العلاقات العامة والإعلام : تكامل استراتيجي في عصر الإعلام الرقمي
صدى الشعب _ أسيـل جمـال الطـراونـة
في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها المشهد الإعلامي والاتصالي، تؤكد الدكتورة ناهدة محمد مخادمة، الأستاذ المشارك في قسم الصحافة والإعلام بجامعة اليرموك، أن العلاقات العامة والإعلام يشكلان ركيزتين أساسيتين في عملية الاتصال المؤسسي الحديث، إذ يكملان بعضهما البعض في تحقيق الأهداف المنشودة.
وتوضح الدكتورة مخادمة أن الإعلام يوفر المنصة والجمهور، بينما تقوم العلاقات العامة بصياغة الرسائل والمحتوى الموجه، مما يجعل العلاقة بين الطرفين تكاملية بالدرجة الأولى.
فالعلاقات العامة تعتمد بشكل أساسي على وسائل الإعلام لنقل رسائلها وتعزيز صورة المؤسسات، بينما يستفيد الإعلام من البيانات الصحفية والمعلومات التي تزود بها العلاقات العامة كأحد أهم مصادر الأخبار المؤسساتية.
وعلى الرغم من هذا التكامل، تشير إلى وجود فروق جوهرية بين المجالين، إذ أن الإعلام يُعنى بنقل الأخبار والمعلومات للجمهور بشكل موضوعي ومستقل، أما العلاقات العامة فتركز على تحسين الصورة الذهنية للمؤسسة، وبناء علاقات إيجابية مع جمهورها الداخلي والخارجي. فالإعلام يهدف إلى الإخبار، بينما تسعى العلاقات العامة إلى التأثير وبناء الثقة.
ورغم هذا التمايز، إلا أن التواصل مع وسائل الإعلام يبقى من أهم وظائف العلاقات العامة لتحقيق إدارة السمعة.
وفيما يتعلق بمكانة العلاقات العامة اليوم، ترى الدكتورة مخادمة أنها كيان مستقل بذاته، له أدواته واستراتيجياته الخاصة، إلا أنه يحتفظ بعلاقة تكاملية قوية مع الإعلام، فوسائل الإعلام تظل القناة الرئيسية التي تعتمد عليها العلاقات العامة لنقل رسائلها إلى الجمهور، لا سيما عبر البيانات الصحفية، المؤتمرات، والمقابلات.
وفي ظل التحول الرقمي، تؤكد الدكتورة ناهدة أن موظف العلاقات العامة مطالب بامتلاك مجموعة من المهارات الأساسية التي تمكّنه من أداء مهامه بفعالية، من بين هذه المهارات: إدارة المحتوى الرقمي بأسلوب تفاعلي، استخدام أدوات تحليل البيانات وقياس التفاعل، التواصل مع الجمهور عبر المنصات الاجتماعية، بالإضافة إلى القدرة على إدارة الأزمات بسرعة، واستخدام الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالأزمات وتقديم الحلول المناسبة.
وتشدد مخادمة على أن العلاقات العامة هي حجر الأساس في بناء الصورة الذهنية، مؤكدة أن إدارة السمعة تمثل جوهر عمل العلاقات العامة في أي مؤسسة.
وتشير مخادمة إلى دور الإعلام في تشكيل الرأي العام وتقول أن الإعلام لا يقتصر على نقل الأحداث، بل يساهم في تأطيرها وتوجيه انتباه الجمهور نحو قضايا معينة، مما يعزز من قدرته على التأثير المجتمعي.
كما تبرز أهمية التناغم بين الإعلام والعلاقات العامة في هذا السياق، حيث تعمل العلاقات العامة على صياغة مواقف المؤسسات تجاه القضايا المطروحة، بالتنسيق مع وسائل الإعلام، من أجل التأثير في الرأي العام بما يتماشى مع رسالة المؤسسة المجتمعية.
وبذلك، يمكن القول إن العلاقات العامة والإعلام في العصر الرقمي يشكلان تحالفًا استراتيجيًا يعزز من قدرة المؤسسات على التفاعل مع الجمهور، والتأثير في محيطها الاجتماعي بصورة فعالة ومستدامة.






