صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
مختصة: الأردن خسر نحو 20% من معدل هطول الأمطار السنوي خلال 40 عاماً
تباينت آراء عدد من الخبراء والمختصين في الشأن المائي حول تأخر الهطولات المطرية الخريفية في مختلف مناطق المملكة، والتي يعزى سببها إلى التغيرات المناخية.
وقد اختلفت وجهات نظر المختصين خلال حديثهم لـ”صدى الشعب” بشأن تأثير هذا التأخر على الضغط الذي قد يواجهه المخزون المائي والمخزون الاستراتيجي في السدود، في وقت يشهد فيه القطاع المائي تحديات متزايدة.
سلامة: تأخر الموسم المطري لا يدعو للقلق والتغيرات المناخية سبب رئيسي
وقال أستاذ علوم المياه في الجامعة الأردنية، الدكتور إلياس سلامة، أن تأخر الموسم المطري هذا العام ليس مدعاة للقلق، مشيرا إلى أن الحكم على طبيعة الموسم يحتاج إلى انتظار المزيد من التطورات.
وأوضح سلامة خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن السنوات الماضية شهدت فترات من الانحباس المطري، وأحيانًا لم تبدأ الأمطار بالهطول إلا في منتصف شهر ديسمبر، موضحا ان التأخر في هطول الأمطار هذا العام ملحوظ، لكن ذلك لا يعني أن الموسم سيكون ضعيفًا، لأن الأهم هو الكميات الإجمالية التي ستهطل خلال الموسم وليس موعد بدايتها.
وأضاف أن تأخر الأمطار لا يشكّل تهديدًا للمخزون الاستراتيجي من المياه في السدود، لكنه قد يثير مخاوف لدى المواطنين، معتبرا ان هذا القلق طبيعي، لكنه استباقي لأحداث لم تقع بعد لذلك يجب الانتظار حتى تتضح الرؤية بشأن طبيعة الأمطار وكمياتها.
وأشار إلى أن التغيرات المناخية لها دور كبير في التأخر الحالي، لافتًا إلى أن الموسم المطري في الماضي كان يبدأ عادة في شهر أكتوبر، لكنه أصبح يتأخر في السنوات الأخيرة.
كما أوضح أن طبيعة الأمطار تغيرت قائلًا: “لم تعد الأمطار تهطل بشكل هادئ ومتواصل على مدار أيام، بل أصبحت ذات طابع عاصفي، وتهطل بكميات كبيرة خلال فترة قصيرة”.
واكد على أهمية التريث وانتظار الأسابيع المقبلة لتقييم الموسم المطري، معربًا عن أمله في أن تشهد البلاد أمطارًا كافية لسد الاحتياجات المائية.
هندية: انحباس الأمطار يهدد المخزون المائي الاستراتيجي
من جهتها أكدت المختصة في قضايا المياه والشؤون البيئية، الدكتورة منى هندية، أن التغير المناخي، إلى جانب عوامل أخرى مثل ندرة المياه، والنمو السكاني، والتغيرات الديموغرافية، والتوسع الحضري، باتت تشكل تحديات كبيرة لنظم الإمداد بالمياه.
وأوضحت هندية خلال حديثها لـ”صدى الشعب” أن الأردن يواجه بشكل خاص آثاراً واضحة للتغير المناخي على قطاع المياه، حيث انخفضت معدلات هطول الأمطار بشكل ملحوظ وغير متوقع، مما أدى إلى فقدان معظم مياه الأمطار عبر التبخر والجريان السطحي دون الاستفادة منها.
وأشارت إلى أن الأردن خسر نحو 20% من معدل هطول الأمطار السنوي خلال الأربعين عاماً الماضية، مما انعكس سلباً على معدلات تغذية المياه الجوفية، وأثر بالتالي على توافرها وجودتها.
وشددت على أهمية مواجهة هذه التحديات من خلال تطوير استراتيجيات مستدامة لإدارة الموارد المائية، لمواجهة تبعات التغير المناخي وضمان استدامة الإمدادات المائية في المستقبل.
وحذرت من أن انحباس الأمطار يزيد من الضغط على المصادر المائية والمخزون الاستراتيجي للسدود في الأردن، مما يفاقم أزمة المياه التي تواجهها البلاد.
وأكدت أن الأردن يعد من أكثر الدول فقراً بالمياه، ويعتمد بشكل رئيسي على مياه الأمطار لتغذية السدود والمصادر السطحية والمياه الجوفية.
وأوضحت أن تراجع معدلات الأمطار يؤدي إلى انخفاض كميات المياه التي تصل إلى السدود، مما يقلل من قدرتها على تخزين المياه الضرورية لتلبية احتياجات الشرب والزراعة والصناعة.
وأشارت إلى أن هذا الوضع يساهم في تراجع المخزون الاستراتيجي للسدود، مما يضع مزيداً من الضغوط على الموارد الأخرى، مثل المياه الجوفية، التي قد تتعرض للاستنزاف مع تزايد الاعتماد عليها لسد الفجوة الناتجة عن نقص الأمطار.
وأوضحت أن انخفاض المياه في السدود يدفع الحكومة الأردنية إلى اتخاذ إجراءات تقنينية، مثل تقليل كميات المياه الموزعة، وتعزيز جهود ترشيد الاستهلاك، وتشجيع استخدام تقنيات الري الحديث في الزراعة.
وشددت على أهمية الاستفادة من التمويل الدولي المتاح لمواجهة آثار التغير المناخي على قطاع المياه في الأردن، بما يسهم في تعزيز استدامة الموارد المائية في ظل التحديات الحالية.
وأشارت، إلى أن الأردن بذل جهوداً كبيرة في تحسين كفاءة استخدام المياه من خلال تبني حلول غير تقليدية، موضحة أن المملكة نجحت في تطبيق تقنيات مبتكرة، مثل استخدام محاصيل أقل استهلاكاً للمياه، إلى جانب اعتماد نظام الري بالتنقيط الذي يساعد على توزيع كميات مناسبة من المياه، والأسمدة، والمبيدات الحشرية.
وأضافت أن الأردن لجأ أيضاً إلى استخدام التسميد الدقيق، الذي يتيح توصيل الأسمدة والمبيدات إلى النباتات بكفاءة، فضلاً عن إعادة استخدام المياه المستصلحة، مما يعزز قدرة المزارعين على مواجهة تحديات ندرة المياه وعدم انتظام إمداداتها.