صدى الشعب – كتبت: آلاء سلهب التميمي
زيارة اليميني المتطرف إيتمار بن غفير لزنزانة الأسير القائد مروان البرغوثي لم تكن حدثًا عابرًا أو زيارة روتينية.
فهي مشهد سياسي وأمني محمّل بالرسائل المبطّنة، يُراد من خلاله تكريس صورة الاحتلال المتغطرس أمام شعب أعزل، وبعث رسالة تهديد لكل من يرفع صوته في وجهه.
وفي الصور والمقاطع التي تسرّبت، بدا البرغوثي بملامح تغيّرت بشكل واضح؛ وجه نحيل، تقاطيع متعبة، وجسد يروي من خلال صمته ما لم تقله الكلمات.
هذا التحوّل في شكله لا يمكن قراءته بعيدًا عن ظروف العزل الانفرادي التي يعيشها منذ سنوات، ولا عن سياسة التجويع الممنهج وتقليل حصص الطعام، في محاولة لكسر الجسد تمهيدًا لكسر الروح.
زيارة الارهابي بن غفير لم تكن مجرد تفتيش أمني، بل هي استفزاز واضح ومقصود ومحاولة إذلال، تحمل في طياتها رسالة مفادها أن الاحتلال قادر على الوصول لأي أسير وفي أي وقت.
ولكنها أيضًا تكشف حجم القلق الإسرائيلي من رمزية البرغوثي، ومن قدرته على البقاء ثابتًا رغم القيود والجدران السميكة.
البرغوثي، أيقونة الصمود الفلسطيني، يدرك أن معركته اليوم ليست فقط مع سجّانيه، بل مع الزمن ومع الحرب النفسية التي يحاول الاحتلال الصهيوني فرضها عليه.
وحين يخرج إلينا بوجهٍ تغيّر بفعل الجوع والقهر، فإنه لا يعلن هزيمته، بل يفضح وحشية السجّان وهمجيته أمام العالم.
إن ما جرى يعكس حقيقة الاحتلال سلطة تخاف من الأسير أكثر مما تخاف من جيش، وتعلم أن الكلمة الصادقة والفكرة الحرة يمكن أن تهزّ عروش القوة الزائفة.
ومروان البرغوثي، برغم العزل والجوع، يثبت أن إرادة الحرية لا تُهزم، وأن السجن مهما طال يبقى مؤقتًا أمام حلم وارادة لوطن مستقل.
وقد ينجح الاحتلال في إنهاك الجسد، لكنه لن ينجح في إخماد الفكرة والمبدأ والمقاومة.
والبرغوثي، يعتبر رمز البطولة ومرآة يرى فيها الفلسطينيون أنفسهم، وعنوان لمعركة الكرامة التي لن تسقط بالتقادم.
صورة مروان البرغوثي التي حاول الاحتلال أن يجعلها رمزًا للهزيمة، تحوّلت إلى شهادة حية على الجريمة، وإلى دليل جديد على أن الجوع والعزل لا يكسِران عزيمة الحرية.
سيخرج البرغوثي يومًا من سجنه، لكن وجهه الذي حمل آثار القهر سيظل شاهدًا على أن الاحتلال لا يعرف إلا لغة القمع والظلم والوحشية، وأن الكرامة أقوى من السلاسل، وأن صوت الأسير الصامد أبلغ من كل الخطابات.





