أقل من إغلاق وأكثر من حظر

 

الرد المثالي على جائحة كورونا التي تجتاح الأردن هو الإغلاق الشامل المشدد، لكن مثل هذا الخيار دونه عواقب كارثية على الاقتصاد وحياة المواطنين، لايمكن لدولة مثل الأردن تحملها.
منذ توليها مقاليد السلطة وحكومة الخصاونة تقارب مختلف السيناريوهات لاحتواء التفشي الواسع لفيروس كورونا المستجد على نحو يحقق الهدف المنشود دون اللجوء لخيار الإغلاق الشامل.
لقد تبلورت بالفعل مجموعة من الأفكار والخطط لتقييد حركة الفيروس لكنها ماتزال في طور الدراسة والتحضير، وفي الاثناء هناك جهد وطني هائل لفرض تدابير الوقاية المنصوص عليها في أوامر الدفاع وضمان تطبيقها على نطاق واسع.
تجمعات الانتخابات النيابية وازدحام الأسواق التجارية والمناسبات الاجتماعية فاقمت الوضع الوبائي، كما أن قدوم فصل الشتاء ضاعف من الحاجة لخدمات طبية فاعلة لتمييز المصابين بكورونا عن سواهم من مرضى نزلات البرد الموسمية.
المستشفيات تعاني أزمة حقيقة، تحاول وزارة الصحة مواكبتها باستئجار مستشفيات خاصة وتدشين مستشفيات ميدانية بالتعاون مع الخدمات الطبية الملكية، التي تحمل على أكتافها مسؤوليات جسام.
الحكومة بصدد التعاقد مع أكثر من ألفي طبيب وممرض، وتسابق الزمن لإنجاز الإجراءات المتعلقة بتعيينهم، ليلتحقوا بالخدمة في أسرع وقت لمواجهة النقص الشديد بالكوادر وتخفيف ضغوط العمل على الكوادر العاملة.
خطة مواجهة الكارثة الصحية تستنزف موارد مالية هائلة تلقي بمزيد من الأعباء على موازنة الدولة المثقلة بالديون والعجز.
اعتبارا من هذا الأسبوع ولمدة زمنية تمتد لأسابيع، يتوقع خبراء الصحة أن يسجل الأردن عددا قياسيا من الاصابات والوفيات يفوق ما سجل في الفترة السابقة. ذلك يعني ضغوطا أكبر على المنظومة الصحية، وخروج عشرات الألوف من سوق العمل جراء العزل المنزلي والصحي الذي يخضع له المصابون، وتعطيل العمل في مؤسسات رسمية وخاصة ولو بشكل جزئي.
وحتى اللحظة ماتزال أوامر الدفاع المتعلقة بمنع التجمعات وارتداء الكمامة وعزل المصابين لاتلقى عناية كافية في التطبيق على الصعيدين المجتمعي والرسمي.
يتعين على السلطات المختصة حصر الأماكن المحتملة للتجمعات على مستوى المملكة وتشديد الرقابة عليها، ولو كنا نفعل مثل ذلك سلفا لما تمكن أزيد من عشرة الاف شخص من التجمع دفعة واحدة في سوق الخضار المركزي أول من أمس. والشيء ذاته ينطبق على المراكز الصحية وحافلات النقل العام وعديد الدوائر الحكومية التي تقدم خدماتها للجمهور.
كل شكل من أشكال حياتنا يحتاج لبروتوكول عمل يراعي الجوانب الصحية. لم يعد بالإمكان أن نمضي بالوتيرة السابقة نفسها، وإلا فإن خيار الإغلاق الشامل سيصبح أمرا مفروضا لا غنى عنه.
مازلت على قناعة بضرورة تقليص الحد المسموح فيه للتجمعات إلى النصف بحيث لايزيد على عشرة ويستثنى من ذلك الأسر التي يزيد عدد أفرادها على ذلك وتعيش تحت سقف واحد. كما ينبغي تقليص ساعات التسوق، خاصة في المولات، والمؤسسسة الاستهلاكية بشقيها المدني والعسكري. ومن الجدير أيضا التفكير بتنظيم استخدام السيارات بالتناوب حسب أرقامها”زوجي وفردي”.
إن أية خطة لاحتواء الفيروس لاتضمن خفض عدد الاصابات تدريجيا هى خطة بلا معنى أو جدوى، ولغاية الان لا نلحظ أثرا ملموسا للتدابير المفروضة على عدد الاصابات والوفيات. كما أن العقوبات المفروضة على المخالفين من الأفراد وأصحاب التجمعات غير رادعة، فبالنسبة لكثيرين كل عقوبة يمكن استبدالها”بالمصاري” مقدور عليها. عقوبة السجن المؤكد والفوري هى العقوبة الرادعة.
نحن في وضع استثنائي وحرج للغاية، وإذا لم نتصرف بطريقة فعالة وقوية سنندم.

أخبار أخرى