العوامل العالمية والمحلية ترسم مشهد أسعار الذهب
صدى الشعب _ أسيـل جمـال الطـراونـة
أكدت الخبيرة الاقتصادية ملاك الرشق في حديثها لـ”صدى الشعب” أن أسعار الذهب تخضع اليوم لتشابك معقد من العوامل العالمية والمحلية، تجعل من هذه السلعة الحساسة مرآة مباشرة للتقلبات الاقتصادية الدولية والإقليمية، وكذلك للظروف المحلية في الأردن.
وقالت الرشق إن العوامل العالمية التي تتحكم حالياً بحركة أسعار الذهب تتسابق كفريق واحد من خلف الكواليس، حيث يشكل الدولار الأميركي الإطار المرجعي للأسعار، فيما تحدد معدلات الفائدة مصدر التمويل وتكلفته.
أما التضخم فيشعل أو يهدئ شهية المستثمرين، وتبقى الأزمات الجيوسياسية حاضرة في بث تأثيراتها عبر الأسواق.
وأضافت أن الطلب العالمي على الذهب، سواء كسلعة استثمارية أو كمجوهرات، يواصل تذبذبه اليومي، في حين تلعب سياسات البنوك المركزية حول العالم دور “الجناحين” اللذين يرفعان أو يخفضان القيمة، تبعاً لثقة المستثمرين.
وأوضحت أن سلوك المستثمرين أنفسهم، بين البحث عن الأمان أو العوائد، يظل عاملاً حاسماً في رسم المسار، إلى جانب تقلبات الطلب في الصين والهند، والتغيرات في سلاسل الإمداد والتجارة الدولية، كل هذه العناصر كما تقول تصنع في النهاية رقماً واحداً مشتركاً” الذهب يتأثر بكل شيء”
أما على الصعيد المحلي، فقد أشارت الرشق إلى أن الخيط يبدأ من سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية، ثم يتفرع إلى الرسوم والجمارك المفروضة على استيراد الذهب، إضافة إلى الطلب المحلي المرتبط بمواسم الزفاف والهدايا والادخار.
وأكدت أن الوضع الاقتصادي العام والسياسات النقدية المحلية يرسمان القدرة الشرائية للمستهلكين، بينما تضبط تنظيمات سوق الذهب الإيقاع العام للأسعار المتداولة،وبهذا، يتراوح المشهد بين الاستقرار والحركة المستمرة في السوق الأردني.
وفيما يتعلق بتأثير سعر صرف الدولار، شددت الرشق على أن العلاقة “مباشرة وواضحة”، باعتبار أن الذهب يُسعّر عالمياً بالدولار، ما يجعل استقرار أو انخفاض العملة الأميركية ينعكس سريعاً على السوق المحلي. كما لفتت إلى ضرورة أخذ فروق التكلفة الناتجة عن الرسوم واللوجستيات بعين الاعتبار، وهو ما قد يضيف مفاجآت محلية على المسار العام للأسعار.
و أوضحت الرشق حول السياسات النقدية للبنك المركزي الأردني أن معدلات الفائدة وتدفقات السيولة تحدد كيفية تعامل الناس مع الذهب، إذ أن ارتفاع الفائدة قد يقلل من جاذبيته مقارنةً بالأصول ذات العائد، بينما انخفاضها يعزز مكانته كملاذ آمن. كما أن استقرار العملة المحلية وتوقعات التضخم يبقيان لاعبين رئيسيين في التأثير على ثقة المستهلكين والمستثمرين بالذهب كخيار طويل الأجل.
كما بينت الرشق أنماط التداول في الأردن وقالت أن الذهب يُباع على شكل سبائك ومجوهرات معاً، غير أن الفارق يتمثل في “المصنعية والحرفية”، التي تضيف قيمة إضافية للمجوهرات وتجعل سعرها أعلى مقارنة بالسبائك التي تبقى أقرب إلى السعر العالمي مع هامش محدود.
وأوضحت أن نسبة الطلب المحلي مقارنة بالتأثيرات العالمية، وقالت إن الطلب المحلي “ثابت نسبياً بفعل العادات والتقاليد والادخار، ما يشكل دعماً مستمراً للسوق”، إلا أن حركة الأسعار تظل مرهونة بالتقلبات العالمية، خاصة في ما يتعلق بالاستثمار وتذبذب الدولار.
وأكدت أن في أوقات التقلب الشديد، تميل القيادة الأكبر لحركة الأسعار إلى الأسواق العالمية”.
وفي ما يخص الارتفاعات غير المسبوقة في أسعار الذهب مؤخراً، رأت الخبيرة الاقتصادية أن الذهب يبقى ملاذاً في أوقات عدم اليقين، لكنه يعكس في الوقت ذاته تضخماً وتوقعات سوقية متقلبة.
وقدمت الرشق نصيحة للمقبلين على الزواج، مشيرة إلى أهمية موازنة الشراء بين المجوهرات كذكرى خاصة وبين الذهب كاستثمار، مع ضرورة الانتباه إلى كلفة المصنعية والرسوم، وعدم الاعتماد على الذهب وحده كأداة للادخار.
وأوصت بوضع خطة ادخارية متنوعة وتجنب شراء كميات كبيرة دفعة واحدة، إضافة إلى استشارة الخبراء المحليين قبل اتخاذ قرارات الشراء الكبرى.






