صدى الشعب – منذ أن أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اعتزامه زيارة قطاع غزة في ظل الحرب الإسرائيلية الطاحنة على سكان القطاع منذ 316 يومًا، وبدأت وسائل الإعلام ومواقع التوصل الاجتماعي تضج بخبر الزيارة وتوقيتها وأهدافها ومدى نجاحها في هذا الوقت الحساس.
ومنذ أن أعلن الرئيس عباس هذه الخطوة من داخل البرلماني التركي قبل أيام، لم تخرج أي تصريحات رسمية من قبل مسؤولين في السلطة الفلسطينية وحركة “فتح”، ولا حتى حركة “حماس”، حول زيارة “أبو مازن” لغزة، الأمر الذي أضاف الكثير من الغموض ووضع تساؤلات كثيرة بهذا الملف.
ووفق المعلومات المتوفرة فإن زيارة الرئيس عباس لغزة لن تكون قريبة، كون هذا الأمر يحتاج الكثير من المباحثات والتنسيقات بين حركة “فتح” و”حماس” التي تسيطر فعليًا على القطاع، فيما يبقى التساؤل الأكبر هل ستسمح إسرائيل للرئيس عباس بدخول غزة عبر المعابر الحدودية المغلقة حاليًا، أم تكون الزيارة عن طريق مصر وكذلك معبر رفح الذي يخضع الان للسيطرة الإسرائيلية الكاملة بعد تدمير وحرق المعبر بأكمله.
وبحسب هذه السيناريوهات فإن زيارة الرئيس عباس لغزة لن تكون خلال الأيام المقبلة، كون الأمر معقد للغاية وبحاجة لدراسات أمنية وسياسية معمقة ومعقدة جدًا، خاصة وأن إسرائيل قد تتخذ خطوة أخرى تصعيدية تكون فيها حياة “أبو مازن” بخطر.
فيما وضعت أوساط سيناريو آخر على الطاولة، ملخصه بأن زيارة الرئيس الفلسطيني لغزة لن تتم بالمطلق وما صرح به “أبو مازن” في تركيا كان ورقة تهديد لإسرائيل لا أكثر من ذلك، وهناك الكثير من العقبات والعراقيل تمنعه.
وما زاد الامر تعقيدًا بمدى نجاح هذه الزيارة هو طلب الرئيس من مجلس الأمن “تسهيلها”.
ويعد قرار الرئيس عباس “المفاجئ” الذهاب إلى غزة هو الأول من نوعه منذ سيطرة حركة “حماس” على قطاع غزة منذ نحو 18 عاماً، وفضلت الحكومة الإسرائيلية عدم التعليق عن قرار عباس في ظل بحثها عن إدارة فلسطينية للقطاع، بعيداً من السلطة الفلسطينية أو حركة “حماس”.
وخلال خطابه أمام البرلمان التركي في أنقرة الخميس الماضي، جدد الرئيس عباس التأكيد أن “دولة فلسطين هي صاحبة الولاية على قطاع غزة والضفة الغربية وعاصمتها الأبدية القدس”. وطالب قادة دول العالم والأمين العام للأمم المتحدة المشاركة في الزيارة، و”تأمين وصولنا إلى قطاع غزة”.
وشكك موقع “واللا” العبري، في إعلان الرئيس عباس زيارة قطاع غزة، وتساءل الموقع عن كيفية زيارة رئيس السلطة الفلسطينية كما تعهد، في وقت تسيطر فيه إسرائيل على المعابر، وفي ظل نيتها للبقاء هناك.
ونقل الموقع العبري حديث عباس بشأن زيارة غزة “ولو كلفه الأمر حياته”، مشككًا في ذلك، وقال إنه من غير المنطقي أن تصادق إسرائيل التي تسيطر على معابر قطاع غزة لرئيس السلطة على زيارته التي تعهد بها.
الموقع مثل غيره من وسائل الإعلام العبرية حرص على ترجمة حديث عباس أمام البرلمان التركي، وتأكيده أن المنطقة لن تحظى بالأمن والاستقرار دون إقامة دولة فلسطينية.
ورأى الموقع أنه في ظل الواقع الحالي في قطاع غزة، فإن ما ذكره رئيس السلطة الفلسطينية يعد من زاوية “إعلان نوايا” أكثر من أنه واقع عملي، وسلط الضوء على حديثه بأنه ينوي زيارة القدس بعد غزة، واعتباره أن القدس خط أحمر.
بدوره ذكر الخبير في الشأن الفلسطيني، جهاد حرب، أن “إعلان عباس يأتي في إطار تأكيد ضرورة عودة الأجهزة الرسمية للسلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، وهي إحدى الوسائل التي يسعى من خلالها للتأكيد على ضرورة إنهاء الحرب”.
وقال حرب، في تصريحات نشرت له، إن “مثل هذه الزيارة غير قابلة للتطبيق في الوضع الراهن، فإلى جانب أنها خطرة من الناحية الأمنية والسياسية، لا يمكن لإسرائيل أن تقبلها أو تسمح للرئيس والقيادة الفلسطينية بتنفيذها”، موضحًا أن “الإعلان مفاجئ للجميع، ويشكل وسيلة ضغط على المجتمع الدولي بشأن الحرب على غزة، ولكنه أيضًا رسالة داخلية لحركة حماس برفض التخلي عن دور منظمة التحرير ومؤسساتها في إدارة القطاع، خاصة في ما يتعلق بخطط اليوم التالي من الحرب”.
وأشار إلى أن “إعلان عباس لن يؤدي إلى أي تغيير في ما يتعلق بالحرب في غزة، خاصة أن القيادة الفلسطينية ليست طرفًا في المفاوضات الدائرة بين طرفي القتال بغزة”، لافتًا إلى أن عباس يحاول “تسجيل موقف” أمام الفلسطينيين.
ووفق حرب، فإن “تصريحات عباس جاءت في إثر التجاهل الدولي لمنظمة التحرير في ما يتعلق بمخططات ما بعد الحرب، ومحاولة لكسب تأييد الشارع الفلسطيني في ظل عدم قدرة السلطة على حكم الضفة الغربية”.
وأمام هذه التناقضات..
هل يملك عباس القدرة على زيارة غزة؟ وما الهدف من هذا التصريح؟ وهل هناك من سيسانده في هذه الخطوة؟
“رأي اليوم”