سجلت معدلات البطالة في المملكة المستوى الأعلى لها تاريخياً خلال العام الحالي 2020، سواءً بمعدلات البطالة بين الذكور أم بين الإناث، أو بين المحافظات وبمختلف التخصصات، بحسب المنتدى الاقتصادي الأردني.
وأشار المنتدى، إلى أن هذه معدلات مرتفعة بمختلف المعايير.
واعتبر المنتدى في “ورقة موقف” التي أصدرها بعنوان: “البطالة في الأردن: واقع وتوقعات ومقترحات”، ان ارتفاع معدل البطالة مشكلة اقتصادية مستعصية ذات آثار اجتماعية وخيمة، كونها تمس حياة شريحة واسعة من المواطنين والأسر الاردنية المنتشرة في مختلف مناطق ومحافظات المملكة.
ونبّه المنتدى للأخطار والآثار الاقتصادية والاجتماعية الوخيمة المحتملة جراء الارتفاع المتزايد لمنحنى معدلات البطالة، ولاسيما إذا ما استمرت السياسات الاقتصادية والاستثمارية واستراتيجيات الموارد البشرية بتجاهل هذه الظاهرة، مؤكدا ضرورة دراسة الأسباب الرئيسية الكامنة وراء هذه الظاهرة، وتشخيص أنواع البطالة في الأردن بتحديد أبرز صفات المتعطلين عن العمل بهدف تسهيل إيجاد السياسات والسبل الملائمة لمعالجتها والتخفيف منها.
وشدد على أهمية وضع سياسات اقتصادية واستثمارية وحلول وآليات مناسبة لتسطيح منحنى معدلات البطالة المتسارع في الارتفاع آخذين بعين الاعتبار تأطير الشراكة مع القطاع الخاص وتحفيزه بهدف زيادة قدرته، وتمكينه من استيعاب العمالة الأردنية.
وقسم المنتدى نقاشه في هذه الورقة إلى محورين أساسيين: يبحث الأول واقع وتوقعات البطالة في الأردن، والثاني يقدم بعض المقترحات والحلول للحد من تفاقم مشكلة البطالة في المملكة.
وحول المحور الأول “واقع وتوقعات البطالة في الأردن”، أشار المنتدى الى ان مستويات البطالة واصلت ارتفاعها للسنة السادسة على التوالي وصولاً إلى 23 بالمئة في الربع الثاني من العام الحالي، مرجحا أن تتجاوز نسبتها 25 بالمئة في نهاية العام، كنتيجة لتداعيات جائحة كورونا التي فاقمت المشكلة بشكل واضح جراء الإغلاقات العالمية والمحلية والتي أدت الى كبح العرض والطلب معاً.
وزاد أن الجائحة تسببت بتعثر الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة، ما جعل تلك الشركات تستغني عن عمالها وموظفيها على الرغم من التدخلات والإجراءات الحكومية المتخذة أثناء فترة الإغلاق.
وأضاف المنتدى ان الأزمة الاقتصادية والتباطؤ الاقتصادي وضعف استقطاب الاستثمارات الأجنبية والمحلية اسهم بتفاقم مشكلة البطالة مضافا إليها الظروف السياسية والأمنية التي يعيشها الإقليم والتي زادت من تدفق اللاجئين الى المملكة مما تسبب بدخول عمالة مدربة وغير مدربة منافسة للقوى العاملة الأردنية الباحثة عن العمل وخصوصا ممن يحملون مؤهلات علمية ومهنية أقل من الثانوية.
وقال المنتدى ان من الأسباب أيضا دخول الآلاف من خريجي المدارس والمعاهد المهنية والأكاديمية والجامعات الأردنية سنويا الى سوق العمل ومن مختلف التخصصات، واحتمالية عودة عشرات الألاف من الأردنيين العاملين في الخليج وغيره من الدول نتيجة تداعيات جائحة كورونا.
وفيما يتعلق بأسباب تزايد معدلات البطالة، رأى المنتدى أنه يمكن حصر أسباب ارتفاع معدلات البطالة بوجود اختلالات هيكلية مزمنة في حالتي العرض والطلب في سوق العمل الأردني، لافتا إلى أنه في حالة الطلب، فان عدم كفاية عدد فرص العمل التي يستحدثها الاقتصاد الأردني سنويا نظرا للانخفاض الملموس في الاستثمارات الأجنبية والمحلية المباشرة أدى لتفاقم حالة التباطؤ الاقتصادي التي تمر بها المملكة ونتج عنها زيادة معدلات البطالة.
وقال “يبلغ عدد فرص العمل التي يستحدثها الاقتصاد الأردني حوالي 30 إلى 40 ألف فرصة عمل مقابل ما يقارب دخول 100 ألف باحث عن العمل سنويا”، إضافة الى ازدياد مظاهر البيروقراطية لدى الجهاز العام وانخفاض دوره بتحفيز القطاع الخاص على خلق فرص عمل جديدة، وذلك نظرا لارتفاع كلف الأعمال لدى القطاع الخاص.
وأشار الى تفاوت مستويات التنمية بين المحافظات، وتركز التنمية في ثلاث مدن رئيسية: عمان واربد والزرقاء، جنبا الى جنب مع انحياز الاستثمارات الأجنبية لتشغيل العمالة غير الأردنية ،لافتا الى ازدياد ظاهرة العمالة الوافدة المخالفة والمنافسة للعمالة الاردنية نظرا لقبولها بأجور أقل، بيئة وشروط عمل أصعب في ظل عدم قدرة القطاع الخاص لتقديم ظروف عمل أفضل لما لذلك من أثر في زيادة تكاليف الإنتاج وأسعار المنتجات.
اما بخصوص حالة العرض، اشار المنتدى الى عدم استقطاب استثمارات ذات كثافة عمالية، وغياب الحوافز لتشغيل الأردنيين، وعدم مواءمة مخرجات التعليم والتدريب المهني لاحتياجات سوق العمل الأردني، اضافة الى عدم رغبة أصحاب العمل أحياناً في توظيف العمالة الاردنية نظراً لانخفاض إنتاجيتهم وارتفاع أجورهم مقارنة مع العمالة الأجنبية، وعدم تقبلها للعمل في بعض المجالات نظراً لظروف العمل، كالأجر وبيئة العمل، أو لعوامل اجتماعية.
وبالنسبة الى العلاقة بين النمو الاقتصادي والبطالة، أوضح المنتدى أن هناك علاقة ارتباط سلبية واضحة ما بين تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي وبين ارتفاع معدلات البطالة في الأردن خلال الفترة 2008-2020.
وأكد أهمية التركيز على اتجاه العلاقة السببية بين المتغيرين: متسائلا هل ينتقل الأثر من النمو الاقتصادي الى معدلات البطالة نتيجة انخفاض أرباح الشركات وبالتالي تتوجه الشركات للاستغناء عن العمالة أو تخفيض حجم العمالة لديها، أم من البطالة الى النمو الاقتصادي، بمعنى هل يؤدي ارتفاع معدلات البطالة الى تراجع النمو الاقتصادي الكلي بسبب تراجع حجم القوى العاملة في السوق وبالتالي تراجع الإنتاجية لدى الشركات.