مع تصاعد الإضطرابات في الاقليم، و سوريا جديدة، يعتبر استقرارها مصلحة عليا لأهلها، واستراتيجية للمنطقة ككل، تستوجب موقفاً دولياً موحداً يدعم أمنها واستقرارها وسيادتها، و إرادة شعبها وخياراته. استذكر قبيل سوريا الجديدة وتحلل نظام الأسد، توالي التصريحات الأمريكية والروسية والفرنسية حول إمكانية نجاح هدنة الصراعات في المنطقة وتحديداً في فلسطين وسوريا والعراق ولبنان، وارتباط البعد الديموغرافي والسياسي بذلك، وما تحمله تلك التصريحات بين سطورها حول ما يلوح في أفق الشرق الأوسط، من سيناريوهات سياسية وأمنية وديموغرافية قادمة، لمرحلة نفوذ ووجود جديدة، كنتيجة لتصاعد اعتبارات دينية أو طائفية أو مذهبية، تتزايد معها مناطق النفوذ الطائفي والسياسي بدعم مختلف من القوى الفاعلة في الاقليم، مُمهّدةً لتقسيمات ذات طابع مذهبي وعرقي تفرض و جودها كأمر واقع على الأرض.
ففي سوريا الجديدة تتصاعد القوى السنية في حلب وإدلب وحمص وحماة، الأكراد في الشمال، والدروز في الجنوب، والعلويين في الساحل، بينما تبقى دمشق وريفها غير محسومة ضمن التفاهمات في الاقليم لهذه اللحظة.
ما يعيد في الأذهان مشاهد ترسيم حدود الشرق الأوسط، ووعود وتفاهمات مطلع القرن المنصرم، وما تبعها منذ ذلك الوقت من دراسات وبحوث إستراتيجية لسنوات لاحقة لا بد من الوقوف عندها، ذلك أن أهم ما تمتاز به دوائر صنع القرار الامريكي والغربي ارتباطها بمراكز دراسات استراتيجية تبنى بموجبها السياسات و القرارات لعقود قادمة، من غير الممكن فيها تجاوز مقترحات في ثمانينيات القرن الماضي، للمفكر البريطاني برنارد لويس وللمستشار الامريكي بيرجكنسي، حول مستقبل الشرق الأوسط، و تحديداً بما يتعلق بحدود سايكس بيكو ومقررات فراساي. تبقى رغم تبدّل الفاعلين الدوليين، ليتصاعد الحديث حول مشاريع “الشرق الأوسط الجديد” و”الفوضى الخلاقة” قبل حوالي أكثر من عقدين بقليل.
لم يدخر الأردن جهداً كوسيط إقليمي مسؤول يتاخم أكثر من بؤرة ملتهبة،وصاحب ثقل دبلوماسي ودور إنساني مستدام، للسعي نحو الحلول التوافقية بين القوى المتصارعة و بما يحفظ مصالحه القومية العليا وينبه القوى الفاعلة في الاقليم إلى خطورة استمرار تأجيج الصراعات، منذ تفاقم ذلك في السابع من اكتوبر في غزة وتمدده في الاقليم و صولا الى الجهود في اجتماعات العقبة التي تدعم استقرار سوريا كمصلحة استراتيجية للمنطقة.
وفي ظل نتائج النزاعات وحاجة إعادة الاعمار في الاقليم لا بد من تبني حلول اقتصادية وتنموية إقليمية، بما يعيد الثقة للشارع العربي متجاوز البعد العسكري والأمني.في واقع من الممكن أن يكون فرصة ازدهار إن استثمر بالشكل الصحيح و الّا دوامة عنف أخرى لا تكون فيها حسابات، ومألاتها غير متوقعة.