الدكتور هاشم الفاخوري
أصبح الاحتراق الأبوي ظاهرة منشرة مؤخرًا على نحو كبير وهناك دراسات تشير إلى هذه المتلازمة، حيث أنها تصيب 7% من الآباء والأمهات.
وفي دراسات في الولايات المتحدة تم الإشارة إلى أن 5 ملايين والد ووالدة يعانون من المتلازمة في كل سنة.
والاحتراق الأبوي، هو حالة الإرهاق الشديد التي تصيب أحد الوالدين أو كلاهما نتيجة التعرض المستمر لضغوط مسؤوليات الأبوة أو الأمومة دون وجود سبل كافية لإدارة هذا الإرهاق والتعافي منه.
وتكمن المشكلة الأكبر أن كثيرًا من الآباء والأمهات يعتبرون أن هذا الاحتراق الأبوي، هو جزئ طبيعي لا بد منه في الوالدين، لدرجة أن الآباء والأمهات يشعرون بالخجل والتقصير عندما يعانون من التعب بسبب أطفالهم ويعملون على إخفاء هذه المشاعر مع أن عدم التعامل معها بطريقة صحيحة سيؤدي الى تدهور في الصحة العقلية و النفسية و الجسدية.
مجالات تأثير الاحتراق الأبوي على الصحة العقلية والنفسية والجسدية
1.هذه بعض من المجالات التي قد تتأثر بها الصحة العقلية و النفسية:
• ضبابية في التفكير
• عدم القدرة على العمل و سرعة في الغضب
• قلة التركيز
• كثرة النسيان
• زيادة في مستوى الضغط النفسي
• الدخول في الاكتئاب
• قلة النوم
2.الصحة الجسدية:
هذا التأثير على الصحة العقلية سوف يؤثر على الصحة بشكل عام لأنه قد يؤثر على الاتزان الهرموني في الجسد و يسبب فقدان الرغبة الجنسية و أيضا يؤدي الى أمراض الأوعية الدموية و القلب و أمراض ارتفاع السكر في الدم.
3. العلاقات الأسرية:
1-اضطراب العلاقة أكثر وبشكل كبير بين الوالدين والتسبب بكثرة الخلافات وفقدان قنوات التواصل
2-انسحاب أحد الوالدين والقاء عاتق المسؤولية كاملة على الطرف الأخر بسبب الشعور بالسأم و اليأس
3-البعد والجفاء العاطفي مع الأطفال والتسبب بالاساءات اللفظية وربما الجسدية للطفل جراء الغضب السريع و قلة القدرة على التحمل
أسباب الاحتراق الأبوي:
لكل حالة ظروفها الخاصة لكن القاسم المشترك بين الحالات، هو الإرهاق الشديد الذي قد يعانيه الأب أو الأم أو كلاهما مع الشعور بالضجر.
وذكر بعضًا من الأسباب:
1-القلق المفرط الناجم عن صعوبة التعامل مع الطفل أو الصعوبات المدرسية التي يواجهها
2-إصابة أحد الوالدين بالإرهاق عندما لا يقدم له الوالد الآخر العون الكافي في تربية الطفل و خصوصا الضغط المجتمعي على الأم أن التربية هي دور مقصور عليها فقط و أن الأب لا دخل له في التربية
3-القلق الشديد بسب رفع مستوى توقعات الوالدين في الطفل الى حد مبالغ فيه
4-المؤثرات المجتمعية: حيث أننا تربينا على أن الام للتربية والمنزل وأن الأب دوره أن يعمل ويوفر الاحتياجات المادية لأسرته، ويلعب المجتمع دورا كبيرا في تسبب الاحتراق الأبوي وخصوصا للأم، حيث أنها تهتم من كل النواحي من حولها بأخلاق أولادها وتحصيلهم المدرسي وانجازاتهم و هواياتهم فتشعر وكأن الامهات دخلن في ماراثون جنوني لاثبات أنني الأم الأفضل لاولادي و هذا بحد ذاته يجهد الأم و الابن أيضا و يؤدي الى الاحتراق الأبوي من التعليمات التي لا تنتهي من المجتمع عن كيفية فعل كذا وكذا.
5- شبكات التواصل الاجتماعي: حيث أن متابعة العائلات المطلقة السعادة والمتفاهمة والأم والأب اللذان يحققان لأطفالهم ما يتمنون و يشتهون هو الهدف الواجب علي كأم، أو كأب الوصول اليه و تحقيقه على الرغم من أن هذه الفيديوهات كلها زائفة ووهمية تم صنعها فقط لنيل اللايكات و الاعجاب للحصول على المردود المادي
الانسلاخ عن عاداتنا و تقاليدنا المستوحاة من الشرع والثقافة العربية
إن الاطفال عليهم السعي لرضى الوالدين و ليس العكس. حيث نلاحظ أن الأم و الأب يستنزفان و هما يبحثان لاشعوريا كيف أرضي ابني و أكسب حبَه عن طريق تحقيق كل رغباته و طلباته المادية متناسيا ان الابن هو من عليه أن يسعى لكسب الوالدين و ذلك لبعدنا عن عاداتنا و تقاليدنا
كيفية التعامل مع الاحتراق الأبوي:
1-كن لطيفا بحديثك مع نفسك فشعورك بالاحتراق من مسؤوليات الاطفال لا يعني أنك أم أو أب مقصر
2-أعط الاولوية لصحتك الجسدية و العقلية بممارسة الرياضة و الأكل الجيد لأنك اذا كنت بعافية ستستطيع مواصلة العناية بأسرتك 3-طلب المساعدة من الأصدقاء و الأقارب و الشريك اذ ان مشروع الأبناء و التربية هو جهد مشترك بين الام و الأب و تفويض الطرف الاخر ببعض المهام و حتى لو لم تؤدي الى الطريقة المثالية هو كفيل بان يخفف بعض الاعباء
4-فرص سريعة للراحة
الطلب من احدى القريبات بالاعتناء بأطفالك و بالمقابل ستفعلين الأمر ذاته لها في يوم اخر
5-التحدث و التفريغ بحرية عن تلك المشاعر من غير خجل أو شعور بالخجل لطرف حيادي لا يلقي الأحكام عليك
6-التخلي عن الوالديَة المثاليَة:
هناك امور لا نريد القيام بها و لكن نفعلها تحت شعار أنا أم أو أب جيد. على الرغم مما تسبه لنا من الضغط و التوتر
7- وضع حدود لأطفالك:
بطريقة بسيطة و مباشرة و بشكل تدريجي على الطفل أن يفهم أن هناك وقت مستقطع للأب و الأم للراحة و احترام هذا الوقت (في البداية سيكون الأمر صعبا و لكن الطفل سيفهمه فيما بعد) و هذا سيزرع احترام الطفل لوالديه
8-في حالة الانهاك الشديد أو الشعور بالتوتر و العصبية الزائدة و الاكتئاب، قد تحتاج الى مراجعة الاخصائي النفسي للمساعدة في اخراج هذه المشاعر و عدم كبتها و التعامل معها بطريقة صحيحة