كتب. الدكتور / محمود الرجبي
جزء من نجاح أي دَوْلَة فِي العالم قدرتها عَلَى وضع الشخص الـمُنَاسِب فِي الـمَكَان الـمُنَاسِب لأنَّ هَذَا يؤدي إلى تحسين الْحَياة، وزيادة الإنتاج، والتغلب عَلَى المصاعب، وعكس ذلِكَ سيؤدي إلى تعطيل العَمَل، وتقليل الإنجازات، وركود الاقتصاد.
نحتاج فِي الأرْدُنّ إلى آليات لِلْبَحْثِ عَن المتميزين فِي الـمُجْتَمَع وتمكينهم فِي القطاع الخاص والعام، واللجوء إلى الخِبْرَة، وتعظيم الإنجاز بدلًا من التعينات القائمة عَلَى معايير غير مهنية فِي أي قطاع سواء كانَ حُكوميًا أو خاصًا.
أشار جلالة الـمَلِك فِي أكثر من مُناسِبَة إلى خُطُوُرَة الواسطة عَلَى الـمُجْتَمَع، وَالقانون يُجرمها أصْلاً، وَلَوْ قمنا ببحث علمي يُبَيِّن الآثار السَّلْبِيَّة لَهَا لتوصلنا إلى نَتَائِج مُرْعِبَة، ومِن المعروف أن الواسطة من أكثر ما يؤثر عَلَى تمكين المتميزين، فأي مؤسسة يقودها شَخْص بالواسطة قَدْ يشعر بالدونية، وسيعمل عَلَى استبعاد الكفاءات والمتميزين، وتقريب النَّاس بِنَاء عَلَى الولاء لَهُ، وَليْسَ عَلَى الخِبْرَة، وسينشغل بِالتَّفكِيرِ بكيفية إبعاد منافسيه عَن المنصب، بدلًا من التفكير بالتطوير، وكيفية التغلب عَلَى العقبات، أوْ كَيْفَ يقدم خدمات لِلْنَاسِ إذا كانَت مؤسسته خدماتيه، ويتحول الأمر بِهِ إلى أن يُطوِّر عَقْليَّة التعطيل، والايذاء، وهَذَا بحد ذاته كارثة.
نستحق فِي الأرْدُنّ الأفضل، وَلَدَيْنا إنجازات كَبِيرَة تحتاج إلى تعظيم، ولا يُمْكِنُ أن نتطور، ونتقدم أكثر دونَ البَحْث عَن الكنـز المدفون، وهم الكفاءات، والدفع بِهِم للأمام.
عِنْدَمَا نقرأ سير الناجحين فِي الولايات المتحدة الأمريكية عَلَى سبيل المثال، وهم قادمون من مُخْتَلِف بلدان العالم، نذهل عِنْدَمَا نكتشف أنهم لَمْ يجدوا لَهُم مكانًا فِي بلدانهم، فذهبوا إلى مَكَان وفر لَهُم كل الإمكانيات، ففجر فِيهِمْ الطاقات، فصنعوا ما يشبه المعجزات، وقاموا بتوفير آلاف فرص العَمَل هُنَاكَ، وبلدانهم كانَت بأمس الْحاجَة إليْهَا، وَلَكِن السياسات والآليات الصَّحِيحَة هِيَ الَّتِي تَصْنَع البيئة الخصبة المولدة للإبداع.
لَدَيْنا فِي الأرْدُنّ كل مقومات النجاح، وَيُمْكِنُ بِبَعْضِ الإجراءات الناجحة، وبمتابعة تطبيقها، وبتفعيل آليات المراقبة، والتقييم العادل، وَتَحْدِيد الإنجازات المطلوبة من أصغر مُوَظَّف إلى أكبر مسؤول أن نصل إلى ما نُريد، وأن نعمق بيئتنا لتصبح أكثر جذباً للمبدعين، وأكبر قُدْرَة عَلَى إعطائهم الفُرْصَة للنجاح.
بَلَدنَا تستحق الأفضل، وَلا بُدَّ أن نتعاون جميعًا من أجل البَحْث عَن الـمُبْدعِينَ ودفعهم لأخذ مكانهم، ليساعدونا عَلَى الخُرُوج من الأزمات والتحديات.