قبيلات لـ”صدى الشعب”: حملات التوعية وحدها عاجزة عن معالجة جذور التسرب المدرسي
النوايسة: حل مشكلة التسرب بوضع تشريعات ناظمة للطلبة والمعلمين
صدى الشعب- حلا باسل الحَبيس
تعد ظاهرة التسرب المدرسي من أكبر التحديات التي تواجهها المدارس إذ كشف التقرير السنوي الـ21 لحالة حقوق الإنسان في الأردن لعام 2024 عن أن العام الدراسي 2023/ 2024، شهد ارتفاع أعداد المتسربين من المدارس، إذ بلغ 11720 متسربًا من المرحلة الأساسية بما نسبته 0.60 %، مقارنة بـ10372 متسربًا من المرحلة الأساسية في عام 2023/2022 بما نسبته 0.57 % من مجموع طلبة المرحلة الأساسية.
وكانت وزارة التربية والتعليم قد بدأت من العام الدراسي الماضي تطبيق حد جديد لعدد أيام غياب طلبة المدارس لتصبح 10 %، بدلا من 20 %.
وتنص الفقرة (أ) من المادة 20 من أسس النجاح والرسوب للعام الدراسي 2024 – 2025 على “أنه لا يسمح للطالب بالتغيب عن الدوام المدرسي ما لم يكن هناك مبرر أو عذر مرضي أو قهري موثق بتقرير، وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تتجاوز نسبة غيابه بعذر أو دون عذر 10 % من مجموع أيام الدوام المدرسي، وإذا تجاوز غيابه هذه النسبة يعيد دراسة صفه”
كما ونصت الفقره (ب) من المادة ذاتها على: “أنه يحسب غياب الطالب عن حصة فأكثر غياب يوم دراسي كامل”.
برامج التوعية لا تكفي لمعالجة جذور المشكلة
وبهذا الخصوص، قالت الخبيرة التربوية والأمين العام السابق لوزارة التربية والتعليم دكتورة نجوى قبيلات أنه رغم وجود خطط واستراتيجيات وطنية للحد من التسرب المدرسي، إلا أن اعداد المتسربين من المدارس في المملكة لا تزال في ارتفاع.
وأشارت إلى أن اسباب ارتفاع نسب التسرب تعود إلى الضغوط الاقتصادية على الأسر حيث يضطر بعض الطلبة خاصة في المناطق الفقيرة إلى ترك الدراسة للانخراط في سوق العمل المبكر ومساعدة الأهل في تأمين دخل وتلبية متطلبات الأسرة اليومية، لافتة إلى أن جائحة كورونا تلاكت أثرًا طويل الأمد على العملية التعليمية، إذ أدت إلى فقدان الدافعية لدى بعض الطلبة وتراجع مستواهم التحصيلي، ما جعلهم أكثر عرضة للتسرب.
وأضافت أن التسرب المدرسي من أبرز التحديات التي تمسّ جودة التعليم بصورة مباشرة، حيث أنه يؤدي إلى تراجع نتائج الطلبة في الاختبارات الوطنية والدولية ويسهم التسرب في تعميق الفجوات التعليمية بين الطلبة؛ إذ يبقى المتسربون خارج النظام التعليمي، بينما يعاني العائدون منهم من فاقد تعليمي يصعب تعويضه، كما أن مغادرة الطلبة لمقاعد الدراسة قبل اكتساب المهارات الأساسية اللازمة لسوق العمل يقلل من فرصهم في الاندماج فيه.
وأشارت إلى أهمية البرامج الوقائية والتوعوية القائمة إلا أنها لا تكفي لمعالجة جذور مشكلة التسرب المدرسي فحملات التوعية وحدها عاجزة عن مواجهة العوامل الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي تدفع الطلبة إلى الانقطاع عن التعليم.
الأسرة والمعلم شريكان في الحل
وأكدت على ضرورة مراجعة شاملة لهذه البرامج، لتقوم على استهداف أكثر دقة للفئات الأكثر عرضة للتسرب، كالأطفال في المناطق النائية والأسر ذات الدخل المحدود.
ولفتت إلى أنه ينبغي أن تتكامل جهود التوعية مع برامج دعم اقتصادي مباشر للأسر، وتوسيع نطاق الخدمات النفسية والاجتماعية داخل المدارس، إلى جانب توفير مرشدين تربويين في جميع المدارس دون استثناء، وتقديم بدائل تعليمية مرنة تمكّن الطلبة المنقطعين من العودة إلى التعليم دون خسارة سنوات دراسية كاملة.
ونوهت إلى أن تجارب دول أخرى أثبتت أن الحلول الأكثر فاعلية تجمع بين الدعم الاقتصادي للأسر، والتدخل النفسي والاجتماعي للطلبة، وتوفير بدائل تعليمية مرنة مرتبطة بسوق العمل.
وبينت أنه يمكن للأردن الاستفادة من برامج التعليم المرن و”الفرصة الثانية” لإعادة المتسربين، مع ضمان اعتماد رسمي للشهادات البديلة وربطها بسوق العمل، وإدماج التعليم الرقمي والمرن، شريطة توفير الأدوات التكنولوجية والدعم الفني لضمان نجاح هذه البدائل.
وفي مقابل ذلك، يرى الخبير التربوي الدكتور عايش النوايسة أن معدلات التسرب ضمن المعدلات الطبيعية وإن كان بها زيادة، وذلك لعدة أسباب تتعلق في العملية التعليمية وفي البرامج المقدمة ذات التأثير الضعيف واستهدافها للفئة المطلوبة.
وأشار إلى أهمية الدور الأسري في تأثيره على الطلبة وأن التفكك الأسري وعدم الاستقرار يؤثر في سلوكيات الطلبة سلبًا، منوِّهًا أن الحل يأتي بوضع التشريعات الناظمة للطلبة والمعلمين، ودور المرشدين الفاعل في المدارس ووجود معلمين قادرين على قيادة التأثير داخل الغرف الصفية بالتأثير والاتصال المباشر مع الطلبة.






