عهد بايدن.. هل من تغيير في الشرق الأوسط؟

 

ينهي الرئيس الأميركي”المتمرد” دونالد ترامب عهده الرئاسي بأسوأ سجل على صعيد العلاقات الدولية، وسمعة أميركا ومكانتها العالمية. لقد دمر في أربع سنوات علاقات بلاده مع أقرب حلفاء واشنطن؛ الاتحاد الأوروبي وكندا، ووضع العلاقات مع بكين على حافة الحرب الاقتصادية، واستعاد إرث بلاده الإمبريالي في العلاقة مع شعوب ودول العالم الفقيرة.
الرئيس المنتخب جو بايدن سيسابق الزمن لترميم صورة بلاده وإصلاح الخراب الذي أصاب العلاقات مع دول أوروبا وجيران الولايات المتحدة. يبدو ذلك متاحا وفي متناول اليد، ففي الأخبار الواردة من واشنطن، ينوي بايدن وفي أول يوم من حكمه، توقيع حزمة من المراسيم يلغي بموجبها قرارات سابقة لإدارة ترامب، أهمها العودة لاتفاقية باريس للمناخ والسماح بقدوم المهاجرين من دول تقطنها أغلبية مسلمة، إضافة لقضايا أخرى مهمة.
الشرق الأوسط شهد في عهد ترامب تغيرات سياسية كارثية، قوضت سمعة الولايات المتحدة، وأنهت دورها القيادي في عملية السلام. حدث ذلك بفضل فريق سيئ السمعة والصيت في البيت الأبيض تولى إعادة انتاج مفهوم جديد للصراع العربي الإسرائيلي، يقوم على تزوير الحقائق التاريخية ويعيد تعريفها على نحو جديد يخدم أهداف الحركة الصهيونية والتيارات الأكثر تطرفا فيها.
وبالتوازي مع ذلك، جر المنطقة إلى شفير الحرب مع إيران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.
المؤسف أن السردية المزيفة لصراعات الشرق الأوسط التي خطها فريق ترامب، وجدت من يصغي إليها في المنطقة ويتجاوب معها من خلال مشروع عربي إقليمي للتطبيع مع إسرائيل قبل أي خطوة باتجاه حل الدولتين المتفق عليه عربيا ودوليا.
لا يبدو أن لدى إدارة بايدن الجديدة أي نية للتراجع عن خطوات اتخذتها إدارة ترامب في الشرق الأوسط، مثلما هو الحال مع اتفاقية المناخ مثلا. ثمة قرارات تتعارض كليا مع سياسة الحزب الديمقراطي الأميركي كنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة وشرعنة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وضم الجولان السوري المحتل، ورغم ذلك تجد إدارة بايدن أن من الصعب التراجع عن خطوتها توصف كمكاسب لأهم حليف لها في الشرق الأوسط.
من المؤكد أن إدارة بايدن ستعيد الاعتبار في خطابها السياسي لمبدأ حل الدولتين، ولن تسمح لإسرائيل بضم المزيد من الأراضي الفلسطينية كما كان مخططا في صفقة القرن، ولن تتساهل مع سياسات الاستيطان. لكن ما ترتب من خسائر فادحة بحق الجانب الفلسطيني والعربي لن يتم تعويضها أبدا، ويدعم هذا التوجه ما تحقق من مكاسب لإسرائيل على صعيد التطبيع الكامل مع دول عربية لم تكن طرفا مباشرا في الصراع.
أما على صعيد العلاقة مع إيران، فإن الانتكاسة الكبرى والمتمثلة بانسحاب أميركا من الاتفاق النووي، تبدو هي الأخرى صعبة التعويض في وقت قريب، خاصة مع استغلال التيار المحافظ لهذه الخطوة والدفع باتجاه موقف إيراني متشدد حيال الاتفاق برمته، وتبدى ذلك في تسريع عمليات تخصيب اليورانيوم بمعدلات مرتفعة، والاستثمار المتزايد في صناعة الصواريخ البالستية طويلة المدى.
الإدارة الديمقراطية ستميل إلى التهدئة مع إيران، لكنها ستتشدد في شروطها لإبرام اتفاق نووي جديد، يبدو مرفوضا من حيث المبدأ من جانب طهران.
بشكل عام، منطقة الشرق الأوسط، هي أقل مناطق العالم التي يمكن أن نلمس فيها أثرا مباشرا للتحولات المتوقعة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة في عهد بايدن، والسبب مصالح إسرائيل التي تتقدم على كل الاعتبارات.

أخبار أخرى