صدى الشعب- كتبت ليندا المواجدة
في زمن الصورة، لم تعد الحروب تُخاض بالسلاح وحده، بل باتت الحرب الإعلامية أشرس وأعمق أثراً من الحرب على الأرض. فالرصاصة تقتل جسداً، لكن الكلمة قد تُفكك وطناً.
الإعلام، اليوم، لا يكتفي بتغطية المعارك، بل يُديرها، يُعيد تشكيل وعي الشعوب، ويصنع الأعداء والحلفاء حسب الحاجة ، من يملك المنصة يملك الرواية، ومن يملك الرواية يحدد من هو الضحية ومن هو المعتدي.
الإشاعة سلوك موجود في حياة البشر والدول منذ آلاف السنين، فهي تلفيق مقصود من شأنه صنع الإرباك والفتن والمشاكل وربما الحروب في المجتمع، بهدف تأليب المجتمع بعضه على بعض بصرف النظر عن نوايا مطلقيها.
في أوقات الأزمات، تصبح الشائعات والأخبار المضللة سلاحًا خطيرًا يهدد تماسك المجتمع ويقوّض الثقة بالمصادر الرسمية.
إذ تنتشر هذه المعلومات بسرعة بين الناس القلقين، وتؤدي إلى حالة من الهلع والارتباك، يصعب معها التمييز بين الحقيقة والزيف. الأخطر من ذلك أن بعض الجهات تستغل هذه اللحظات لبث الفتنة أو التشكيك في مؤسسات الدولة، مما يعمّق الانقسام الداخلي ويزيد من تعقيد الأزمة. ولهذا، فإن محاربة التضليل لا تقتصر فقط على التصحيح الإعلامي، بل تتطلب استجابة مؤسسية واعية، وإعلامًا سريعًا وشفافًا، ووعيًا مجتمعيًا قادرًا على التحقق والمساءلة
ومما لا شك فيه أننا اليوم في زمن السرعة والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي نتعرض يوميا لكم هائل من المعلومات والأخبار، التي أغلبنا لا يتفقد صحة مصدرها ولا يكلف نفسه عناء ذلك، خاصة وأن الواقع الإعلامي والسياسي يضع كثيرًا من الدول العربية والإسلامية في موقف دفاعي، يجعلها ميدانًا مفضلاً لاختبار أدوات التضليل والحرب النفسية من قبل القوى الكبرى.
وفي حالة انتشار الإشاعة تُضعف الروح المعنوية وزيادة التوتر الداخلي، تعتبر الإشاعة عصب الحروب النفسية من خلال تدمير الروح المعنوية للإنسان وإدخاله في دوامة من القلق والإحباط، ولا يستهان بتأثير الشائعات النفسي فإن الأمن النفسي هو أساس حياة الإنسان وراحته وإن الحرب الفكرية لا تقل فتكاً عن الحرب المباشرة ، خاصة ان مناعة الإنسان ضد الإشاعات والأخبار الكاذبة قليلة ، لاسيما في وقت الأزمات، وبالتالي يسهل التأثير عليه، ويزداد الأمر صعوبة في زمن انتشار وسائل التواصل الذي تكثر فيه المعلومات غير العلمية فيتأثر بها الناس أكثر من تأثرهم بالمعلومة الدقيقة، ما يتطلب الوعي بأهدافها المضللة.
والاهم من ذلك هو تضليل الرأي العام ، إذا لم يكن المجتمع على قدر كافٍ من الوعي لمعرفة الطرق السليمة للوصول إلى المعلومة الصحيحة فإنه يسهل التحكم بما يصدقه الأغلبية ويسهل تضليل العامة وتوجيههم وإذا كان التوجيه من مصادر ذات نوايا خبيثة فإن الرأي العام يصبح أداة إفساد بدل من استخدامه لإصلاح الأمور ، فماذا لو كانت كل معلومة تقرأها أثناء الأزمات ، مجرد فخ؟ في عصر تغيب فيه الحقائق تحت ضجيج التضليل، تصبح الشائعة أقوى من البيان الرسمي، والخوف أسبق من العقل.
فبناء وعي هذه الشعوب ضرورة حتمية لمواجهة الواقع والتخطيط للمستقبل البعيد الذي سيكون فيه البقاء للأقوى والأكثر علما ووعيا، وعلينا العمل على التصدي بقدر الإمكان للشائعات التي تضربنا من طرف تيارات متعددة، بأن نقوّي إيماننا بديننا ومعتقدنا وتاريخنا وهويتنا، وأن نشتغل بما ينفع، ونحمي مجتمعنا لنكون مجتمع قوي وصلب لا تهزه رياح الحرب النفسية، ويستطيع السعي قُدما لتحقيق الأمن والرفاه والاكتفاء .
وعينا هو السلاح الاستراتيجي في مواجهة الشائعات والكذب وقت الأزمات
حفظ الله الأردن عزيزاً شامخاً