صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
وسط توقعات بانخفاض معدل محصول الزيتون لهذا الموسم، ومخاوف في الأوساط الزراعية من تراجع الإنتاج وجودة الزيت نتيجة الظروف المناخية القاسية التي مرّت بها المملكة خلال العام الحالي، فيما يحتدم الجدل بين المزارعين والمستهلكين حول الأسعار المتوقعة، فالجفاف الذي طبع الخريف الماضي، والصقيع المبكر في آذار، ثم موجات الحر والغبار خلال الصيف، كلها عوامل ألقت بظلالها على أشجار الزيتون وأثارت تساؤلات حول حجم المحصول.
وفي الوقت الذي يشكو فيه المزارعون من ارتفاع كلف الإنتاج، تتسارع على مواقع التواصل الاجتماعي توقعات متناقضة؛ فهناك من يرى أن الأسعار مرشحة للارتفاع إلى مستويات غير مسبوقة، في حين يعتقد آخرون أن ضعف القوة الشرائية سيحول دون أي زيادة كبيرة.
وبين هذه المخاوف، تبرز تحذيرات من انتشار إعلانات مضللة تبيع “تنكة الزيت” بأسعار زهيدة، رغم أن المعاصر لم تبدأ عملها بعد، ما يثير الشكوك حول مصداقية هذه العروض
بهذا السياق، قال مدير عام اتحاد المزارعين الأردنيين، محمود العوران، إن موسم الزيتون وزيت الزيتون للعام 2025-2026 سيكون مختلفًا عن المواسم السابقة، متأثرًا بالظروف المناخية الاستثنائية التي شهدها الأردن خلال الموسم الشتوي الماضي، وما رافقه من أداء ضعيف في كميات الهطول المطري.
وأضاف العوران، خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن الموسم المطري الماضي اتّسم بجفاف واضح في فصل الخريف، ولم يتعرض الأردن سوى لمنخفض جوي وحيد مع بداية أربعينية الشتاء، ما انعكس سلبًا على مختلف المحاصيل، خصوصًا الزيتون.
وأوضح أن درجات الحرارة مع بداية شهر آذار شهدت انخفاضًا حادًا في بعض المناطق الإنتاجية للزيتون، حيث وصلت إلى ما دون الصفر المئوي، الأمر الذي أثّر على عملية الإزهار، وبالتالي أضرّ بعمليات قطف الثمار وجودة الإنتاج.
وأشار إلى أن أسعار زيت الزيتون لا يمكن تحديدها في الوقت الحالي، إذ تعتمد بشكل رئيس على قاعدة العرض والطلب، مؤكدًا أن أي شح في الأمطار ناتج عن التغيرات المناخية سيكون له تأثير مباشر على حجم الإنتاج ونسبة الزيت المستخلصة من الثمار.
وبيّن أن شهر آب الماضي شهد موجة حر طويلة نسبيًا، ارتفعت خلالها درجات الحرارة عن معدلاتها العامة بما يقارب 10 إلى 15 درجة مئوية، وتزامن ذلك مع موجة غبار كثيفة، ما أدى إلى تأثيرات إضافية على جودة المحصول.
ولفت إلى أن التغيرات المناخية تسببت كذلك في انتشار الآفات والأوبئة الزراعية، ما دفع المزارعين إلى استخدام أنواع متعددة من المبيدات أو اللجوء إلى ما يُعرف بالمكافحة المتكاملة، وهو ما أدى بدوره إلى ارتفاع كُلف الإنتاج على المزارع.
تحذير من الإعلانات المضللة واستغلال المواطنين
وفيما يتعلق بظاهرة الغش التي تتكرر سنويًا، حذّر من استغلال بعض ضعاف النفوس لحاجة المواطنين لمادة الزيت، حيث تنتشر في هذه الفترة من كل عام إعلانات مضللة تهدف للنصب والاحتيال، على حد تعبيره.
ولفت إلى أن بعض الإعلانات التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في مثل هذا الوقت من العام، تروج لبيع تنكة زيت الزيتون بسعر 50 دينارًا، وتدّعي أن مصدرها “المعصرة” أو “الشلال” أو “المزراب”، رغم أن معاصر الزيتون لم تباشر عملها بعد، إذ يبدأ تشغيلها عادة بعد منتصف شهر تشرين الأول.
وأكد أن مثل هذه الإعلانات تُعد مضللة، وتستهدف استغلال حاجة المواطنين لمادة الزيت، متسائلًا عن كيفية الإعلان عن زيت من “المزراب” في وقت لم تبدأ فيه المعاصر الإنتاج حتى الآن.
ودعا الجهات الرقابية إلى تكثيف الرقابة خلال هذا الموسم، مشددًا على أن المعاصر تعد شريكًا حقيقيًا للمزارع، كونها تتولى العمليات الإنتاجية المتعلقة بزيت الزيتون، ما يتطلب تشديد الرقابة على مصادر الزيت المعروض في الأسواق.
وتطرّق إلى قضية قطاف الزيتون، مبينًا أن طرق القطاف شهدت تغيّرًا كبيرًا خلال العقدين الماضيين، حيث لم تعد كما كانت سابقًا، بل أصبح المزارعون يعتمدون بشكل رئيس على العمالة الوافدة، والتي، وفق قوله، تتحكم بالعملية في مثل هذا الوقت من كل عام، ما يشكل عبئًا إضافيًا على القطاع الزراعي.
والجدير بالذكر بإن إنتاج زيت الزيتون الوارد للمعاصر سجل ارتفع خلال موسم 2024/2025 بنسبة 43.2 بالمئة، حيث بلغ 35828 طناً مقارنة مع 25028 طناً في موسم 2024 / 2023.
وبحسب المسح السنوي لمعاصر الزيتون في المملكة خلال الموسم 2024 / 2025 الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة ، ارتفعت إنتاجية الزيت من الزيتون الداخل في عملية العصر من 18 بالمئة في موسم 2023 / 2024 إلى 19.4 بالمئة في موسم 2024 / 2025.
وبلغ إجمالي كمية ثمار الزيتون الواردة للمعاصر من جميع محافظات المملكة والتي استخدمت في العصر 184903 أطنان في الموسم الماضي مقارنة مع 138898 طناً في موسم 2023/ 2024، بزيادة بلغت 33.1 بالمئة.
ووفق مسح الأسعار الذي تجريه دائرة الإحصاءات العامة، تقدر قيمة زيت الزيتون المنتج هذا العام 223.9 مليون دينار، بحسب متوسط سعر الربع الرابع لزيت الزيتون من عام 2024.
.يشار إلى أن إجمالي عدد المعاصر في الأردن بلغ 148 معصرة عام 2024 والعاملة منها 146 معصرة، ويتم جمع استمارات مسح المعاصر بالتعاون مع وزارة الزراعة بأسلوب المسح الشامل.






