ليندا المواجدة – صدى الشعب
عاد فيروس الإنفلونزا الموسمية هذا العام بصورة مختلفة وأكثر شراسة، في موسم يُتوقع أن يكون من الأصعب في الذاكرة الحديثة، وفقًا لما يؤكده الدكتور ضرار البلعاوي، أستاذ ومستشار العلاج الدوائي السريريّ للأمراض المعدية.
ويشير البلعاوي إلى أن ما يميز هذا الموسم هو عودة عدو الشتاء لكن بقوة أكبر، في ظل انتشار سلالة متحورة أثارت قلق خبراء الصحة حول العالم.
سلالة H3N2 المتحورة… السبب وراء شدة موسم الإنفلونزا
يوضح البلعاوي أن النسخة المتحورة بشكل كبير من فايروس الإنفلونزا من النوع (أ) H3N2 –والتي تُعرف اليوم باسم “السلالة الفرعية K”– هي المسؤولة عن هذا الانتشار السريع والحدة غير المعتادة للأعراض. ويؤكد أن الفيروسات في تطور مستمر، إلا أن التغييرات التي ظهرت على هذه السلالة تحديدًا لافتة للنظر بصورة كبيرة.
ومن أبرز ما يميز المتحور الجديد هو ارتفاع قدرة الفايروس على الانتشار؛ فكل 100 شخص مصاب مرجح أن ينقلوا العدوى إلى 140 شخصًا، مقارنة بـ110 إلى 120 في المواسم السابقة. هذا الارتفاع الملحوظ في عدد التكاثر الأساسي يفسر سبب شعور الكثيرين بأن المرض هذا العام “أقوى” وأكثر إزعاجًا.
تحدي اللقاح… وعدم تطابقه مع السلالة المنتشرة
ويبين البلعاوي أن التطور السريع للـH3N2 جعل لقاح الإنفلونزا أقل تطابقًا مع السلالة السائدة حاليًا. فتركيبة اللقاح يتم تحديدها قبل أشهر بناءً على التوقعات، ومع الطفرات الكبيرة التي حدثت، أصبح اللقاح الحالي لا يتطابق تمامًا مع الفايروس المنتشر.
ورغم ذلك، يوضح أن اللقاح ما يزال يوفر درجة حماية مهمة، خصوصًا من الحالات الشديدة ودخول المستشفيات، وإن كانت فعاليته الإجمالية قد انخفضت.
ويشبه البلعاوي هذا الوضع بمقارنة بليغة:
“فكر في الأمر وكأنك تملك مفتاح منزلك القديم. لقد كان يعمل بشكل مثالي مع ذلك القفل، ولكن الآن تم تغيير القفل. قد يهز المفتاح القديم القفل قليلاً، لكنه لن يفتح الباب. وبالمثل، فإن مناعتنا من مواجهات الإنفلونزا السابقة تكافح للتعرف على هذا الفايروس الجديد والمتطور وتحييده.”
صورة عالمية مقلقة… وبداية مبكرة للموسم
ووفق البلعاوي، فقد أبلغت دول مثل المملكة المتحدة واليابان عن بداية مبكرة للموسم، مع زيادة ملموسة في الحالات مدفوعة بمتحور H3N2 الجديد. ويُعد هذا مؤشرًا يدعو للقلق لأنه يكشف عن قدرة الفايروس على الانتشار بسهولة أكبر حتى قبل وصول ذروة البرد.
الأردن على المسار ذاته… واستعدادات مطلوبة
ويقول البلعاوي إن الأردن قد يشهد اتجاهًا مشابهًا مع تعمق فصل الشتاء، حيث يجتمع في هذا الموسم عاملان خطيران:
فايروس أكثر قدرة على الانتشار، ولقاح أقل فعالية.
وهذا –وفق البلعاوي– “يخلق أرضًا خصبة لموسم إنفلونزا واسع الانتشار وربما شديد.”
ويؤكد:
“من الأهمية بمكان أن يفهم الجمهور أن هذا ليس موسم إنفلونزا عاديًا. وهذا يجعل الإجراءات الوقائية أكثر أهمية من أي وقت مضى.”
ما الذي يجب فعله؟
رغم محدودياته، يظل لقاح الإنفلونزا خط الدفاع الأول. ويشير البلعاوي إلى أن فعالية اللقاح ضد العدوى قد تكون انخفضت، “إلا أنه لا يزال يوفر حماية كبيرة ضد النتائج الشديدة مثل دخول المستشفى والوفاة.”
إلى جانب التطعيم، يشدد على أهمية:
• غسل اليدين المتكرر
• تجنب لمس الوجه
• تغطية السعال والعطس
• البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض
أما من يصابون بالفعل، فيؤكد البلعاوي ضرورة الراحة، والحفاظ على الرطوبة، واستخدام الأدوية المتاحة دون وصفة طبية، مع ضرورة طلب المشورة الطبية في حال كانت الأعراض شديدة أو إذا كان المريض من الفئات عالية الخطورة، كالأطفال الصغار وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة.
رسالة الموسم
ويختتم البلعاوي حديثه بالتأكيد على أن موسم الإنفلونزا لعام 2025 هو تذكير صارخ بالتهديد المستمر للأمراض المعدية، وأهمية الاستجابة الصحية القوية، مشيرًا إلى أن اليقظة والالتزام بالإجراءات الوقائية هما السلاح الأهم في مواجهة هذا الشتاء الصعب
