كتب. عمر كلاب
وسط الجدل الدائر حول قروض الطلبة الفقراء او صناديق دعم الطالب. لا نجد اصواتا تربط بين هذه الصناديق ومفهوم التنمية الشاملة, او على الاقل ربط الدعم بالحاجة, وبدل ذلك يعلو صوت الغرائزية والشعبوية, فالكل يبكي على الطالب الفقير بصرف النظر عن دقة التصنيف, ويصبح الجميع يردد نفس اللازمة, التي مفادها ان الحالة الاقتصادية صعبة وظروف الناس المعيشية ليست سهلة وباقي التفاصيل التي لا تخلو من الصحة ولكنها تخلو من المعقولية, وتخلو من النظرة المستقبلية الشاملة.
راجعت الشروط التي بموجبها يستطيع الطالب التقدم للحصول على القرض, وللاسف لم اجد بندا واحدا يتحدث عن ربط الدعم او اولوية الدعم للطبلة الدارسين في تخصصات مطلوبة لسوق العمل المحلي, او التخصصات المطلوبة لسوق العمل الاقليمي والعالمي, او للتخصصات النادرة التي نحتاجها كمجتمع, وهذا يعني اننا نثقل كاهل الطالب وذويه بقروض اضافية لدراسة ستكون شهادتها عبء على الاهل والطالب والدولة, وسيكون مكانها درج في المنزل او على جدار كما هي العادة الاردنية.
ان الشروط الموضوعة للحصول على القرض, شروط مجحفة ولا تواكب روح العصر ومتطلبات المستقبل, بل هي تكريس لمفهوم الريعية المقيتة, والاخطر انها هدر للموارد المالية للدولة, ولاحقا ستصبح ثقلا على الصناديق نفسها وعلى الاهال وعلى الطالب نفسه, فما جدوى اقراض طالب لدراسة تخصص مشبع او راكد, والادهى اننا سنتحول لاحقا الى مطالبات بالاعفاء او شطب الديون كليا, وهذا سيستنزف الموارد ويقضي على فرصة استثمار هذه الصناديق لصالح تطوير البيئة الاجتماعية, فما الذي يمنع ان تتوجه هذه القروض الى الدراسات التقنية والمهنية والى التخصصات ا?مطلوبة في سوق العمل, او على الاقل وضع اولوية او علامة اضافية لصالح الطالب الذي يتوجه الى هذه التخصصات.
نتحدث عن ندرة الموارد وضيق ذات اليد, وفي نفس الوقت لا نسعى الى الخروج من العقلية الضيقة التي اوصلتنا الى هذا الحال, فما زلنا نتعامل مع ملفات التعليم العالي وكأننا في بداية عمر الدولة, التي اطلقت ثورة التعليم لنهضة المجتمع, اتخمنا البلاد والعباد بتخصصات وجامعات فائضة عن الحاجة, فلماذا نستمر في سكب الاموال مجانا وعلى الطرقات؟ ثم سنبكي غدا بأبعد تقدير على تلك الاموال, وستعلو لاحقا اصوات السادة النواب والحراكيين والحزبيين بالمطالبة بتقدير ظروف الناس وتاجيل القروض او شطبها.
اليوم والدولة تتجه نحو العصرنة والحداثة والتحديث, لا بد من مواكبة هذا التوجه بادوات عصرية وخلاقة, وليس بنفس الادوات القديمة التي ستقودنا الىى النتائج المحسومة سلفا بالفشل الذريع والدخول في مواجهة مع المجتمع, ستكون نتائجه كارثية على الجميع, فالشاب الذي انفق مع ذويه كل هذه الاموال لن يقف مكتوف الايدي وهو يرى نفسه ملاحقا من التنفيذ القضائي او ممنوعا من السفر لانه عاجز عن السداد او الدفع.
هذا الملف يجب ان ينضبط على الحاجة الوطنية وحاجة سوق العمل, وتبقى الدراسة الجامعية حق على اطلاقه للجميع, ولكن دون ربط الشهادة بالوظيفة, فأنا ضد اغلاق اي تخصص, طالما ان الراغب بالدراسة يدرس لغاية الدراسة وليس لغاية العمل او التوظيف, اما الاقراض او المنح او التمويل فيجب ان يكون مقرونا بالحاجة والتنمية البشرية والمجتمعية, قهل يفعلها وزير التربية والتعليم ووزير والتعليم العالي والبحث العلمي؟