الزرقاء – عبدالرحمن البلاونه
أنتجت مديرية ثقافة محافظة الزرقاء فيلمًا وثائقيًا بعنوان “الزرقاء بوابة الثقافة الأولى”، من إعداد الكاتب محمد الزيود، وإخراج محمد دراج، وبإشراف مدير مديرية ثقافة الزرقاء، الأستاذ محمد الزعبي، في خطوة تهدف إلى إحياء التراث الثقافي والتاريخي لمدينة الزرقاء.
وسلط هذا الفيلم الضوء على تاريخ مدينة الزرقاء الحضاري، التي استقت اسمها من نهر الزرقاء، الذي كان شاهداً على استيطان أقدم الحضارات البشرية، وأشار الفيلم إلى ” زاركي” و كيف شيد الأكاديون والأشوريون والرومان واليونان ممالكهم على أرضها، لتصبح الزرقاء مرآة تعكس عظمة تلك الحضارات التي تركت أثرًا خالدًا لكل من مشى على ترابها.
و تناول مشاهد من منطقة القنية وجبل المطوق، التي تطل على نهر الزرقاء، والتي تعود آثارها إلى العصور الحجرية والبرونزية والنحاسية، حيث تقف مدافن “الدولمن” منتصبة تفتح يديها للشمس، وعلى طرفها الشرقي، تمر سكة الخط الحديدي الحجازي كأول محطة قطار يركبها الذاهبون إلى دمشق.
وأظهر الفيلم موقعها المتوسط بين محافظات الوطن، كما بين التنوع الثقافي والديموغرافي فيها، وتمازج قاطنيها من شتى الأصول والمنابت، الي أسهم في نشوء حركة ثقافية مميزة، منذ تأسيسها، فكانت الزرقاء محوراً ثقافياً مهماً، حيث ساهمت في رفد الأردن بالكثير من المثقفين والمبدعين، الذين برزوا في مجالات التعليم والصحافة والعمل الحزبي والنقابي.
كذلك أظهر الفيلم التعايش الديني ما بين مكونات الزرقاء، وأظهر المساجد والكنائس التي تقام فيها الصلوات ويصدح فيها صوت الأذان، وتقرع الأجراس.
وكشف الدور الهام الذي لعبته الزرقاء في التاريخ الأردني، حيث أقام الجيش العربي معسكراته على أطرافها الشرقية، وأسس الجنود والضباط مدينة قوامها المحبة والبساطة، كذلك أسواقها التي تعج بالدفء والمحبة، كانت دائماً وجهة لكل من مر من طرقها.
وسلط الفيلم الضوء على الدور الكبير الذي لعبته محافظة الزرقاء منذ تأسيس المملكة وحتى تولي جلالة الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية، حيث حظيت المدينة باهتمام ملكي كبير تمثل في إنشاء مركز الملك عبد الله الثاني الثقافي ، وإنشاء مركز الأميرة سلمى للطفولة 2008، واختيار الزرقاء كمدينة الثقافة الأردنية عام 2010، ولواء الهاشمية كمدينة الثقافة 2020-2021، والرصيفة عام 2022.
وتمثل هذه الخطوات نقلة نوعية في نقل الاهتمام الثقافي إلى الأطراف، بالإضافة إلى المشروع الوطني لجمع التراث الشعبي الأردني، والذي يهدف إلى حفظ وصون التراث غير المادي للزرقاء بأريافها وبواديها وقراها.
وأكد الزعبي أن هذا الفيلم يعد عملاً فنيًا يعيد إحياء الذاكرة الثقافية للمدينة، ويبرز تنوعها الثقافي وفسيفسائها الديموغرافية، وخليط سكانها المتجانس الذي قل نظيره، فتجد فيها البدوي، والشيشاني، والدرزي، والمسيحي ، والمسلم، القروي، وابن المخيم، مما يمنحها ميزة فريدة تظل عنصر قوة لا يُضاهى على مدى العصور.