صدى الشعب – حلا باسل الحَبيس
تشهد الساحة الثقافية اليوم تناميًا ملحوظًا في تنظيم معارض الكتب، والتي لم تعد تقتصر على دورات سنوية فقط، بل توسّعت لتشمل أنشطة ومبادرات تطلقها مؤسسات ثقافية تُعنى بشأن القراءة، وتعمل على الترويج لهذه الفعاليات من خلال المؤسسات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي.
ورغم هذا الحراك، إلا أن هذه المعارض لا تزال تواجه محدودية في الإقبال الجماهيري، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت الإشكالية تكمن في طرق الوصول إلى المواطنين، أم أن هناك أسبابًا أخرى تحول دون التفاعل الواسع معها.
وفي هذا السياق، قال وزير الثقافة الأسبق الدكتور صلاح جرّار إن وزارة الثقافة إلى جانب عدد من المؤسسات والهيئات الثقافية، تبذل جهودًا حثيثة لنشر عادة القراءة وتشجيع الأبناء والناشئين على الإقبال عليها، مشيرًا إلى أن مشروع مكتبة الأسرة الذي تتبناه وزارة الثقافة يُعَدّ أحد أبرز الشواهد على هذه الجهود.
وأضاف جرّار خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن وزارة التربية والتعليم تسهم بدورها في ترسيخ هذه العادة من خلال إدراج برامج ومسابقات في القراءة ضمن مناهجها الدراسية، فضلًا عن المبادرات التي تنظمها الهيئات الثقافية لتكريم المتفوقين بجوائز تشجيعية.
وأكد جرّار أن عادة القراءة في المجتمع المحلي، وفي المجتمعات العربية بشكل عام، تشهد تراجعًا ملحوظًا، وذلك بالرغم من النشاط المتواصل لدور النشر في إصدار مؤلفات جديدة والمشاركة الفاعلة في إقامة معارض الكتب.
وأوضح جرّار أن المواطن، قبل بروز العصر الرقمي وهيمنة تكنولوجيا المعلومات، كان ينشغل في معظم وقته بتأمين لقمة العيش، ولم تكن القراءة ضمن أولوياته اليومية، مشيرًا إلى أنه ظهور الثورة الرقمية، تفاقمت التحديات التي تواجه القراءة، حيث أصبح لمواقع التواصل الاجتماعي ومحتوياتها المتنوعة دور بارز في استهلاك أوقات الفراغ، لما تتضمنه من جاذبية وسرعة في الوصول إلى المعلومات والمعارف.
وأشار جرّار إلى أن الكتاب الإلكتروني بدأ يحل محل الكتاب الورقي، رغم احتفاظ الأخير بشريحة واسعة من المهتمين والمحبين، ممن لا يزالون يفضلون القراءة التقليدية كوسيلة تواصل معرفي وثقافي.
وبيّن جرّار أن القراءة اليوم أصبحت تخضع لتقييم فردي وجماعي، وفق مدى تلبيتها لاحتياجات الأفراد وأهميتها في مواجهة التحديات التي تعيشها الأمة، لافتًا إلى أن شريحة كبيرة من أبناء هذا الجيل فقدت ثقتها بقدرة القراءة على إحداث تغيير ملموس في حياتهم أو في واقع مجتمعاتهم.
وشدّد جرّار على أن الجهود التي تبذلها المؤسسات المعنية في سبيل التشجيع على القراءة لا بد أن تتضاعف، خصوصًا في ظل التنافس الشديد مع معطيات الثقافة الرقمية وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، التي باتت تهيمن على المشهد المعرفي وتفرض واقعًا جديدًا يتطلب تكيّفًا وابتكارًا في أساليب الترويج للقراءة.






