صدى الشعب – قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية في تقرير جديد، إنه مع مرور الوقت، تتزايد الكلفة البشرية في حرب غزة، فيما لا تلوح النهاية في الأفق، مضيفة أنه لا بد من خطة أمريكية تسمح بإطلاق سراح الرهائن، والقضاء على حماس، وعودة السلام إلى المنطقة الشمالية.
وأضافت يديعوت في تحليل أعده الكاتب الإسرائيلي، رون بن يشاي تحت عنوان “خطوة بخطوة.. خطة حاسمة للحرب”، أن إسرائيل تعيش وضعاً لم يسبق له مثيل في تاريخها، عالقة في حرب استنزاف في سبع ساحات دون القدرة على حسم أي منها عسكرياً قريباً، في حين أن هناك 4 حواجز غير عسكرية تمنع إسرائيل من تحقيق أهداف الحرب.
وعرضت الصحيفة مُخططاً تفصيلياً من شأنه إطلاق سراح جميع المختطفين، وتحقيق معظم أهداف الحرب، ولكن أولاً وقبل كل شيء يجب تحديد ما يعيق إسرائيل.
عدم القدرة على إطلاق سراح الرهائن
وأوضحت” يديعوت” أن العقبة الأصعب في الطريق تنبع من عدم القدرة على إطلاق سراح الرهائن بعملية عسكرية أو صفقة، ومن المرجح أن يكون المختطفون متفرقين ويتنقلون بشكل متكرر من مكان إلى آخر، مما يجعل من الصعب تحديد مكانهم والتخطيط لعملية إطلاق سراحهم، وبالتالي فإن الخيار العسكري غير قابل للتطبيق عملياً.
وعلى الجهة الأخرى، فإن الصفقة ليست ناضجة بشكل رئيسي لأن الحكومة الإسرائيلية لا تقبل مطلب زعيم حماس يحيى السنوار بوقف الحرب وسحب الجيش الإسرائيلي من القطاع قبل إطلاق سراح جميع المختطفين.
وقالت الصحيفة إن إسرائيل قد استجابت لكل مطالب السنوار تقريباً، ولكن بما أنها لا تملك الآن أدوات ضغط فعالة عليه، فهو يواصل الإصرار وليس في عجلة من أمره لإبرام صفقة لأنه يقدر أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ستجبر إسرائيل على وقف القتال بينما هو ومنظمته على قيد الحياة في القطاع، مع وجود عدد صغير من المختطفين كدروع بشرية.
حكومة مدنية بديلة لحماس
أما العقبة الثانية فتتلخص في الافتقار إلى الرغبة السياسية في إسرائيل لتشكيل حكومة مدنية بديلة لحكومة حماس.
وأشارت “يديعوت” إلى أنه في الأماكن التي لا يتواجد بها الجيش الإسرائيلي على الأرض تتولى حماس توزيع المساعدات الإنسانية وتمارس الحكم المدني وتنظم “حرب عصابات”، موضحة أن خوف سكان غزة من النشطاء المسلحين والافتقار إلى بديل للحكم من شأنه أن يحافظ على ولاء السكان لحماس، وهي الخطوة الأولى في طريق إعادة تأسيس نفسها كقوة حكومية وعسكرية.
ووفقاً للصحيفة، العقبة الثالثة هي القرار الاستراتيجي الإسرائيلي بانتظار تسوية سياسية أو حرب محدودة في الشمال، تسمح للسكان بالعودة إلى منازلهم، حتى يتم التوصل إلى وقف إطلاق نار واستقرار في الجنوب. وتابعت: “بحسب المعلومات الموثوقة المتراكمة، فإن الأمين العام لحزب الله حسن السيد نصر الله والإيرانيين لا يريدون توسيع الحرب إلى ما هو أبعد من النمط الحالي لتبادل الضربات، بل إن نصرالله أعلن أنه سيوقف إطلاق النار بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع حماس في الجنوب، في إشارة واضحة إلى أنه عندما يحل السلام في الشمال سيكون مستعداً للمفاوضات وفقاً للخطوط العريضة التي اقترحها الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين”، موضحة أن إسرائيل تفضل استنفاد فرصة التسوية في الشمال من خلال المفاوضات، وعندها فقط – إذا لزم الأمر – يمكن الذهاب إلى الحرب في لبنان بدعم أميركي”.
تعميق الصدع مع الولايات المتحدة
العائق الرابع هو التوجيه المعطى للجيش الإسرائيلي لتجنب التحركات العسكرية التي يمكن أن تعمق الصدع مع الولايات المتحدة، وتقضي على ما تبقى من الشرعية الدولية.
وذكرت الصحيفة أن الخلاف الخطير مع واشنطن سيفرض على إسرائيل عقوبات أميركية ودولية، مثل حجب المساعدات العسكرية والسياسية وأوامر الاعتقال الدولية للمسؤولين الإسرائيليين، لكن الضرر الرئيسي هو ما لحق بالردع الإسرائيلي ضد إيران ووكلائها، وتابعت: “لم تكن إيران لتشن الهجوم الصاروخي والطائرات بدون طيار 13 أبريل (نيسان)، لو أن الخلاف الداخلي والخلاف العام القبيح مع إدارة بايدن لم يتآكل”.
نتيجة مؤلمة
وتقول الصحيفة إنه طالما أن هذه الحواجز تحد من حرية عمل الجيش الإسرائيلي وقدرة إسرائيل على المناورة في الساحة السياسية، فإنه محكوم على إسرائيل أن تشهد حرب استنزاف متفاوتة الشدة في جميع الساحات، مع استيعاب الضحايا والأضرار الاقتصادية، وتوسيع نطاق الصراع، وانقسام اجتماعي يحول إسرائيل إلى “دولة مجذومة” يمكن أن تستمر سنة أو أكثر، حتى ينكسر أحد الأطراف، أو تقع الكارثة، والأسوأ من ذلك كله أن الضغوط السياسية ستجبر إسرائيل على إنهاء الحرب بلا قرار أو ترتيبات نهائية لن توفر الأمن.
وتابعت “يديعوت”: “الخلاصة المحزنة هي أن إسرائيل لا تستطيع تحقيق أهداف الحرب بمفردها، ومن أجل تحرير المختطفين وتحديد الحملة، هناك حاجة إلى تعاون استراتيجي وسياسي وعسكري وثيق مع الولايات المتحدة، وبشكل محدود أيضاً مع السلطة الفلسطينية بشرط أن يكون هذا إصلاحاً حقيقياً”، مستطردة: “لكن إسرائيل لن تكون قادرة على القيام بمثل هذا التحول الاستراتيجي دون تغيير تركيبة الائتلاف والحكومة”.
تشكيل حكومة وحدة
ولذلك، تقول الصحيفة إن الخطوة الأولى والعاجلة التي يجب اتخاذها هي تشكيل حكومة وحدة تشارك فيها جميع الأحزاب الصهيونية، مع إعادة توزيع الملفات الرئيسية المتعلقة بسير الحرب، وسيضع هذا الائتلاف جانباً أي قضية لا تتعلق بسير الحرب وعمل المؤسسات الحكومية خلال حالة الطوارئ التي تعيشها إسرائيل، بما في ذلك التعامل مع القانون الذي يعفي التجنيد الإجباري للحريديم، موضحة أنه إذا وقع يائير لابيد وأفيغدور ليبرمان وجدعون ساعر ويائير جولان، فن يكون هناك فرصة لبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير لإسقاط الحكومة، وستنخفض قدرتهم على فرض مواقفهم على نتانياهو بشكل كبير، مستطردة: “بدون تغيير تركيبة الحكومة والائتلاف، لن نتمكن من حسم أي من ساحات الحرب والاستعداد للصراع الوجودي مع إيران”.
الاتفاق مع إدارة بايدن
وشددت الصحيفة على أن الخطوة التالية يجب أن تكون هي الاتفاق بين إدارة بايدن والحكومة الإسرائيلية على خطة عمل استراتيجية مشتركة تشمل مكونات سياسية ودبلوماسية وعسكرية، وبعبارة أخرى “صفقة كفالة أميركية تتضمن إطلاق سراح جميع المختطفين، ووقف طويل ومستقر لإطلاق النار، وإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، وإطلاق سراح أكثر من ألف سجين أمني، وحرية العمل العملياتية في حال انتهاك حماس لوقف إطلاق النار”.
ومن خلال الهدوء في الجنوب، يتم العمل المشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة على تشكيل حكومة بديلة لحماس، وإنهاء الحرب في الشمال من خلال جهود الوساطة الدبلوماسية، وفي وقت لاحق، تتعهد إسرائيل بالدخول في عملية سياسية، يتم في نهايتها تأسيس دولة فلسطينية ذات سيادة، وفي المقابل، ستساعد الولايات المتحدة في إنشاء إدارة بديلة لحماس في القطاع، ودفع عجلة التطبيع لإسرائيل في المنطقة.
نتائج إيجابية
كذلك، ذكرت الصحيفة أنه “إذا تم تبنّ الخطوط العريضة من هذا النوع، فإن ذلك سيسمح لإسرائيل بإنهاء ملف المختطفين بحلول نهاية العام، والبدء في إنشاء أنظمة أمنية جديدة على الحدود، وإعادة الأشخاص الذين تم إجلاؤهم إلى منازلهم في الجنوب والشمال، والإسراع في إعادة تأهيل المناطق المتضررة، فيما ستستفيد الولايات المتحدة أيضاً، وسيتم تعزيز وترسيخ مكانة واشنطن في المنطقة وعلى الساحة العالمية، وستثبت الولايات المتحدة أنها دعم قوي وموثوق لحلفائها، وستمنع انجراف دول المنطقة نحو الصين، فضلاً عن إيقاف المحور الروسي الإيراني”، وفق الصحيفة.