ، والتي يجب اعادة النظر في سبب الاخفاقات التي جرت خلالها، وذلك بهدف ما يسمى اليوم بالمنهج العلمي القائم على إعادة التقييم ، خاصة أن الأمل في وعي أمتنا وامتلاكها للكثير من أسباب النصر هو ما نواجه في جميع التحديات والصعاب دفاعاً عن أمتنا وقضاياها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وجوهرتها القدس.
ان الواجب التوعوي الثقافي المرتبط بفلسطين والقدس وعلى الرغم من الاحتلال والاستعمار الجاثم على أهلنا وأرضنا العربية ومقدساتنا الاسلامية والمسيحية، يقوم اليوم على ضرورة اعادة قراءتنا للأحداث، وذلك بهدف الخروج منها على الرغم من قساوة بعضها على ذاكرتنا وواقعنا بالدروس والعبر المفيدة، فالاعلام العربي والاسلامي والعالمي الحر عليه مسؤولية توعوية مهمة تتمثل ببث الأمل والثقة بالاجيال، وعليه أن يزيد لديها القناعة بأن الاحداث المؤلمة والمؤسفة هي محرك وحافز لنا لصناعة مستقبلنا وتاريخنا بالحرية والنصر.
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس