كلمات النواب في الميزان

على مدى أربعة أيام متتالية مارس السادة النواب حقهم الدستوري في مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2021، وهي في الإطار العام لم تخرج عن المألوف الذي اعتدنا على سماعه في المجالس السابقة.
كلمات السادة النواب كانت متنوعة ما بين اقصى اليمين إلى اقصى الشمال، ولا يستطيع أحد حتى ان يحدد اتجاهات المواقف بشكل واضح من تلك الخطابات إلا بعض القلة القليلة من الكلمات الموزونة التي اعطت اتجاهاً تصحيحاً لبعض الانحرافات في مضمون الخطاب.
ورغم ان الحدث اقتصادي بامتياز وهو مناقشة خطة الدولة المالية للسنة الحالية، إلا ان مضامين الكلمات النيابية انقسمت باتجاهات متعددة، تدخل ضمن أربعة محاور وهي كالاتي:
أولا: الجانب السياسي، عدد من النواب وهم قلة من المتمرسين بالعمل الحزبي تحديداً أعطوا لخطاباتهم في الموازنة بعداً سياسياً واضحاً، واستغلوا الحدث الاقتصادي، للحديث عن الإصلاح السياسي وتشعباته المختلفة، لا بل ان بعضهم ذهب إلى ان جوهر الأزمة الاقتصادية هو سياسي بحت.
ثانيا: المحور الاقتصادي: وتمثلت تحديدا بالكلمة التي ألقاها النائب الدكتور خير ابو صعيليك نيابة عنه وعن كتلة العدالة، ومثلت الوجه المشرق في الخطابات النيابية المتخصصة في الشأن الاقتصادي، وكانت الكلمة تتناسب مع شكل ومضمون الحدث القائم وهو مشروع قانون الموازنة، فقد تضمنت تشخيصا علمياً وعملياً لخطة الدولة المالية، مع استشراف التحديات التي تحيط بتنفيذها خاصة، وتلقي بظلالها على الاقتصاد الوطني عامة، وتعطي دلالة اقتصادية تنموية وتنويرية لراسم السياسة الاقتصادية وصانعها.
ثالثا: المحور الخدمي، وهو يشكل الغالبية العظمى لكلمات النواب حول الموازنة، وهذا أمر اعتاد الشارع على سماعه، وقد يكون هو اصلا ما يريد سماعه الناخب الذي يتطلع إلى نائب يحقق ويلبي طلباته في التعيينات والخدمات المختلفة لمناطقهم الانتخابية، لأن النائب أساسا في غالبية محافظات ومناطق المملكة انتخب على هذا الأساس، وهي الوعود الانتخابية الخدمية المناطقية، ولا أحد يستطيع ان يصنف هذه الكلمات بأنها غير مهمة، قد تكون هي الأهم للناخب، وهي معيار قوة النائب في حال تحقيقها، لكنها من الناحية الاقتصادية تخالف الكثير من أسس الموازنة وأرضياتها، لا بل تخالف مقدمات الكلمات النيابية في الموازنة المخصصة للإصلاح الاقتصادي، لا بل ان بعضها فيها تعارض وازدواجية بين المواقف والمطالب.
رابعا: المحور الفوضوي، وهنا أقصد بعض الكلمات النيابية التي تشكل فعلاً عبثاً في الطرح من حيث المضمون والشكل، وهي جزء مألوف بالطرح، فبعض النواب يستغلون موسم الموازنة للصراخ والشتيمة، والظهور الإعلامي الهادف إلى الشعبويات، ورغم ان هؤلاء قلة، إلا ان حضورهم يشكل جزءاً رئيساً من الانطباع العام التي تؤخذ من قبل الشارع على خطابات النواب.
للأسف محاور النقاشات السابقة لكلمات النواب هي فعلاً هكذا، وباستطاعة أي ناخب ان يسمع كلمة نائبه ويصنفها حسب ما يراه هو مناسباً، وأجزم أنها لا تخرج من التصنيفات الأربعة السابقة، وفي النهاية تقر الموازنة من النواب إلى الاعيان ويبدأ بعدها عهد النسيان الرقابي على خطة الدولة وآليات تنفيذها، والى اللقاء مع حلقة جديدة من خطابات الموازنة في العام المقبل 2022.

أخبار أخرى