نبيل الكوفحي
التخطيط يُعنى بالمستقبل، ويُبنى على تجارب الماضي وامكانات الحاضر. ومهما كان التخطيط محترفا، الا انه يبقى فعلا بشريا ناقصا. يعزوا بعض المؤرخين والمحللين بعض الانتصارات الى حسن الخطة وتميزّها، والتي تعظم الامكانات القليلة من الجنود والعتاد. و منها كتاب عبقرية خالد، اشارة الى خطط سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه.
الخُدعة جزء من التخطيط، وتستند الى فعل غير متوقع من العدو؛ قد يكون ذلك ظاهر يبالغ في الامكانات ذاتها، كفعل سيدنا خالد بن الوليد في تبديل قطاعات الجيش في معركة مؤتة، وقد يكون بسابقة لم تعرف مسبقا كما في حفر الخندق حول المدينة، ومن تلك الخدع جر السلطان محمد الفاتح السفن الى اليابسة ونقلها على الاخشاب المشبعة بزيوت التشحيم وانزالها الى البحر المقابل بعد ان صعب على المسلمين الاقتحام من البحر مباشرة لمدينة القسطنطينية.
جاء في السيرة النبوية ان نعيم بن مسعود بن عامر الغطفاني، قد جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم معلناً إسلامه، فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت. وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني بما شئت. فقال رسول الله : إنما أنت رجل واحد، فخذل عنا ما استطعت؛ فإن الحرب خدعة. فأتى إلى بني قريظة وخدعهم بمكر قريش لهم، وهكذا فعل مع قريش.
في العدوان على غزة؛ تعد الخدع التي يقوم بها المجاهدون احد اسباب خسائر العدو المحتل لجنوده وعتاده، فحالات الاستدراج لعيون أنفاق مفخخةً تسببت في مقتل الكثير من جنوده. ولعل الخدعة الاكبر هي تلك الايحاءات عبر سنتين سابقتين ان حركة حماس ليس بوارد لديها الهجوم كما انها تعاني من مشكلات كبيرة تجعل من الصعب عليها ان تهاجم جيش الاحتلال.
في المقابل؛ نجد ان احد اسباب هزيمة الجيوش العربية امام جيش الاحتلال هي الخدع التي مورست، ومنها طلب وقف اطلاق النار حتى يتمكن من الحصول على اسلحة جديدة واعادة ترتيب قواته.
مخطيء من يثق بوعود الاحتلال، فكل وعوده في ” اتفاقيات السلام ” خدع لكسب الوقت وبناء المستوطنات وتفتيت وحدة الامة واختراقها من وسطها واطرافها حتى وصلت لحالة تعجز عن ادخال كأس من الماء.
اذا لم نؤمن بقوله تعالى في حقهم ( الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ) سنبقى ندفع ثمن ” سذاجتنا” حتى لا يبقى شيء من ارض او كرامة.
والى مقال آخر ان شاء الله