تايه لـ(صدى الشعب): قرار الرسوم المدرسية لغير الأردنيين ليس إجراءً مالياً بل أداة تنظيمية
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
فيما قرار مجلس الوزراء باستيفاء رسوم دراسية من شريحة محددة من الطلبة غير الأردنيين الملتحقين بالمدارس الحكومية في إطار مقاربة تنظيمية تهدف إلى معالجة الضغوط المتزايدة على النظام التعليمي، في ظل ارتفاع كلف التشغيل وتنامي أعداد الطلبة، مقابل محدودية الموارد المالية المتاحة، بما يعزز استدامة التعليم الحكومي دون الإخلال بمبدأ مجانية التعليم المكفول دستورياً للأردنيين.
ولا يمكن قراءة القرار بوصفه إجراءً مالياً بحتاً، إذ ينطوي على أبعاد تربوية وتنظيمية تتصل بتحسين بيئات التعلم، وإعادة توزيع الأعباء بصورة أكثر عدالة، مع مراعاة الفروق القانونية والإنسانية بين الفئات المختلفة، من خلال استثناء الفئات الأكثر هشاشة، بما يحقق توازناً بين الحق في التعليم ومتطلبات تطوير المدرسة الحكومية.
الرسوم لا تمس مجانية التعليم الأساسي
وفي هذا السياق، قال الخبير التربوي فيصل تايه إن قرار مجلس الوزراء باستيفاء رسوم دراسية من شريحة محددة من الطلبة غير الأردنيين الملتحقين بالمدارس الحكومية يمثل قراءة تربوية عملية لمعالجة مشكلة الضغط المتزايد على المدارس الحكومية.
وأوضح تايه خلال حديثه لـ(صدى الشعب) أن زيادة عدد المستفيدين من المدارس الممولة عامة دون زيادة موازية في الموارد من صفوف ومعلمين وبنية تحتية تؤثر على جودة التعلم لجميع الطلبة، مشيرًا إلى أن استيفاء جزء من الكلفة للفئات غير المستثناة يهدف إلى استعادة التوازن التربوي والحفاظ على مستوى التعليم.
وأضاف أن القرار ليس إجراءً ماليًا بحتًا، بل هو إجراء مختلط مالي وتنظيمي، حيث يوفر موارد إضافية لمعالجة الاختلالات مثل تقليص الاكتظاظ، ودعم الصفوف، وتوفير المواد التعليمية، كما يمنح الوزارة آلية واضحة لتصنيف الطلبة وإدارة الضغط على المدارس، وربط التحصيل بالإنفاق المخطط بما يجعل القرار أداة استدامة وليس مجرد تحصيل إيراد.
وأشار إلى أن استيفاء جزء من الكلفة الفعلية يسهم في تحسين بيئات التعلم ومعالجة الاكتظاظ شريطة توجيه الإيرادات بطريقة منهجية وشفافة إلى أولويات تربوية محددة، مثل فتح صفوف إضافية، وتشغيل مدارس صباحية ومسائية، وتوظيف معلمين مساعدين أو متعاقدين، وصيانة المرافق التعليمية، وشراء المواد التعليمية الداعمة، مؤكدًا على ضرورة ربط الإيرادات بالخطة التشغيلية للمدارس ومؤشرات قياس الأداء.
الاستثناءات تحمي الحق في التعليم ويحد من الإقصاء
وحول الاستثناءات، بين أن القرار يعكس وعياً بالبعد الإنساني والعدالة التربوية، حيث تم استثناء أبناء الأردنيات وأبناء قطاع غزة والطلاب المسجلين لدى المفوضية، مشيرًا إلى أن العدالة التربوية تتطلب تمييزًا إيجابيًا لحماية الفئات الأكثر هشاشة، وأن الاستثناء يحمي الحق في التعليم ويحد من تفاقم الإقصاء.
وبخصوص المخاوف من تأثير الرسوم على الحق في التعليم، أكد أن الحق في التعليم مبدأ أساسي، وأن القرار يحافظ على التعليم الأساسي مجانًا، مع توفير آليات حماية للفئات الهشة، موضحًا أن تحصيل رسوم من فئات محددة قابلة للدفع قد يكون أقل إضرارًا من السماح بتدهور الخدمات التعليمية، مع ضرورة وجود منح وخصومات وتعاون مع المفوضية ومنظمات المجتمع المدني.
وأشار إلى أهمية ربط الإيرادات بخطط تشغيلية وتنموية واضحة لضمان استدامة الأثر وتحقيق المساءلة والشفافية، بما يشمل انخفاض كثافة الصفوف وزيادة ساعات عمل المعلمين وتوفير المواد الداعمة للتعلم، مؤكدًا أن تخصيص الإيرادات لمشروعات محددة يمنع التشتت ويحوّل القرار من تحصيل إيراد إلى استثمار تربوي.
وقال إن القرار يسعى لتحقيق توازن بين العدالة التعليمية، والاستدامة المالية، والبعد الاجتماعي للأسر غير الأردنية، مشددًا على أن نجاح هذا التوازن يعتمد على التنفيذ الفعلي، بما في ذلك تحديد واضح لمن ينطبق عليهم الرسوم، وآليات تخفيف ومساندة، وتخصيص شفاف للإيرادات ومؤشرات متابعة دقيقة، محذرًا من أن غياب هذه الضمانات قد يحول القرار إلى عبء اجتماعي أو إلى سياسات قصيرة الأثر.






