كتب. الدكتور / محمود الرجبي
قَدْ يتعرض المواطن فِي الأرْدُنّ لعمليات نصب ناعمة دونَ أن يدري، وَربَّمَا يشكر من نصب عَلَيْهِ، ويعطيه إكرامية، وهُوَ يبتسم بسعادة، وما أقوله هُنا ليْسَ مَقْطَعَاً من مَسْرَحِيَّة كوميدية، أو فلم عربي، بَلْ هُوَ واقع ما يَحْصل فِي بَعْض الأحيان لِلأسَفِ.
نسمع قصصًا كَثِيرة عَن أشخاص تعرضوا لعمليات نصب قَدْ لا يطالها القَانُون، لذكائها، ولقدرة أصحابها عَلَى إقناع النَّاس بصدقهم، ومِن هَذِهِ الـمَجَالات الأمور الَّتِي يصعب قياس ما يَتِمّ العَمَل فِيهِا، وَهَذِهِ تجعل المواطن يدفع لبعض الفنين دونَ أن يَعْرِف حجم العَمَل الممنوح لَهُ، وماهيته، ويصعب أصلا تحديده.
سأعطيكم مثالًا شَخصيًا يَدُلّ عَلَى خُطُوُرَة ما أقول، قبل سنوات تعطل فتح صُنْدُوُق سيارتي بالريموت كنترول فقمت بمراجعة فَنِّي لتصليحه فَطَلَبَ – حسب ما اذكر – 210 دَنانير – حَيْثُ تحتاج السَّيَّارَة إلى تغيير جِهَاز معين، فقررت عدم تصليحه، إذْ يُمْكِنُ فتحه من خِلال المفتاح المُرفَق بالريموت، وسارت الأمور هَكَذَا، وَعِنْدَمَا أرسلت سيارتي للدهان، وعدت بعْد فترة لآخذها صدمت بالفني يفتح الصُّنْدُوق بجهاز التوجيه، فَقُلْت لَهُ مُستغربًا: لَمْ أطلب تصليح صُنْدُوُق السَّيَّارَة. فأخبرني أنه لَمْ يصلحه، بَلْ أثناء تفريغ محتوياته اكتشف الصنايعي أن هُنَاكَ سلكاً كهربائياً مقطوعا، فَقَامَ بوصله فَقَطْ. تخيلوا هَذَا يُدفع المبلغ الَّذِي يُسَاوي راتب مُوَظَّف بسيط من أجل ربط سلك؟
تَتَكَرَر القَصَص الشبيهة، وَالـمُشْكِلَة من يَسْتَطِيع مِنَّا تَحْدِيد الخلل الَّذِي تُعَانِي مِنْهُ سيارته، أو غسالته، أو أي جِهَاز يتلف عِنْدَهُ، فيستطيع مثلًا الفني أن يصلح قِطْعَة ثمنها دِينَار ويعيد الْجِهَاز للتشغيل، ويدعي أنه اشْتَرَى قِطْعَة بثلاثين أوْ أربعين دينارًا، ووقتها من يَعْرِف مَاذَا حَصَلَ؟
غالبية الفنين “والصنايعية” فِي بلادنا طَيِّبُوُنَ، لَكِن من يضمن لَك أن تقع تَحْتَ يدي واحد مِنْهُم، وَهُنَاكَ من يطلب القطعة التالفة الَّتِي تَمَّ تُغَيِّرهَا فِي الأجهزة، أو السَّيَّارات، ليعرف ما الَّذِي تَمَّ تغييره، لَكِن هَذَا لا يَكْفِي، فَمَنْ السهولة شراء قطع تالفة أوْ الحُصُوْل عَلَيْهَا مَجَّانًا، والإدعاء أنه تَمَّ تغييرها فِي سيارتك مثلًا.
الـمَطْلُوب تكثيف الرقابة من الجهات المعنية، وَالبَحْث عَن النصابين فِي هَذِهِ الـمَجَالات، والمواطن يَجِبُ أن يَحْصل عَلَى فاتورة تُبَيِّن ما الَّذِي تَمَّ تصليحه فِي سيارته، أوْ جهازه، وأن نَبْحَث فِي الـمُجْتَمَع عَن جهة مُحايدة يُمْكِنُ اللجوء إليْهَا لِمَعْرِفَة ما تَمَّ تغييره فِي جِهَاز ما مثلًا.
النصب الناعم من الْوَسائِل المنتشرة وَالَّتِي يخسر فِيهِا المواطن كثيرًا، لِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الجهات الرقابية تكثيف عملها، وَالبَحْث عَن طرق وَوَسَائل تحمي المواطن، وَهَذِهِ أولوية كَبِيرَة كَيْ لا يَقَع المواطن الطيب فِي شراك النصابين، وَلَوْ كَانُوا أقلية فِي مجتمعنا والحمد لله.