صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
تزامن الذكرى الـ75 لإعلان ميثاق حقوق الإنسان التي صادفت يوم الاحد الماضي ومع استمرار حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، مما أسفر عن تجاوزات للحقوق والقوانين الدولية من قبل الاحتلال..
فشلت الجهود المبذولة خلال السنوات السابقة في وقف المأساة التي يوجهها الشعب الفلسطيني، حيث أدت حرب غزة الأخيرة إلى سحق كل البنود والمبادئ الإنسانية.
وما بات واضحاً هي المعايير المزدوجة وتفرقة واضحة بين المعاملة التي تلقاها الاحتلال والتي تُميِّزه بالحق في “الدفاع عن النفس”، وبين المعاناة البشعة التي يتكبدها الشعب الفلسطيني وهذا ينطوي على نقص حاد في العدالة والمساءلة الدولية.
بالرغم من وجود منظمات حقوقية دولية وأممية، إلا أن انحياز الغرب والتقصير في التدخل الفاعل يثير تساؤلات حول دورها وفعاليتها الحقيقية في حماية حقوق الإنسان وهل أسقطت الأحداث الأخيرة حقوق الإنسان وفشلت تلك المنظمات في مهمتها؟
قانون القوة والمال وهو الذي يطبق حاليا
وبهذا الصدد قالت الناشطة الحقوقية بمركز عمان لحقوق الانسان رنا سليم أنه لا يمكن القول بأن المنظمات الدولية والحقوقية سقطت في الاختبار، مبيناً أنها كانت بموقع لا تحسد عليه في ظل ما تؤمن به من حقوق وحريات ومبادئ وواقعها حول قدرتها القانونية والمالية للانتصار للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأضافت خلال حديثها لـ”صدى الشعب” أنه وفي ظل انحياز القيادات الكبرى لدول العالم للاحتلال الإسرائيلي أصبح قانون القوة والمال وهو الذي يطبق وليس قوة القانون، مشيرة إلى أن جميع ما ذكر جعل المنظمات الدولية يعيدون النظر في آليات تنفيذ القانون وتطبيقه وخاصة أنه تعرضت كوادرها للانتهاكات والقتل والتدمير.
حان الوقت لآليات قانونية دولية جديدة نافذة لمنع انتهاكات الاحتلال
وتعتقد بأن القادم أفضل لما أحدثته غزة من ثورة فكرية وسياسية في كافة دول العالم لاسيما في فئة الشباب والتي تتساءل الآن حول كيفية استلام المناصب القيادية في دولهم.
وبينت أن عملية الإبادة التي تحصل الآن في غزة هي انتهاك واضح في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام ٧٥ حيث تم افراغ مصادر العدالة الدولية من مضمونها وعرت قدرة تلك المنظمات الدولية الراعية للقانون الدولي على الانتصار وحان الوقت لآليات قانونية دولية جديدة نافذة لمنع تلك الانتهاكات.
هياكل المنظمات الدولية أصبحت غير صالحة بعد فشلها في التصدي للعدوان على غزة
من جانبه أشار رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، الدكتور مصطفى نصرالله ، إلى أن حقوق الإنسان في الإسلام أسمى من حقوق الانسان فالعهد الدولي الخاص ومنظومة حقوق الانسان الدولية
وأوضح نصر الله خلال حديثه لـ صدى الشعب” أن الانهيار ليس لمنظومة حقوق الإنسان، بل انهيار لمنظومة القيم والأخلاق في بعض الدول الراعية لهذه الحقوق، والتي تدعو إلى احترام حقوق الإنسان، مشيراً خصوصًا إلى الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، التي أسقطت هذه القيم خلال حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة.
وأشار إلى أن تلك الدول التي مارست ضغطاً على دول العرب وربطت المنح المالية بتطبيق حقوق الإنسان على المواطن العربي، قد خرجت عن مسارها في تعزيز هذه الحقوق وتطبيقها خلال عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة.
وأضاف أنه لن يتمكن أي مسؤول من تلك الدول من الحديث في هذا السياق مستقبلاً، حيث أنهم هم الذين أدوا إلى تقويض هذه القيم وبدلاً من الالتزام بقوة القانون، انتقلوا إلى سياسة القوة، وهذا سينعكس سلباً عليهم في المستقبل.
وأكد أن هياكل المنظمات الدولية أصبحت غير صالحة بعد فشلها في التصدي للعدوان والحرب على غزة، وأصبح من الصعب تصور استمرار قدرتها على العمل في المستقبل، خاصة وأن المظلة الرئيسية لهذه المنظمات، وهي الأمم المتحدة التي تضم حوالي 204 دولة، قد فشلت بسبب قيود ميثاق الأمم المتحدة وعجز مجلس الأمن، الذي يتولى تطبيق القوانين المتعلقة بحفظ السلام والأمن الدوليين.
وأضاف أن مجلس الأمن واحد من أبرز الأجهزة في الأمم المتحدة وفشل في مهمته بسبب حق النقض الذي يمتلكه الخمسة الكبار، مضيفاً أن الدول الكبرى قد تمكنت بعد الحرب العالمية الثانية من سرقة حق الاعتراض في هذه المنظمة، وهو ما أدى إلى تعثرها حتى اليوم.
تعديل ميثاق الأمم المتحدة وتغيير القواعد القانونية بمجلس الأمن او الانسحاب
وأوضح أنهم الآن أمام خيار حقيقي، حيث لم يتمكن مجلس الأمن من تقديم أي تحرك يذكر، مشيراً إلى أن هنالك تحركات نحو البحث عن حلول قانونية خارج إطار منظمة الأمم المتحدة.
وأكد ضرورة على الدول العربية المطالبة بتعديل ميثاق الأمم المتحدة وتغيير القواعد القانونية في مجلس الأمن، أو النظر في خيار الانسحاب من المنظمة، وذلك لتنهار كما انهارت عصبة الأمم لأنها فشلت في تحقيق هدفها في حفظ الأمن والسلم الدولي.
جهود دولية من قبل النشطاء لإعادة هيكلة المنظمات الدولية
من جهته أشار الخبير الحقوقي الدكتور فيصل الخزاعي إلى أن هنالك منظمات دولية قامت بتحركات خلال فترة الحرب على غزة لرصد وتوثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد الخزاعي خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أنه في الوقت الراهن، هناك خطوات تجري لإعداد لائحة اتهام للمدعي العام في محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة الكيان الغاصب والمحتل، مشيراً إلى صعوبة رصد الانتهاكات الجسيمة التي يقوم بها الاحتلال، والاعتماد على المعلومات المقدمة من قبل الإعلام من قبل المنظمات الدولية.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية منحت الإشارة الخضراء للاحتلال الإسرائيلي لارتكاب الجرائم من خلال استخدام حق النقض (الفيتو)، وبذلك تتحمل المسؤولية الرئيسية عن تلك الجرائم.
الاحتلال وداعميه سبب بقصور دور المنظمات الدولية
وبين أن هناك قصوراً من جانب المنظمات الدولية المتخصصة في مجال حقوق الإنسان بسبب منع الاحتلال دخول النشطاء التابعين لهذه المنظمات لتوثيق الانتهاكات، مشيراً إلى ضعف إمكانيات بعض تلك المنظمات.
ولفت إلى وجود تحالف من المحامين من مختلف دول العالم لمحاسبة الاحتلال على جرائمه، مؤكداً على أن قانون لاهاي يمنع أمريكا من تصدير أي أسلحة إلى المناطق التي تشهد نزاعات، لذلك على الحكومات العربية تبني هذه القوانين.
وأكد وجود جهود دولية من قبل النشطاء لإعادة هيكلة المنظمات الدولية وإعادة ترتيب الأوضاع داخلها